█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ “لم يتفوه بكلمة، ولم يتحرك، محاولًا استعادة إيقاع تنفسه الطبيعي. ربما سمعته مالفينا وفهمته. استدارت نحوه. أجبرتها أشعة الشمس على إغماض عينيها قليلًا، فبدت مبتسمة، ابتسامة حزينة، هدنة سوداوية، ويأس هادئ. سعل مارك، لن يعترف لمالفينا بحقيقة اضطرابه، لكنه شعر بأن تنفسه ينتظم شيئًا فشيئًا. حتى لو أجبروه فلن يعترف بأن وجود هذه المجنونة بجانبه كان يشعره بالأمان، بخاصة وهما في هذا الملاذ الذي يتقاسمان سره.“ . ❝
❞ إنني أكبر وأميل إلى الصمت أكثر فأكثر، صارت تمرضني فكرة الكلام كلها، لم يكن الكلام سلواي في يوم من الأيام، وقد عرفت مبكرة أن بإمكاني أن أحيا أيامًا طويلة دون أن أقول شيئًا، ودون أن أشعر بأن شيئًا ما ينقصني، إن الصمت نعمة هائلة مسلوبة منَّا. أحيانًا عندما أستيقظ من النوم ثم أطفئ المكيف أغمض عينيّ وأستسلم لصمت غرفتي، وأشعر كما لو كنت لم أعِ بعد، أشعر كما لو كنت أسبح في محيط من عماء أبدي، حيث لا شيء يرف حولي غير الماء ومن فوقه العرش. أفكر في أننا نولد من الصمت ونؤول إلى صمت لكننا لا نفهم إلا متأخرين أن ضجيجنا وصخبنا ليس أكثر من رفة جناحٍ عابرة، وأنا ما عادت تغريني رفة الجناح! ما عدت أريد غير الصمت، الصمت الذي ربضت في كنفه الخليقة دهورًا قبل أن يخلق الله آدم وحواء، الصمت الذي تسبح فيه دون قلق كل الأرواح التي انعتقت من قيد أجسادها فغدت خفيفة لينة غير عابئة بأن تُرى أو تُجرح أو تمرض أو تعذب أو تحترق أو تهان، تمضي حرة موقنة بأنها لم تعد قابلة لأن تُمس! ولم يعد ثمَّ ما يجعلها عرضة للألم.تلاشى الجسد وانطلقت هي إلى صمتها القديم، إلى جنةٍ غادرتها وتعذبت طويلاً قبل أن تعود إليها . ❝