يسبب الفقدُ جروحاً قد نقوى على تحمُّل آلامها، لكنها لا تشفى، تبقى مكشوفة كلما عبثت بها الذكرى تستدعي نفس الألم وبجرعاتٍ ربما أكبر، ولكن السؤال هل تحزن الأشياء على فقد أصحابها كما يحزن البشر؟! هذا ما ستجد إجابته حتماً في هذه الرواية ملخص العمل : . ❝ ⏤إيمان مختار قاسم
ملخص كتاب ❞ساعات متوقفة ❝ ، بقلم أريج دكة شرفا
يسبب الفقدُ جروحاً قد نقوى على تحمُّل آلامها، لكنها لا تشفى، تبقى مكشوفة كلما عبثت بها الذكرى تستدعي نفس الألم وبجرعاتٍ ربما أكبر، ولكن السؤال هل تحزن الأشياء على فقد أصحابها كما يحزن البشر؟! هذا ما ستجد إجابته حتماً في هذه الرواية
من أكثر الأغلفة التي تحمل تحليلاً لكل تفصيلة في داخله، فنجد ساعتين تمثلان الفقد والانتهاء لأعز شخصين يمكن أن نفقدهما، الأم وشريك الحياة، فتشابهَ بطلا الرواية في أن كل منهما عانى من ويلات الفقد، أرقام الساعتين جاءت باللاتينية وأعتقد أن ذلك ليس محض صدفة فاللاتينية كما يقال عنها لغة ميتة قل استخدامها فلربما تلاءم تواجدها لتضفى موتاً من نوع آخر على الموت هنا، درج طويل لا متناهي متصل بإحدى الساعتين كأنه يمثل طريق الحياة والسنوات الطويلة التي نحياها نكافح، نقاوم، نواجه صعاب الحياة إلى أن ينتهي مكاننا فيها ويتوقف عند لحظةٍ ما نبضنا، وربما مثّلَ الدرج المشهد الأخير في الرواية عندها هرعت البطلة تجري على سلم منزل والدتها، ولكنني أحبذ التحليل الأول لما فيه من رؤية وأبعاد فلسفية، أما النافذة فهي جزء من بيت الأم، البيت الدافئ الذي احتضن ذكريات البطلة قبل جسدها، النافذة هي تلك الكوة التي تجعلنا نُبحر في عوالم متنوعة فلربما كانت النافذة بوابة إلى العالم الآخر، أطلت البطلة في زاوية الغلاف اليسرى بوجهٍ جميل وملامح باهتة شاحبة مترددة خائفة من مواجهة ....... [المزيد]
- الإهداء :
جاء الإهداء على جزئين الأول واضح مباشر لا بلاغة فيه وجهته الكاتبة إلى أمها مع أمنياتها بأن يصلها حيثُ كانت وهي بعبارتها تلك باحت لنا ببلاغة عن فقدها لوالدتها رحمها الله، والجزء الآخر كان محملاً ببلاغة تليق بالمُهدى إليهم، فكان لأولئك الذين يتركون أثراً في قلوبنا يجعلهم باقون معنا رغم رحيلهم.
.
كنوع من لفت الانتباه بدأت الكاتبة روايتها بتحذير من القراءة على صورة نصيحة من مثقفة واعية، مما دعاني لإكمال فتح باب الرواية فكما تعلمون كلُ ممنوعٍ مرغوب، كانت البداية فعل ماضٍ لحدثٍ قد انتهى ولكن ما زال أثره سكيناً يثخنُ البطلة جراحاً، كانت البداية بالموت، بالنهاية، بالأفول، بتساؤلٍ وتعجب، فكيف لموت أحدهم تتوقف ساعةُ بيته حزناً على فقده، تتوقف عند الرقم "أحد عشر" وكأن الكاتبة لم تكتبه اعتباطاً فلهذا الرقم دلالات روحانية وعلاقة وطيدة بالعالم الآخر، وجوده دلالة على الصدق والحساسية وهما صفتان تميزت بهما البطلة.
تتنقل بين صفحات الرواية وأنت مستمتع باللغة السليمة، الفصحى، السلسة (سرداً وحواراً)، تبتسم رغم الألم عند قراءتك الخواطر المنثورة بين فصول الرواية والتي تجعلك متيقن تماماً أن الكاتبة بارعة جداً في غزل خواطرها كبراعتها في السرد وربما أكبر بكثير، جاء السرد متردد على لسان الأبطال تارة ولسان الراوية تارة أخرى، راقني الوصف لكنني لم أكتفِ بتفاصيل مواصفات الشخصيات، أبعادها وملامحها.
نقلت الكاتبة بعض المشاهد بطريقة عبقرية وكأنك تشاهدها ....... [المزيد]
في وصف مشهد العزاء وتجسيد بعض الشخصيات التي تحضره، وفي مكان آخر حاولت الكاتبة مشاكسة القارئ حين وصفت ما كان يفعله البطل أيمن مع زوجته منة حيث ذكرت بصدد ذلك: "لا تتعجب أيها القارئ، لا زال هناك رجال من هذا النوع" لتضفي بذلك بعض المرح والتفاعل مع القارئ.
عرضت الكاتبة مشاعر الزوج الذي فقد زوجته والابنة التي فقدت أمها والجميل أنها وصفت ذلك الفقد بجملة تكرر معناها على لسانيهما (لا لم تفارقها الحياة، بل لا زالت تتنفس وتملأ الفراغ من حولي) فالموتى قد ترحل أجسادهم لكن أرواحهم تعتني بنا تماماً كما لو كانوا أحياء.
صوت الذكريات والأحلام وعذاب الروح يطغى في الكثير من الأماكن، إلى أن يبدده حدث جلل يغير من مسار الأحداث.
الحبكة قوية تمثلت في الفقد، وبدأت بعدها الكاتبة تُأقلم أبطالها على العيش في هذه الظروف والتصالح مع الذات وإكمال الطريق فما الموت إلا سنة من سنن الحياة.
راقني تعبير لا أستطيع التغاضي عنه (فتاة خمسينية حمقاء) وصف صراحة في غير محله؛ فالفتاة لفظ يطلق على المرأة الشابة ما دون الثلاثين، كذلك الصفة حمقاء لا أعتقد أن امرأة في الخمسين تتصف بالحماقة إلا إن ....... [المزيد]
هنا يكمن الإبداع بأن تبدأ الرواية بتوقف الساعة، توقف الحياة، الموت، الإحباط، لتنتهي ب (أتعود للساعة دقاتها؟!) تنتهي ببزوغ الفجر، بالحياة الجديدة، بالأمل، بالاستمرار والمواصلة فالنبض قد عاد.