█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ غزوة مؤته ..
وهي بأدنى البلقاء من أرض الشام ، وكانت في جمادى الأولى سنة ثمان للهجرة ، وكان سببها أن رسول الله ﷺ بعث الحارث بن عمير الأزدي أحد بني لهب بكتابه إلى الشام إلى ملك الروم أو بصرى ، فعرض له شرحبيل بن عمرو الغساني ، فأوثقه رباطاً ، ثم قدّمه فضرب عنقه ، ولم يُقْتَل لرسول الله ﷺ رسول غيره ، فاشتد ذلك عليه حين بلغه الخبر ، فبعث البعوث ، واستعمل عليهم زيد بن حارثة ، وقال ﷺ ( إن أصيبَ فَجَعْفَرُ بْن أبي طالب عَلَى النَّاسِ ، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ ، فَعَبْدُ الله بن رواحة ) ، فتجهز الناس وهم ثلاثة آلاف ، فلما حضر خروجهم ، ودع الناسُ أمراء رسول الله ﷺ ، وسلموا عليهم ، فبكى عبد الله بن رواحة ، فقالوا : ما يُبكيك ؟ فقال : أما والله ما حب الدنيا ولا صَبابَةٌ بكم ، ولكني سمعت رسول الله ﷺ يقرأ آيةً مِن كتاب الله يذكرُ فيها النار { وإن مِنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْما مقضيا } ، فلست أدري كيف لي بالصَّدَرِ بَعْدَ الوُرُودِ؟ فقال المسلمون : صحبكم الله بالسلامة ، ودفع عنكم ، وردّكم إلينا صالحين ، ثم مَضَوْا حتى نزلوا مَعَان ، فبلغ الناسَ أَن هِرَقْل بالبلقاء في مئة ألف من الروم ، وانضم إليهم من لخم ، وجُذام ، وبَلْقَيْن ، وبَهْرَاء ، وبَلي ، مئة ألف ، فلما بلغ ذلك المسلمين ، أقاموا على معان ليلتين ينظرون في أمرهم وقالوا : نكتُبُ إلى رسول الله ﷺ فَنُخبِرُه بعدد عدونا ، فإما أن يُمدنا بالرجال ، وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له ، فشجع الناس عبد الله بن رواحة ، فقال : يا قوم والله إن الذي تكرهون للتي خرجتُم تطلبون : الشهادة ، وما نُقاتِلُ الناس بعدد ولا قُوَّة ولا كثرة ، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا به الله ، فإنطلقوا ، فإنها إحدى الحسنيين ، إما ظَفَر وإما شَهَادَةٌ ، فمضى الناس حتى إذا كانوا بتحوم البلقاء ، لقيتهم الجموع بقرية يقال لها : مشارف ، فدنا العدو ، وانحاز المسلمون إلى مؤتة فالتقى الناس عندها ، فتعبئ المسلمون ، ثم اقتتلوا والراية في يد زيد بن حارثة ، فلم يزل يقاتل بها حتى شَاط في رماح القوم وخر صريعاً ، وأخذها جعفر ، فقاتل بها حتى إذا أرهقه القتال ، اقتحم عن فرسه فعقرها ، ثم قاتل حتَّى قُتِلَ ، فكان جعفر أوَّل من عَقَرَ فرسَه في الإسلام عند القتال فقُطِعَتْ يمينُه ، فأخذ الراية بيساره فَقُطِعَتْ يساره ، فاحتضن الراية حتى قُتِلَ وله ثلاث وثلاثون سنة ، ثم أخذها عبد الله بن رواحة ، وتقدم بها وهو على فرسه ، فجعل يستنزل نفسه ويتردد بعض التردد ، ثم نزل ، فأتاه ابن عم له ، بعرق من لحم فقال : شُدّ بها صُلْبَك ، فإنك قد لقيتَ في أَيَّامِكَ هَذِهِ ما لقيت فأخذها من يده فانتهس منها نهسة ، ثم سمع الحَطَمَة في ناحية الناس ، فقال : وأنت في الدنيا ، ثم ألقاه من يده ، ثم أخذ سيفه وتقدَّم ، فقاتل حتَّى قُتِلَ ، ثم أخذ الراية ثابت بن أَقْرَم أخو بني عجلان فقال يا معشر المسلمين ، اصطلحوا على رجل منكم ، قالوا : أنتَ ، قال: ما أنا بفاعل ، فاصطلح الناس على خالد بن الوليد ، فلما أخذ الراية دافع القوم ، وحاش بهم ، ثم انحاز بالمسلمين وانصرف بالناس ، وأطلع الله سبحانه على ذلك رسوله ﷺ من يومهم ذلك ، فأخبر به أصحابه ، وقال ﷺ ( لَقَدْ رَفِعُوا إِليَّ في الجَنَّةِ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ عَلَى سُرُرٍ مِنْ ذَهَبٍ فَرَأَيْتُ فِي سرير عَبْدِ الله بن رواحة ازْوِرَاراً عَنْ سَرِيرِ صَاحِبَيْهِ ، فقلت : عَمَّ هذا ؟ فقيل لي : مَضَيا ، وَتَرَدَّدَ عَبْدُ اللَّه بَعْضَ التَّرَدُّدِ ثُمَّ مَضَى ) . ❝