█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ ˝وأخيرًا وجد فيتلوورث عازف الموسيقى داخل الغرفة الفينيسية؛ حيث تجمع حوله حشد كبير وقد وقف في المنتصف بجوار لوحة باكوس وأدريان للرسام تيتيان. كان رجلًا طويلًا ونحيفًا ذا مظهر شاذ غريب الأطوار، يرتدي قبعة مستدقة الطرف من اللباد وعباءة طويلة، ويبدو غير واعٍ تمامًا بجمهوره. وفي اللحظة التي وصل فيها فيتلوورث كان يعزف مقطوعة «كرنفال فينسيا» بإلهام ومهارة مع تنويعات لحنية منمقة، بينما ثبَّت عينَيه على اللوحة وهو يتأملها. فتحكم فيتلوورث في ملامحه بقدر ما استطاع وهو يخوض طريقه وسط الحشد حتى وصل إلى العازف وربت على كتفه برفق˝ . ❝
❞ وجد فيتلوورث نفسَه أمام معضلة؛ إذ لا تُوجَد قاعدة صريحة تمنع عزف الآلات الموسيقية في المعرض، كما أن التصرف بحد ذاته لم يكن فيه ما يُخالف القانون؛ علاوة على أن حُجة العازف الغريب، رغم كونها خيالية وغير واقعية، قد سِيقَت بلباقة ومنطقية؛ مما شكَّل صعوبة في التعامل معها. فحافظ على ابتسامته وهو يُحاول تقدير الموقف للوصول إلى قرار سليم، بينما توقَّف العازف الغريب أمام لوحة «صعود سانت أورسولا» للرسام كلود لورين، وعلى الفور بدأ في عزف حزين لمقطوعة «المغادرة إلى سوريا». كانت سخرية الموقف أكبرَ مما يُمكن لفيتلوورث احتمالُه، ولم يستطع استجماع قدرته على الاعتراض مجددًا إلا بعد أن شارفت المقطوعةُ على النهاية؛ وبينما تحرك العازف الغريب مبتعدًا عن اللوحة، أبلغه فيتلوورث اعتراضَه المهذب وحثَّه على التوقف. عاود العازف النظر إلى فيتلوورث بتأنيب مندهش، وراح يحثُّه مجددًا على مراعاة الصلة الوثيقة بين الأنواع المختلفة للجمال، مستشهدًا بعروض الآنسة مود آلن كمثال مألوف وشهير، وبينما أخذ فيتلوورث يقدح زِناد فكره لإيجاد ردٍّ مناسب، توقف العازف أمام بورتريه إليسا بونابرت للرسام جاك لويس ديفيد، وحدَّق فيها بنظرة نارية، ثم انطلق يعزف مقطوعة «مرسيليا» . ❝
❞ ˝قال ثورندايك وهو يتابع نظراتي: «حسنًا، ما تقول في الرجل؟»
أجبته: «لا أعرف حقًّا، تُوحي عدسةُ كودينجتون المكبِّرة أنه من أنصار المذهب الطبيعي أو عالم في مجال ما، ولكن هذا الخاتم الكبير يستبعد هذا التخمين. لعله يعمل في جَمْع الأشياء القديمة أو القِطَع النقدية أو حتى الطوابع البريدية. إنه يتعامل مع الأشياء الصغيرة من نوع ما.» . ❝