█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ و نجد مثل هذه الدقة البالغة في إختيار اللفظ في كلام إبليس حينما أقسم على ربه قائلا : (( فبعزتك لأغوينهم أجمعين )) ..
أقسم إبليس بالعزة الإلهية و لم يقسم بغيرها ، فأثبت بذلك علمه و ذكاءه ، لأن هذه العزة الإلهية هي التي اقتضت استغناء الله عن خلقه ، فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر ، و لن يضروا الله شيئا ، فهو العزيز عن خلقه ، الغني عن العالمين ..
و يقول الله في حديثه القدسى : (هؤلاء في النار و لا أبالي ، و هؤلاء في الجنة ولا أبالي ) .. و هذا مقتضى العزة الإلهية .. وهي الثغرة الوحيدة التي يدخل منها إبليس ، فهو بها يستطيع أن يضل و يوسوس ، لأن الله لن يقهر أحدًا اختار الكفر على الإيمان .. و لهذا قال "فبعزتك " لأغوينهم أجمعين ..
(( لأقعدن لهم صراطك المستقيم ، ثم لاتينهم من بين أيديهم و من خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم)) ..
ذكر الجهات الأربع ، و لم يذكر من فوقهم و لا من تحتهم .. لأن "فوق " الربوبية ، و " تحت " تواضع العبودية .. و من لزم مكانه الأدنى من ربه الأعلى لن يستطيع الشيطان أن يدخل عليه ..
ثم ذكر إبليس أن مقعده المفضل للإغواء سوف يكون الصراط المستقيم .. على طريق الخير و على سجادة الصلاة ، لأن تارك الصلاة و السكير و العربيد ليس في حاجة إلى إبليس ليضله ، فقد تكفلت نفسه بإضلاله ، إنه إنسان خرب .. و إبليس لص ذكي ، لا يحب أن يضيع وقته بأن يحوم حول البيوت الخربة .
. ❝