❞ميلان كونديرا❝ المؤلِّف الفرنسي - المكتبة

- ❞ميلان كونديرا❝ المؤلِّف الفرنسي - المكتبة

█ حصرياً جميع الاقتباسات من أعمال المؤلِّف ❞ ميلان كونديرا ❝ أقوال فقرات هامة مراجعات 2024 روائي فرنسي أصول تشيكية هو أشهر الروائيين اليساريين حصل جائزة الإندبندنت لأدب الخيال الأجنبي العام 1991 حياته الشخصية ميلان هوكاتب وفيلسوف تشكية ولد الأول أبريل عام 1929 لأب وأم تشيكين كان والده لودفيك كونديراعالم موسيقى ورئيس جامعة جانكيك للآداب والموسيقى ببرنو تعلم العزف البيانو ولاحقا درس علم الموسيقى والسينما والآدب تخرج 1952 وعمل استاذاً مساعداً ومحاضراً كلية السينما أكاديمية براغ للفنون التمثيلية أثناء فترة دراسته نشر شعراً ومقالاتٍ ومسرحيات والتحق بقسم التحرير عدد المجلات الأدبية التحق بـالحزب الشيوعي 1948 ولكنه فُصل والكاتب جان ترافولكا 1950 بسبب ملاحظة ميول فردية عليهما عاد بعد ذلك 1956 لصفوف الحزب مرة أخرى 1970 نشر 1953 أول دواوينه الشعرية لكنه لم يحظ بالاهتمام الكافى ولم يُعرف ككاتب هام الا 1963 مجموعته القصصية الأولى غراميات مضحكة فقد وظيفته 1968 الغزو السوفييتى لتشيكوسلوفاكيا انخراطه فيما سُمى ربيع اضطر للهجرة إلى فرنسا 1975 منع كتبه التداول لمدة خمس سنوات رين ببريتانى (فرنسا) الجنسية الفرنسية 1981 تقدمه بطلب لذلك إسقاط التشيكوسلوفاكية عنه 1978 كنتيجة لكتابته كتاب الضحك والنسيان تحت وطأة هذه الظروف والمستجدات حياته كتب كائن لاتحتمل خفته التي جعلت منه كاتباً عالمياً معروفاً لما فيها تأملات فلسفية تنضوي خانة فكرة العود الأبدي لنيتشة في 1995 قرّر أن يجعل لغة لسانه الأدبي خلال روايته «البطء» وفي هذا السياق قال فرنسوا ريكار المقدمة كتبها عن «لابليياد» انّه حقق معادلة غريبة كتابته بالفرنسية إذ شعر قارئ بأنّ هي لغته الأصلية تفوّق نفسه وعنه أيضاً يقول الكاتب البريطاني رينيه جيرار: «انّ المدرسة ينتمي اليها ليست إنكليزية الإطلاق لكونها لا تولي موضوع العمل أو مضمونه الأولوية بل الأهمية تكمن الأسلوب الإبداعي والعمارة شكل وعندما قرأت بودابست قرّرت أصبح روائياً تأثير الدهشة والإعجاب بهذا الإبداع أكتب وإنما تبعاً لمنهج الأوروبية وليس البريطانية» أهم مؤلفاته الروايات غراميات 1963 المزحة 1965 كتاب ترجمه غلى العربية محمد التهامي العماري ونشره المركز الثقافي العربي 2009 الخلود 1988 روز مخلوف ونشرته دار ورد 1999 البطء كائن تحتمل (هذه الرواية حولت فيلم بعنوان L'insoutenable légèreté de l'être'' ) الحياة مكان آخر الجهل الهوية فالس الوداع حفلة التفاهة كتب فن فن الرواية مقالات كتبه ثلاثية حول الرواية: الوصايا المغدورة الستار عندما يُقدم قرائه كما فعل كتابه «ثلاثية الستار» الذي نقله والأكاديمي السوري بدر الدين عرودكي ضمن المشروع القومي للترجمة فالأمر يختلف منطلقاته ونتائجه ينطلق كلامه مقولات وتاريخية تبدأ مع هوسرل وديكارت الفلسفة ومع سرفانتس ورتيشاردسون وتولستوي وجويس تقوم المقولات المنبثقة اليونانية طوّرها الفلاسفة ما تنظر العالم مجموعه بصفته مشكلة يجب حلّها عبر تعميق المعرفة التقنية والرياضية بها متناسية المحسوس للحياة: «لقد صار الإنسان ارتقى سابقاً ديكارت مرتبة سيّد الطبيعة ومالكها مجرّد شيء بسيط نظر قوى والسياسة والتاريخ تتجاوزه وترتفع فوقه وتمتلكه يكن لكيانه لعالم القوى أي اعتبار» والواقع والعلوم قد نسيت كينونة ابتداء سعت سبر كيان الكائن المنسيّ وقد اكتشفت أربعة قرون تاريخ أوروبا مختلف جوانب الوجود تساءلت معاصري عما المغامرة وبدأت ريتشاردسون فحص «ما يدور الداخل» الكشف الحياة السرية للشاعر واكتشفت بلزاك تجذّر التاريخ وسبرت فلوبير أرضاً كانت حتى الحين مجهولة أرض اليومية وعكفت تولستوي تدخل اللاعقلاني القرارات السلوك البشري واستقصيت اللحظة الماضية مارسل بروست واللحظة الحاضرة يمكن القبض عليها جيمس جويس اكتشاف وسرّه والمخفي آن وحدها دون سواها تكشفه وهو يبرّر وجودها واذا فهم الأنا المفكر أساس كل والوقوف مواجهة الكون وحيداً موقفاً اعتبره هيغل بحق بطولياً فإن شيئاً غامضاً يتطلب قوة تقل عظمة أنا يرى ان البحث زرعه عقول الناس سينتهي دائماً الشعور بالعجز بينما اضاءة حدود يعتبر اكتشافاً كبيراً واستثماراً ادراكياً هائلاً فكافكا سبيل المثال يتصوّر بطريقة غير منتظرة فهو يعرّف كـ «بطل رواية القصر» بمظهره الخارجي ولا بسيرته بإسمه بذكرياته بميوله وعقده أفعاله وانما بأفكاره الداخلية يكتب كونديرا «كافكا يتساءل الدوافع تحدد سلوك يطرح سؤالاً مختلفاً جذرياً: امكانات تبقت له عالم باتت فيه الأسباب الخارجية ساحقة حدّ تعد معه المحركات تزن شيئاً؟» يذهب تقليبه لصفحات الفن الروائي اعتبار الشخصية والعالم تتحرك كناية قصوى منجزة للعالم الإنساني و«تجعلنا نرى بذلك نحن عليه وما قادرون عليه» بمعنى تفحص الواقع والوجود ليس جرى حقل الإمكانات الإنسانية يصيره وكل قادر ويذهب أبعد طارحاً السؤال الأنطولوجي يتعلّق بهوية الفرد قائلاً: الفرد؟ وأين تتركز هويته؟ تبحث الروايات كلها جواب الأسئلة والحقيقة بأي تعرّف نفسها؟ أبما تفعله شخصية بأفعالها؟ لكن الفعل يفلت مؤلّفه وينقلب تقريباً الدوام أما بحياتها إذاً بالأفكار بالمشاعر الخبيثة؟ ولكن يقدر انسان نفسه؟ تستطيع أفكاره الخبيئة تكون مفتاح هويته؟ أم يُعرّف برؤيته بأيديولوجيته؟» هذه التساؤلات ماهية يجيب عنها مباشرة يستعير الجواب توماس مان يقول: «نفكر أننا نتصرف نفكر أمراً آخر آخرين يفكر ويتصرف فينا: عادات سحيقة نماذج أصلية انتقلت صارت أساطير جيل تملك هائلة السحر تهدينا اعتباراً بئر الماضي» التفكير الركائز قبل تتوضح أكثر المترجم حديثه فنه لأحد الصحافيين ببداية التأكيد رواياته روايات سيكولوجية اذ بالفعل يتميز الآخرين ويصير فرداً وحين يكف ادراك ملاحقته اللامرئي حيث تعترف الشخصيات بأفعالها ومشاعرها وأفكارها إذا كنت أضع نفسي وراء السيكولوجية فلا يعني أنني أريد حرمان شخصياتي ثمّة الغازاً ومسائل تلاحقها رواياتي المقام الأول» وهذا يعود ويؤكده قصته «ادوار والإله» يستنتج إدوار بطل أمضى ليلة الحب الفتاة أليس أصيب بوعكة صحية فقد ينظر صديقته ويقول لنفسه: «ان أفكار إلا ملصوقاً مصيره وأن جسده يعد تجميعاً عرضياً لجسد وأفكار وسيرة عضوي وتعسفي وقابل للتغيير» ويتساءل أين تنتهي؟ يجيب: «ليس ثمة دهشة ازاء نهائية النفس المسبورة بالأحرى أمام يقينية هويتها» اذا سيكولجية يعترف فكيف أدرك أشخاص أناهم السيكولوجية؟ كونديرا: «إن جوهر اشكاليتها الوجودية رمزها الوجودي ففي «خفة الهشة» يبدو رمز تلك أنه يتألف بعض الكلمات الجوهرية «فبالنسبة تريزا مثلاً: الجسد الدوار الضعف المثل الأعلى الجنة وبالنسبة الخفّة الجاذبية» «ولكل واحدة دلالة مختلفة الرمز للآخر» وتتكشف بالتدريج الأفعال المواقف الاستجواب التأملي (التأمل الاستجوابي القاعدة بنيت كونديرا) ويوضح مفهومه للرواية «الحياة آخر» بقوله انها تعتمد أسئلة عدة! الموقف الغنائي؟ الشباب مرحلة غنائية العمر؟ معنى الزواج المثلث! الغنائية الثورة الشباب؟ وماذا يكون المرء شاعراً؟ «أذكر مكتب كتبت فرضية عمل تتمثل التعريف سجلته مذكرتي: الشاعر شاب تقوده أمه يعرض عارياً يعجز الدخول فيه» وهذا يظهر سوسيولوجياً جمالياً سيكولوجياً جعل ماحية المضي النهاية المضيّ يؤخذ سرد أحوال الشخص التساؤل اشكاليته عند يصطدم بالفلسفة يستطيع الابتعاد عنهما الاستغراق تفاصيلهما يوضح اذا نصيراً لحضور قوي للتفكير فهذا يحبّ الفلسفية القصّ لأفكار أخلاقية سياسية الأصيل تفكير نسقي منضبط انه قريب الفيلسوف الألماني نيتشه تجريبي يقتحم الثغرات أنساق الفكر ويفحص دروب محاولته الذهاب غاية منها جهة ثانية حركاته وحروبه وثوراته يهمّ لذاته موضوعاً للوصف والتأويل يهمه النور الكشاف يسلطه وعلى امكاناته المتوقعة حين يستعرض مؤرخو الأدب المستقبل سيتوقفون شك أغنى برؤية امتداداته النفسية والاجتماعية والسياسية رؤية تفكر بالجوانب المنسية الكيان وترفعها مستوى والمحسوس علاقة بالرواية سيجدون قرّب التقريب يريد أقل روائيةً روائيين مثلما العالم يحتمل «مزحة» بين والتفاهة والضحك والمزاح تتوزّع عناوين معظم لتُشكّل وحدة الثيمات اشتغل صاحب «غراميات مضحكة» فالكاتب التشيكي والآداب اختار يُعبّر الموضوعات الأكثر صرامةً بالأساليب هزلية فظلّت المفردات العبثية أشبه بدعامات إبداعات تُحتمل» و«المزحة» «الضحك والنسيان» و«الجهل» و«حفلة التفاهة» ومع تعمّق السياسة والفكر والفلسفة واختبر الحزبية الشيوعيين ارتأى (1929) سمة كتاباته تُرعبه التسلية والإمتاع فعلت بأبناء جيله الأدباء الذين عايشوا الغليان الحزبي والإيديولوجي خلاف سائداً أدب النصف الثاني القرن العشرين يرَ وسيلةً يُمرّر خلالها أفكاراً «عظيمة» يعتقد إنما بحث يقدم توليفة مثالية بين المعنى الجادّ والأسلوب المُسلّي غرار قدّم سرفانتيس «دون كيشوت» مثلاً ديدرو رائعته «جاك القدري» وبالفعل طغى المزاج التهكميّ غالبية قدّمه كتبٍ وروايات أشهرها «المزحة» صدرت بترجمة عربية جديدة أنجزها خالد بلقاسم بناء أوركسترالي يبني أساسين اثنين اعتمدهما إن نقل هما الهزل (على المعنى) وتعددية الأصوات المبنى) تنقسم سبعة أقسام الأقسام الفصول تتكوّن كلّ باستثناء قلّة قليلة عبثاً التنظيم «الأوركسترالي» البناء الفني لروايات بروح الموسيقيّ داخله تعلّم عزف صغيراً متتلمذاً أبيه الموسيقي للموسيقى يتبدّل الرواة بتبدّل فصول هيلينا جاروسلاف كوستكا ومن صيغة المتكلم تتناوب أربع شخصيات الأحداث الحدث المتصل أولاً وأخيراً ببطل «مزحة» عابرة تصنع فجأة انفجاراً حياة حيواتٍ عدة تُبدّل مصائر وتُغيّر مساراتهم إنها مصادفات عجيبة تتسبّب رسالة سطرين كتبهما بدافع زميلة يُحبّها ماركيتا الجميلة: «التفاؤل أفيون الشعب العقل السليم يُعفّنه الغباء عاش تروتسكي (لودفيك)» تنطلق عودة المكان الأوّل مدينته يعيش بعيداً منذ خمسة عشر عاماً «هكذا عديدة وجدتُ مدينتي جديد» يستخدم زمن الحاضر عودته وتحضيراته للقاء ليعود ثمّ الماضي (الفصل الثالث) واصفاً لحظة بتهمة خيانة والتهكّم فيستعيد البطل الراوي مثوله لجنة الانضباط يتوقف تفاصيل استجوابه مقرّ سكرتارية خائناً عدواً للإشتراكية ساخراً تفاؤلها متحاملاً مشاريعها «أنت ترى أنّ الأفيون تفاؤلنا لقد وتابع الثاني: كم أودّ أعرف ماذا سيكون ردّ عمّالنا الصدمة تفوق تصوّر علموا تفاؤلهم وأضاف الثالث: بالنسبة التروتسكيين التفاؤل البنّاء دوماً إلاّ أفيوناً وواضح أنك تروتسكيّ يا إلهي جئتم الحكم؟ قلتُ محتجاً تعلمون تأخذ محمل الجدّ كنا نسخر لإغاظتها تدخّل حدّثنا قليلاً تأخذه الجدّ؟ أهو مثلا كذلك؟ الأمور تأخذها تكن تبعث فيك أنت الضحك» (ص 48) ينفكّ يدافع بأنه حزبيّ أصيل الوقت مرحة تميل تلقائياً الدعابة والهزل تتميّز العمارة الروائية بالتطابق والمدلول (صدرت باللغة التشيكية 1965) يُقابل «فالس الوداع» صرامة الحقبة بلاده بفحوى فحسب بشكلها فيختار مفردات يصحّ القول إنها تأسيسية تعدّد استخدامها وهي حاضرة غالباً مجمل أعماله نذكر المثل: مبالاة ازدراء خفّة هزل دعابة ضحك مزحة مزاح تهكّم سخري تفاهة بلاهة نقد الجماعة تتحرّك مناخ واقعي عايشه التشيكيون ومنهم إبّان حكم النظام الشمولي تشيكيا ودول الشرقية تتولّد أحداثها الحزبيّ ورقة ليُلاعب صديقة تُبالغ جديتها وتُغالي «تحزّبها» لكنّ التوليتاري تشكسلوفاكيا حينذاك الأنظمة الديكتاتورية يتحمّل «الضحك» بالاشتراكية و»أحلامها» الاصلاحية ضروري الفرح ينبغي يتجاوز جديّة الحزبيين الصارمة يسعى انتقاده الاشتراكي كيف يُمكن عالماً بهذه الغرائبية ألاّ الدعابة؟ وكيف يتعامل بخفّة؟ «لم المرحلة والسخرية فرحاً وقوراً يُسمَّي بفخر «تفاؤل الطبقة المنتصرة التاريخيّ» متقشفاً رسمياً بكلمة «الفرح» 40) يدفع ثمن غالياً بحيث خسر الدراسة والمشاركة التنظيمية والعمل والصداقات بعبارة تفتقد الجديّة ضاع الحبّ والتوق يتبقّ سوى الزمن «الزمن يمّحي بلطف خلف أفعالي» 69) ولا تخلو نقد جليّ لذهنية «الحزب» تُقدّم الجماعة وتلغي «فرديّة «الحزبيّ» وشخصيته وحريته فالعضو يغدو ملك جماعته ولحزبه الحقّ معرفة يُفكّر وبماذا يفكّر «بدا محو كنّا نخضع معتماً تماما قي الأيام فالأعمال والمفروضة نؤديها حلّت محلّ سلوكاتنا الإنسانية» ( 65) وينسحب للحزب الإشتراكي قبيل سُمي «ربيع براغ» واقع طُرد مرّتين الشوعي إبراز «فردانيته» ويُقدّم لسان شخصياته صورة اجتماعية لتلك فيصفها ب»فترة انعدام الأناقة بصورة جذرية» تارة وب»عصر والمستقبل السعيد» طوراً تسمح تقنية البوليفونية السرد المتعدد بعرض الفكرة ذاته (ها) وجهات فمن المرح هزله يتناسب روح العصر ينتقل زوجة بافيل (صديق لودفيك) لنكتشف أنّها العشيقة أراد يلتقيها انتقاماً صديقه يتخلّى كارثة «الرسالة الهزلية» (المزحة) تُمثّل الحضور النسائي آنذاك وتأثير الإلتزام العلاقات العاطفية والزوجية تقع حبّ فتخون زوجها قصة عاصفة جمعت بينهما أيّام والتظاهرات والحركات الطالبية بلادها تخون الزوج تفقد حنينها إليه يُمثّل لها زمناً جميلاً يزال حاضراً وجدانها لكنها رأت النسخة تحبّ تكونها تخجل يُريد الآخرون أمّا فيجسّد الفنان ويستخدم معارفه الموسيقية والفنية بناء المميزة المتدين يفهم الحزبيّون شيوعيا ملحداً يُقارب تقبّل الإشتراكيين لمسيحيته شباط (فبراير) ورفضهم وسماع أصوات تندد ب»اشتراكية» ذي قناعات دينية واضحة باعتبار المبادئ الشيوعية تقـــوم عــلى الشكّ والعقلانية لتدخل الإشتراكية إيمان جماعي بالــــطــروحــات المــــاركســــية والوجــودية وتــصـــير مــن ثـمّ غيــر قـــابـــلة للمـــساس وبالتالي «مقــدســة» وفـــق المصطلح الديني بأسلوب تهكمي ساخر يكشف مجتمعه حكمته إيديولوجيات تبعات الحكم الستاليني الصارم تتهكّم جدية والأحزاب والأفكار ظلّ عبثي يعدو كونه ❰ مجموعة الإنجازات والمؤلفات أبرزها الستارة لقاء حفلة التفاهة فالس الوداع الهوية البطء الناشرين : وائل للنشر والتوزيع الأردن للطباعة ❱

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
ميلان كونديرا
ميلان كونديرا
المؤلِّف
ميلان كونديرا
ميلان كونديرا
المؤلِّف
95 عاماً مؤلفون فرنسيون المؤلِّف فرنسي الفرنسي
ميلان كونديرا، روائي فرنسي من أصول تشيكية و هو من أشهر الروائيين اليساريين، حصل على جائزة الإندبندنت لأدب الخيال الأجنبي في العام 1991.
حياته الشخصية
ميلان كونديرا، هوكاتب وفيلسوف فرنسي من أصول تشكية ، ولد في الأول من أبريل عام 1929،لأب وأم تشيكين. كان والده لودفيك كونديراعالم موسيقى ورئيس جامعة جانكيك للآداب والموسيقى ببرنو. تعلم ميلان العزف على البيانو من والده ،ولاحقا درس علم الموسيقى والسينما والآدب، تخرج في العام 1952 وعمل استاذاً مساعداً،ومحاضراً في كلية السينما في أكاديمية براغ للفنون التمثيلية، في أثناء فترة دراسته، نشر شعراً ومقالاتٍ ومسرحيات ،والتحق بقسم التحرير في عدد من المجلات الأدبية.

التحق بـالحزب الشيوعي في العام 1948 ولكنه فُصل هو والكاتب جان ترافولكا عام 1950 بسبب ملاحظة ميول فردية عليهما، ولكنه عاد بعد ذلك عام 1956 لصفوف الحزب ولكنه فُصل مرة أخرى عام 1970.

نشر في العام 1953 أول دواوينه الشعرية لكنه لم يحظ بالاهتمام الكافى، ولم يُعرف كونديرا ككاتب هام الا عام 1963 بعد نشر مجموعته القصصية الأولى غراميات مضحكة.

فقد كونديرا وظيفته عام 1968 بعد الغزو السوفييتى لتشيكوسلوفاكيا، بعد انخراطه فيما سُمى ربيع براغ،اضطر للهجرة إلى فرنسا عام 1975 بعد منع كتبه من التداول لمدة خمس سنوات، وعمل استاذاً مساعداً في جامعة رين ببريتانى (فرنسا)،حصل على الجنسية الفرنسية عام 1981 بعد تقدمه بطلب لذلك بعد إسقاط الجنسية التشيكوسلوفاكية عنه عام 1978 كنتيجة لكتابته كتاب الضحك والنسيان. تحت وطأة هذه الظروف والمستجدات في حياته، كتب كونديرا كائن لاتحتمل خفته التي جعلت منه كاتباً عالمياً معروفاً لما فيها من تأملات فلسفية تنضوي في خانة فكرة العود الأبدي لنيتشة.

في عام 1995 قرّر كونديرا أن يجعل من الفرنسية لغة لسانه الأدبي من خلال روايته «البطء». وفي هذا السياق قال فرنسوا ريكار في المقدمة التي كتبها عن كونديرا في «لابليياد» انّه حقق معادلة غريبة بعد كتابته بالفرنسية، إذ شعر قارئ كونديرا بأنّ الفرنسية هي لغته الأصلية التي تفوّق فيها على نفسه. وعنه أيضاً يقول الكاتب البريطاني رينيه جيرار: «انّ المدرسة الأدبية التي ينتمي اليها كونديرا ليست إنكليزية على الإطلاق لكونها لا تولي موضوع العمل أو مضمونه الأولوية، بل الأهمية تكمن في الأسلوب الإبداعي والعمارة الأدبية في شكل عام. وعندما قرأت كونديرا في بودابست قرّرت أن أصبح روائياً تحت تأثير الدهشة والإعجاب بهذا الإبداع. قرّرت أن أكتب وإنما تبعاً لمنهج المدرسة الأوروبية وليس البريطانية»

أهم مؤلفاته
الروايات
غراميات مضحكة 1963
المزحة 1965
كتاب الضحك والنسيان 1978 ترجمه غلى العربية محمد التهامي العماري ونشره المركز الثقافي العربي 2009
الخلود 1988 ترجمه إلى العربية روز مخلوف ونشرته دار ورد عام 1999
البطء
كائن لا تحتمل خفته (هذه الرواية حولت إلى فيلم بعنوان 1988 - L'insoutenable légèreté de l'être'' )
الحياة هي في مكان آخر
الجهل
الهوية
فالس الوداع
حفلة التفاهة
كتب
فن الرواية. تأملات في فن الرواية
مقالات عن كتبه
ثلاثية حول الرواية: فن الرواية، الوصايا المغدورة، الستار
عندما يُقدم ميلان كونديرا نفسه إلى قرائه كما فعل في كتابه «ثلاثية حول الرواية: فن الرواية، الوصايا المغدورة، الستار» الذي نقله الكاتب والأكاديمي السوري بدر الدين عرودكي إلى العربية، ضمن المشروع القومي للترجمة، فالأمر يختلف في منطلقاته ونتائجه.

ينطلق كونديرا في كلامه عن الرواية من مقولات فلسفية وتاريخية تبدأ مع هوسرل وديكارت في الفلسفة، ومع سرفانتس ورتيشاردسون، وتولستوي وجويس في الرواية. تقوم هذه المقولات، على أن الفلسفة، المنبثقة من الفلسفة اليونانية التي طوّرها الفلاسفة في ما بعد تنظر إلى العالم في مجموعه بصفته مشكلة يجب حلّها عبر تعميق المعرفة التقنية والرياضية بها متناسية العالم المحسوس للحياة:

«لقد صار الإنسان الذي ارتقى سابقاً مع ديكارت مرتبة سيّد الطبيعة ومالكها مجرّد شيء بسيط في نظر قوى التقنية والسياسة والتاريخ التي تتجاوزه وترتفع فوقه وتمتلكه. ولم يكن لكيانه المحسوس، لعالم حياته في نظر هذه القوى أي اعتبار».

والواقع ان الفلسفة والعلوم، على ما يقول كونديرا قد نسيت كينونة الإنسان، فيما الرواية ابتداء من سرفانتس سعت إلى سبر كيان هذا الكائن المنسيّ. وقد اكتشفت الرواية عبر أربعة قرون من تاريخ أوروبا مختلف جوانب الوجود، تساءلت مع معاصري سرفانتس عما هي المغامرة، وبدأت مع ريتشاردسون في فحص «ما يدور في الداخل»، وفي الكشف عن الحياة السرية للشاعر، واكتشفت مع بلزاك تجذّر الإنسان في التاريخ، وسبرت مع فلوبير أرضاً كانت حتى ذلك الحين مجهولة هي أرض الحياة اليومية، وعكفت مع تولستوي على تدخل اللاعقلاني في القرارات وفي السلوك البشري، واستقصيت اللحظة الماضية مع مارسل بروست، واللحظة الحاضرة التي لا يمكن القبض عليها مع جيمس جويس. ان اكتشاف كينونة الإنسان وسرّه المنسيّ والمخفي في آن هو ما يمكن الرواية وحدها دون سواها أن تكشفه، وهو ما يبرّر وجودها. واذا كان فهم الأنا المفكر مع ديكارت بصفته أساس كل شيء، والوقوف في مواجهة الكون وحيداً موقفاً اعتبره هيغل بحق موقفاً بطولياً، فإن فهم العالم مع سرفانتس بصفته شيئاً غامضاً يتطلب قوة لا تقل عظمة عن أنا ديكارت على ما يرى كونديرا.

ان البحث عن الأنا الذي زرعه ديكارت في عقول الناس سينتهي دائماً إلى الشعور بالعجز، بينما اضاءة حدود الأنا عبر الرواية يعتبر اكتشافاً كبيراً واستثماراً ادراكياً هائلاً. فكافكا على سبيل المثال يتصوّر الأنا بطريقة غير منتظرة على الإطلاق، فهو لا يعرّف كـ «بطل رواية القصر» بمظهره الخارجي ولا بسيرته، ولا بإسمه، ولا بذكرياته، ولا بميوله وعقده، ولا بسيرته أو أفعاله، وانما بأفكاره الداخلية. يكتب كونديرا

«كافكا لا يتساءل عما هي الدوافع الداخلية التي تحدد سلوك الإنسان، وانما يطرح سؤالاً مختلفاً جذرياً: ما امكانات الإنسان التي تبقت له في عالم باتت فيه الأسباب الخارجية ساحقة إلى حدّ لم تعد معه المحركات الداخلية تزن شيئاً؟».

يذهب كونديرا في تقليبه لصفحات الفن الروائي إلى اعتبار الشخصية والعالم الذي تتحرك فيه كناية عن امكانات قصوى غير منجزة للعالم الإنساني،

و«تجعلنا نرى بذلك ما نحن عليه، وما نحن قادرون عليه».

بمعنى ان الرواية لا تفحص الواقع بل الوجود. والوجود ليس ما جرى، بل هو حقل الإمكانات الإنسانية، كل ما يمكن الإنسان أن يصيره، وكل ما هو قادر عليه. ويذهب كونديرا إلى أبعد من ذلك طارحاً السؤال الأنطولوجي الذي يتعلّق بهوية الفرد قائلاً: «ما الفرد؟ وأين تتركز هويته؟

تبحث الروايات كلها عن جواب عن هذه الأسئلة. والحقيقة بأي شيء تعرّف الأنا نفسها؟ أبما تفعله شخصية ما بأفعالها؟ لكن الفعل يفلت من مؤلّفه، وينقلب عليه تقريباً على الدوام، أما بحياتها الداخلية إذاً، بالأفكار، بالمشاعر الخبيثة؟ ولكن هل يقدر انسان ما على فهم نفسه؟ هل تستطيع أفكاره الخبيئة أن تكون مفتاح هويته؟ أم أن الإنسان يُعرّف برؤيته للعالم، بأفكاره، بأيديولوجيته؟».

هذه التساؤلات حول ماهية الفرد لا يجيب عنها مباشرة كونديرا، وانما يستعير الجواب من توماس مان الذي يقول: «نفكر أننا نتصرف، نفكر أننا نفكر، لكن أمراً آخر أو آخرين من يفكر ويتصرف فينا: عادات سحيقة، نماذج أصلية انتقلت وقد صارت أساطير، من جيل إلى جيل تملك قوة هائلة من السحر تهدينا اعتباراً من بئر الماضي».

ان التفكير في الرواية، وفي الركائز التي تقوم عليها من قبل كونديرا تتوضح أكثر في كتابه المترجم إلى العربية من خلال حديثه عن فنه الروائي لأحد الصحافيين ببداية التأكيد أن رواياته ليست روايات سيكولوجية، وانما روايات الفعل، اذ بالفعل يتميز الإنسان عن الآخرين ويصير فرداً، وحين يكف الفعل في الرواية عن ادراك الأنا في الفعل يجب ملاحقته في الفعل اللامرئي في الحياة الداخلية حيث تعترف الشخصيات بأفعالها ومشاعرها، وأفكارها. إذا كنت، على ما يقول كونديرا، أضع نفسي في ما وراء الرواية السيكولوجية، فلا يعني هذا أنني أريد حرمان شخصياتي من الحياة الداخلية، وانما يعني ان ثمّة الغازاً ومسائل أخرى تلاحقها رواياتي في المقام الأول».

وهذا ما يعود ويؤكده كونديرا في قصته «ادوار والإله»، حيث يستنتج ان إدوار بطل الرواية بعد أن أمضى ليلة الحب الأولى مع الفتاة أليس أصيب بوعكة صحية فقد كان ينظر إلى صديقته ويقول لنفسه:

«ان أفكار أليس ليست في الواقع إلا شيئاً ملصوقاً على مصيره، وأن مصيره ليس إلا شيئاً ملصوقاً على جسده، ولم يعد يرى فيها إلا تجميعاً عرضياً لجسد وأفكار وسيرة، تجميعاً غير عضوي، وتعسفي وقابل للتغيير». ويتساءل كونديرا، أين تبدأ الأنا وأين تنتهي؟ يجيب: «ليس ثمة أي دهشة ازاء لا نهائية النفس غير المسبورة أو بالأحرى ثمة دهشة أمام لا يقينية الأنا من هويتها».

اذا كانت روايات كونديرا ليست سيكولجية على ما يعترف، فكيف أدرك أشخاص رواياته أناهم السيكولوجية؟ يجيب كونديرا: «إن ادراك الأنا في رواياتي ادراك جوهر اشكاليتها الوجودية، أي ادراك رمزها الوجودي. ففي رواية «خفة الكائن الهشة» يبدو رمز هذه الشخصية أو تلك أنه يتألف من بعض الكلمات الجوهرية. «فبالنسبة إلى تريزا مثلاً: الجسد، النفس، الدوار، الضعف، المثل الأعلى، الجنة. وبالنسبة إلى توماس، الخفّة، الجاذبية». «ولكل واحدة من هذه الكلمات دلالة مختلفة في الرمز الوجودي للآخر»، وتتكشف بالتدريج في الأفعال، وفي المواقف، وفي الاستجواب التأملي (التأمل الاستجوابي هو القاعدة التي بنيت عليها كل رواياتي، يقول كونديرا).

ويوضح كونديرا مفهومه للرواية في شكل آخر في رواية «الحياة هي في مكان آخر» بقوله انها تعتمد على أسئلة عدة! ما الموقف الغنائي؟ ما الشباب بصفته مرحلة غنائية من العمر؟ ما معنى هذا الزواج المثلث! الغنائية، الثورة، الشباب؟ وماذا يعني أن يكون المرء شاعراً؟ «أذكر، على مكتب كونديرا، أنني كتبت هذه الرواية مع فرضية عمل تتمثل في التعريف الذي سجلته في مذكرتي:

الشاعر هو شاب تقوده أمه إلى أن يعرض نفسه عارياً أمام عالم يعجز عن الدخول فيه». وهذا التعريف كما يظهر ليس سوسيولوجياً ولا جمالياً ولا سيكولوجياً. ذلك أن جعل شخصية ماحية يعني المضي حتى النهاية في اشكاليتها الوجودية، وهذا يعني أيضاً المضيّ حتى النهاية في بعض المواقف، بعض الدوافع، بل بعض الكلمات التي لا يؤخذ بها، ولا شيء أكثر من ذلك.

ان سرد أحوال الشخص في الرواية عبر التساؤل عن اشكاليته الوجودية عند كونديرا يصطدم بالفلسفة والتاريخ، من حيث ان الروائي لا يستطيع الابتعاد عنهما، كما لا يستطيع الاستغراق في تفاصيلهما، لذلك نرى كونديرا يوضح أنه اذا كان نصيراً لحضور قوي للتفكير في الرواية، فهذا لا يعني أنه يحبّ الرواية الفلسفية، هذا القصّ لأفكار أخلاقية أو سياسية.

ان التفكير الروائي الأصيل تفكير لا نسقي على الدوام، غير منضبط. انه قريب من تفكير الفيلسوف الألماني نيتشه، انه تجريبي، يقتحم الثغرات في كل أنساق الفكر، ويفحص دروب التفكير كلها خلال محاولته الذهاب إلى غاية كل منها. كما نرى كونديرا يوضح من جهة ثانية ان التاريخ مع حركاته، وحروبه، وثوراته لا يهمّ الروائي لذاته، بصفته موضوعاً للوصف والتأويل، وانما يهمه النور الكشاف الذي يسلطه التاريخ على الوجود الإنساني وعلى امكاناته غير المتوقعة.

حين يستعرض مؤرخو الأدب في المستقبل تاريخ الرواية الأوروبية سيتوقفون من دون شك عند كونديرا الذي أغنى الرواية برؤية للعالم في كل امتداداته النفسية والاجتماعية والسياسية، رؤية جعلت من الرواية تفكر بالجوانب المنسية في الكيان الإنساني وترفعها إلى مستوى الواقع والمحسوس، وحين يفكر الفلاسفة في علاقة الفلسفة بالرواية، سيجدون أنه، كما قرّب نيتشه الفلسفة من الرواية، فإن كونديرا قرّب الرواية من الفلسفة. هذا التقريب لا يريد أن يقول ان كونديرا أقل روائيةً من روائيين آخرين، مثلما نيتشه .

العالم لا يحتمل «مزحة»
بين الخفّة والتفاهة والضحك والمزاح، تتوزّع عناوين معظم أعمال ميلان كونديرا، لتُشكّل وحدة في الثيمات التي اشتغل عليها صاحب «غراميات مضحكة». فالكاتب التشيكي، الذي درس علم الموسيقى والسينما والآداب، اختار أن يُعبّر عن الموضوعات الأكثر صرامةً بالأساليب الأكثر هزلية، فظلّت المفردات العبثية أشبه بدعامات تقوم عليها إبداعات كونديرا من «خفة الكائن التي لا تُحتمل» و«المزحة»، إلى «الضحك والنسيان» و«الجهل» و«حفلة التفاهة»...

ومع أنه تعمّق في السياسة والفكر والفلسفة، واختبر الحياة الحزبية مع الشيوعيين في براغ عام 1948، ارتأى كونديرا (1929) أن تكون الخفّة سمة كتاباته. لم تُرعبه فكرة التسلية والإمتاع، مثلما فعلت بأبناء جيله من الأدباء الذين عايشوا فترة الغليان الحزبي والإيديولوجي في أوروبا والعالم. وعلى خلاف ما كان سائداً في أدب النصف الثاني من القرن العشرين، لم يرَ كونديرا إلى الرواية وسيلةً يُمرّر من خلالها أفكاراً «عظيمة» يعتقد بها، إنما بحث عن أدب يقدم توليفة مثالية بين المعنى الجادّ والأسلوب المُسلّي، على غرار ما قدّم سرفانتيس في «دون كيشوت» مثلاً أو حتى ديدرو في رائعته «جاك القدري». وبالفعل طغى هذا المزاج التهكميّ على غالبية ما قدّمه كونديرا من كتبٍ وروايات، أشهرها روايته «المزحة»، التي صدرت بترجمة عربية جديدة أنجزها خالد بلقاسم عن المركز الثقافي العربي.

بناء أوركسترالي
يبني ميلان كونديرا روايته الأولى على أساسين اثنين اعتمدهما في معظم ما كتب، إن لم نقل كل ما كتب، هما الهزل (على مستوى المعنى) وتعددية الأصوات (على مستوى المبنى). تنقسم الرواية إلى سبعة أقسام، وهو عدد الأقسام أو الفصول التي تتكوّن منها كلّ أعمال كونديرا، باستثناء قلّة قليلة منها. وليس عبثاً هذا التنظيم «الأوركسترالي» في البناء الفني لروايات كونديرا الذي يكتب بروح الموسيقيّ الذي في داخله، هو الذي تعلّم عزف البيانو صغيراً متتلمذاً على أبيه لودفيك كونديرا، الموسيقي ورئيس جامعة جانكيك للموسيقى والآداب.

يتبدّل الرواة بتبدّل فصول الرواية. لودفيك، هيلينا، جاروسلاف، كوستكا. ومن خلال صيغة المتكلم، تتناوب أربع شخصيات على سرد الأحداث، أو بالأحرى الحدث المتصل أولاً وأخيراً ببطل الرواية لودفيك. «مزحة» عابرة تصنع فجأة انفجاراً في حياة، بل حيواتٍ عدة. تُبدّل مصائر أربعة أشخاص وتُغيّر مساراتهم.

إنها مصادفات عجيبة تتسبّب فيها رسالة من سطرين كتبهما لودفيك - بدافع الهزل - إلى زميلة يُحبّها هي ماركيتا، الحزبية الجميلة: «التفاؤل أفيون الشعب. العقل السليم يُعفّنه الغباء. عاش تروتسكي. (لودفيك)».

تنطلق الرواية مع عودة لودفيك إلى المكان الأوّل، مدينته التي يعيش بعيداً عنها منذ خمسة عشر عاماً. «هكذا بعد سنوات عديدة، وجدتُ نفسي في مدينتي من جديد». يستخدم لودفيك زمن الحاضر في حديثه عن عودته إلى مدينته وتحضيراته للقاء ما، ليعود من ثمّ، إلى الماضي (الفصل الثالث) واصفاً لحظة القبض عليه بتهمة خيانة الحزب والتهكّم عليه. فيستعيد البطل/ الراوي لحظة مثوله أمام لجنة الانضباط الحزبي. يتوقف عند تفاصيل استجوابه في مقرّ سكرتارية الحزب، الذي اعتبره خائناً، عدواً للإشتراكية، ساخراً من تفاؤلها، متحاملاً على مشاريعها. «أنت ترى أنّ الأفيون هو تفاؤلنا. لقد كتبت ذلك إلى ماركيتا. وتابع الثاني: كم أودّ أن أعرف ماذا سيكون ردّ فعل عمّالنا من الصدمة التي تفوق كلّ تصوّر إن علموا بأنّ تفاؤلهم أفيون. وأضاف الثالث: بالنسبة إلى التروتسكيين، لم يكن التفاؤل البنّاء دوماً إلاّ أفيوناً، وواضح أنك تروتسكيّ. يا إلهي، من أين جئتم بهذا الحكم؟ قلتُ محتجاً... تعلمون أنّ ماركيتا تأخذ كلّ شيء على محمل الجدّ وقد كنا دوماً نسخر منها لإغاظتها... تدخّل الثاني: ولكن حدّثنا قليلاً، ما الذي كانت تأخذه على محمل الجدّ؟ أهو الحزب مثلا، التفاؤل، السلوك، أليس كذلك؟ كلّ هذه الأمور التي تأخذها هي على محمل الجدّ لم تكن تبعث فيك أنت إلاّ الضحك»...(ص 48). أما هو، فلا ينفكّ يدافع عن نفسه بأنه حزبيّ أصيل، لكنه في الوقت نفسه، شخصية مرحة تميل تلقائياً إلى الدعابة والهزل.

تتميّز العمارة الروائية عند كونديرا بالتطابق بين الأسلوب والمدلول. ففي رواية «المزحة»، (صدرت باللغة التشيكية عام 1965)، يُقابل صاحب «فالس الوداع» صرامة تلك الحقبة من تاريخ بلاده ليس بفحوى الرواية فحسب، إنما بشكلها أيضاً. فيختار مفردات يصحّ القول فيها إنها تأسيسية، تعدّد استخدامها في هذه الرواية، وهي حاضرة غالباً في مجمل أعماله، نذكر منها على سبيل المثل: لا مبالاة، ازدراء، خفّة، هزل، دعابة، ضحك، مزحة، مزاح، تهكّم، سخري، تفاهة، بلاهة...

نقد الجماعة
تتحرّك الرواية في مناخ واقعي عايشه التشيكيون، ومنهم الكاتب نفسه، إبّان حكم النظام الشمولي في تشيكيا ودول أوروبا الشرقية. تتولّد أحداثها من «مزحة» كتبها الحزبيّ الشيوعي لودفيك على ورقة ليُلاعب صديقة تُبالغ في جديتها وتُغالي في «تحزّبها». لكنّ النظام التوليتاري في تشكسلوفاكيا حينذاك- كما كلّ الأنظمة الديكتاتورية في العالم- لم يكن يتحمّل فكرة «الضحك». التفاؤل بالاشتراكية و»أحلامها» الاصلاحية ضروري، لكنّ الفرح لا ينبغي أن يتجاوز جديّة الحزبيين الصارمة. وهذا ما كان يسعى كونديرا دوماً إلى انتقاده في العقل الشيوعي/ الاشتراكي، إذ كيف يُمكن عالماً بهذه الغرائبية ألاّ يحتمل الدعابة؟ وكيف يمكن الإنسان فيه ألاّ يتعامل معه بخفّة؟ «لم يكن الفرح في تلك المرحلة يحتمل الدعابة والسخرية، لقد كان فرحاً وقوراً، كان يُسمَّي بفخر «تفاؤل الطبقة المنتصرة التاريخيّ»، كان فرحاً متقشفاً، رسمياً، بكلمة واحدة «الفرح» (ص 40). وما كان من لودفيك إلاّ أن يدفع ثمن هذه «المزحة» غالياً، بحيث خسر الدراسة والمشاركة التنظيمية والعمل والصداقات. بعبارة واحدة تفتقد إلى الجديّة ضاع كل ما له معنى في الحياة، الحبّ والتوق إلى الحبّ. ولم يتبقّ له سوى الزمن. «الزمن يمّحي بلطف خلف أفعالي» (ص 69)، يقول لودفيك.

ولا تخلو الرواية من نقد جليّ لذهنية «الحزب» التي تُقدّم الجماعة على الفرد، وتلغي «فرديّة «الحزبيّ» وشخصيته وحريته. فالعضو في الحزب يغدو ملك جماعته، ولحزبه الحقّ في معرفة من هو وكيف يُفكّر وبماذا يجب أن يفكّر. «بدا محو الشخصية الذي كنّا نخضع له معتماً تماما قي الأيام الأولى، فالأعمال غير الشخصية والمفروضة التي كنا نؤديها حلّت محلّ سلوكاتنا الإنسانية» ( 65). وينسحب نقد الراوي لودفيك للحزب الإشتراكي الذي حكم تشيكيا سنوات قبيل ما سُمي «ربيع براغ» على واقع كونديرا نفسه الذي طُرد مرّتين من الحزب الشوعي بتهمة إبراز «فردانيته» . ويُقدّم كونديرا، على لسان شخصياته، صورة اجتماعية لتلك المرحلة، فيصفها ب»فترة انعدام الأناقة بصورة جذرية» تارة، وب»عصر التفاؤل والمستقبل السعيد» طوراً.

تسمح تقنية البوليفونية أو السرد المتعدد الأصوات بعرض الحدث/ الفكرة ذاته (ها) عبر وجهات نظر مختلفة. فمن لودفيك، الشيوعي المرح الذي لم يكن هزله يتناسب مع روح العصر، ينتقل السرد إلى هيلينا، زوجة بافيل (صديق لودفيك) لنكتشف أنّها هي العشيقة التي أراد لودفيك أن يلتقيها بعد عودته إلى مدينته، انتقاماً من صديقه الذي يتخلّى عنه بعد كارثة «الرسالة الهزلية» (المزحة). وهي تُمثّل الحضور النسائي في الحزب الإشتراكي آنذاك وتأثير الإلتزام الحزبي في العلاقات العاطفية والزوجية. تقع هيلينا في حبّ لودفيك، فتخون زوجها معه بعد قصة حبّ عاصفة جمعت بينهما أيّام الثورة والتظاهرات والحركات الطالبية في بلادها. تخون الزوج من غير أن تفقد حنينها إليه، هو الذي يُمثّل لها زمناً جميلاً لا يزال حاضراً في وجدانها. لكنها رأت في لودفيك النسخة التي تحبّ أن تكونها، هي التي لا تخجل من أن تكون كما هي، لا كما يُريد الآخرون أن تكون. أمّا جاروسلاف الموسيقيّ فيجسّد شخصية الفنان في تلك المرحلة، ويستخدم كونديرا معارفه الموسيقية والفنية في بناء هذه الشخصية المميزة. أمّا كوستكا، فهو الحزبيّ المتدين الذي لم يفهم الحزبيّون كيف يُمكن شيوعيا ألاّ يكون ملحداً. وهو يُقارب بين تقبّل الإشتراكيين لمسيحيته قبل شباط (فبراير) 1948 ورفضهم لها بعد هذا التاريخ، وسماع أصوات تندد ب»اشتراكية» شاب ذي قناعات دينية واضحة، باعتبار أنّ المبادئ الحزبية الشيوعية تقـــوم عــلى الشكّ والعقلانية لتدخل الإشتراكية في فترة إيمان جماعي بالــــطــروحــات المــــاركســــية والوجــودية، وتــصـــير مــن ثـمّ أفكاراً غيــر قـــابـــلة للمـــساس، وبالتالي «مقــدســة» وفـــق المصطلح الديني.

بأسلوب تهكمي ساخر يكشف كونديرا في روايته عن مجتمعه التشيكي زمن حكمته إيديولوجيات هي من تبعات الحكم الستاليني الصارم. «المزحة» رواية تتهكّم من جدية الأنظمة والأحزاب والأفكار في ظلّ عالم عبثي لا يعدو كونه مزحة

❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ كائن لا تحتمل خفته ❝ ❞ الستارة ❝ ❞ لقاء ❝ ❞ الحياة في مكان آخر ❝ ❞ الضحك والنسيان ❝ ❞ حفلة التفاهة ❝ ❞ فالس الوداع ❝ ❞ الهوية ❝ ❞ البطء ❝ الناشرين : ❞ المركز الثقافي العربي ❝ ❞ دار وائل للنشر والتوزيع، الأردن ❝ ❞ دار ورد للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار ورد للطباعة ❝ ❱

ميلان كونديرا، روائي فرنسي من أصول تشيكية و هو من أشهر الروائيين اليساريين، حصل على جائزة الإندبندنت لأدب الخيال الأجنبي في العام 1991.

 

محتويات

حياته الشخصية[عدل]

ميلان كونديرا، هوكاتب وفيلسوف فرنسي من أصول تشكية ، ولد في الأول من أبريل عام 1929،لأب وأم تشيكين. كان والده لودفيك كونديراعالم موسيقى ورئيس جامعة جانكيك للآداب والموسيقى ببرنو. تعلم ميلان العزف على البيانو من والده ،ولاحقا درس علم الموسيقى والسينما والآدب، تخرج في العام 1952 وعمل استاذاً مساعداً،ومحاضراً في كلية السينما في أكاديمية براغ للفنون التمثيلية، في أثناء فترة دراسته، نشر شعراً ومقالاتٍ ومسرحيات ،والتحق بقسم التحرير في عدد من المجلات الأدبية.

التحق بـالحزب الشيوعي في العام 1948 ولكنه فُصل هو والكاتب جان ترافولكا عام 1950 بسبب ملاحظة ميول فردية عليهما، ولكنه عاد بعد ذلك عام 1956 لصفوف الحزب ولكنه فُصل مرة أخرى عام 1970.

نشر في العام 1953 أول دواوينه الشعرية لكنه لم يحظ بالاهتمام الكافى، ولم يُعرف كونديرا ككاتب هام الا عام 1963 بعد نشر مجموعته القصصية الأولى غراميات مضحكة.

فقد كونديرا وظيفته عام 1968 بعد الغزو السوفييتى لتشيكوسلوفاكيا، بعد انخراطه فيما سُمى ربيع براغ،اضطر للهجرة إلى فرنسا عام 1975 بعد منع كتبه من التداول لمدة خمس سنوات، وعمل استاذاً مساعداً في جامعة رين ببريتانى (فرنسا)،حصل على الجنسية الفرنسية عام 1981 بعد تقدمه بطلب لذلك بعد إسقاط الجنسية التشيكوسلوفاكية عنه عام 1978 كنتيجة لكتابته كتاب الضحك والنسيان. تحت وطأة هذه الظروف والمستجدات في حياته، كتب كونديرا كائن لاتحتمل خفته التي جعلت منه كاتباً عالمياً معروفاً لما فيها من تأملات فلسفية تنضوي في خانة فكرة العود الأبدي لنيتشة.

في عام 1995 قرّر كونديرا أن يجعل من الفرنسية لغة لسانه الأدبي من خلال روايته «البطء». وفي هذا السياق قال فرنسوا ريكار في المقدمة التي كتبها عن كونديرا في «لابليياد» انّه حقق معادلة غريبة بعد كتابته بالفرنسية، إذ شعر قارئ كونديرا بأنّ الفرنسية هي لغته الأصلية التي تفوّق فيها على نفسه. وعنه أيضاً يقول الكاتب البريطاني رينيه جيرار: «انّ المدرسة الأدبية التي ينتمي اليها كونديرا ليست إنكليزية على الإطلاق لكونها لا تولي موضوع العمل أو مضمونه الأولوية، بل الأهمية تكمن في الأسلوب الإبداعي والعمارة الأدبية في شكل عام. وعندما قرأت كونديرا في بودابست قرّرت أن أصبح روائياً تحت تأثير الدهشة والإعجاب بهذا الإبداع. قرّرت أن أكتب وإنما تبعاً لمنهج المدرسة الأوروبية وليس البريطانية»

أهم مؤلفاته[عدل]

الروايات[عدل]

  • غراميات مضحكة 1963
  • المزحة 1965
  • كتاب الضحك والنسيان 1978 ترجمه غلى العربية محمد التهامي العماري ونشره المركز الثقافي العربي 2009
  • الخلود 1988 ترجمه إلى العربية روز مخلوف ونشرته دار ورد عام 1999
  • البطء
  • كائن لا تحتمل خفته (هذه الرواية حولت إلى فيلم بعنوان 1988 - L'insoutenable légèreté de l'être'' )
  • الحياة هي في مكان آخر
  • الجهل
  • الهوية
  • فالس الوداع
  • حفلة التفاهة

كتب[عدل]

  • فن الرواية. تأملات في فن الرواية

مقالات عن كتبه[عدل]

ثلاثية حول الرواية: فن الرواية، الوصايا المغدورة، الستار[عدل]

عندما يُقدم ميلان كونديرا نفسه إلى قرائه كما فعل في كتابه «ثلاثية حول الرواية: فن الرواية، الوصايا المغدورة، الستار» الذي نقله الكاتب والأكاديمي السوري بدر الدين عرودكي إلى العربية، ضمن المشروع القومي للترجمة، فالأمر يختلف في منطلقاته ونتائجه.

ينطلق كونديرا في كلامه عن الرواية من مقولات فلسفية وتاريخية تبدأ مع هوسرل وديكارت في الفلسفة، ومع سرفانتس ورتيشاردسون، وتولستوي وجويس في الرواية. تقوم هذه المقولات، على أن الفلسفة، المنبثقة من الفلسفة اليونانيةالتي طوّرها الفلاسفة في ما بعد تنظر إلى العالم في مجموعه بصفته مشكلة يجب حلّها عبر تعميق المعرفة التقنية والرياضية بها متناسية العالم المحسوس للحياة:

«لقد صار الإنسان الذي ارتقى سابقاً مع ديكارت مرتبة سيّد الطبيعة ومالكها مجرّد شيء بسيط في نظر قوى التقنية والسياسة والتاريخ التي تتجاوزه وترتفع فوقه وتمتلكه. ولم يكن لكيانه المحسوس، لعالم حياته في نظر هذه القوى أي اعتبار».

والواقع ان الفلسفة والعلوم، على ما يقول كونديرا قد نسيت كينونة الإنسان، فيما الرواية ابتداء من سرفانتس سعت إلى سبر كيان هذا الكائن المنسيّ. وقد اكتشفت الرواية عبر أربعة قرون من تاريخ أوروبا مختلف جوانب الوجود، تساءلت مع معاصري سرفانتس عما هي المغامرة، وبدأت مع ريتشاردسون في فحص «ما يدور في الداخل»، وفي الكشف عن الحياة السرية للشاعر، واكتشفت مع بلزاك تجذّر الإنسان في التاريخ، وسبرت مع فلوبير أرضاً كانت حتى ذلك الحين مجهولة هي أرض الحياة اليومية، وعكفت مع تولستوي على تدخل اللاعقلاني في القرارات وفي السلوك البشري، واستقصيت اللحظة الماضية مع مارسل بروست، واللحظة الحاضرة التي لا يمكن القبض عليها مع جيمس جويس. ان اكتشاف كينونة الإنسان وسرّه المنسيّ والمخفي في آن هو ما يمكن الرواية وحدها دون سواها أن تكشفه، وهو ما يبرّر وجودها. واذا كان فهم الأنا المفكر مع ديكارت بصفته أساس كل شيء، والوقوف في مواجهة الكون وحيداً موقفاً اعتبرههيغل بحق موقفاً بطولياً، فإن فهم العالم مع سرفانتس بصفته شيئاً غامضاً يتطلب قوة لا تقل عظمة عن أنا ديكارت على ما يرى كونديرا.

ان البحث عن الأنا الذي زرعه ديكارت في عقول الناس سينتهي دائماً إلى الشعور بالعجز، بينما اضاءة حدود الأنا عبر الرواية يعتبر اكتشافاً كبيراً واستثماراً ادراكياً هائلاً. فكافكا على سبيل المثال يتصوّر الأنا بطريقة غير منتظرة على الإطلاق، فهو لا يعرّف كـ «بطل رواية القصر» بمظهره الخارجي ولا بسيرته، ولا بإسمه، ولا بذكرياته، ولا بميوله وعقده، ولا بسيرته أو أفعاله، وانما بأفكاره الداخلية. يكتب كونديرا

«كافكا لا يتساءل عما هي الدوافع الداخلية التي تحدد سلوك الإنسان، وانما يطرح سؤالاً مختلفاً جذرياً: ما امكانات الإنسان التي تبقت له في عالم باتت فيه الأسباب الخارجية ساحقة إلى حدّ لم تعد معه المحركات الداخلية تزن شيئاً؟».

يذهب كونديرا في تقليبه لصفحات الفن الروائي إلى اعتبار الشخصية والعالم الذي تتحرك فيه كناية عن امكانات قصوى غير منجزة للعالم الإنساني،

و«تجعلنا نرى بذلك ما نحن عليه، وما نحن قادرون عليه».

بمعنى ان الرواية لا تفحص الواقع بل الوجود. والوجود ليس ما جرى، بل هو حقل الإمكانات الإنسانية، كل ما يمكن الإنسان أن يصيره، وكل ما هو قادر عليه. ويذهب كونديرا إلى أبعد من ذلك طارحاً السؤال الأنطولوجيالذي يتعلّق بهوية الفرد قائلاً: «ما الفرد؟ وأين تتركز هويته؟

تبحث الروايات كلها عن جواب عن هذه الأسئلة. والحقيقة بأي شيء تعرّف الأنا نفسها؟ أبما تفعله شخصية ما بأفعالها؟ لكن الفعل يفلت من مؤلّفه، وينقلب عليه تقريباً على الدوام، أما بحياتها الداخلية إذاً، بالأفكار، بالمشاعر الخبيثة؟ ولكن هل يقدر انسان ما على فهم نفسه؟ هل تستطيع أفكاره الخبيئة أن تكون مفتاح هويته؟ أم أن الإنسان يُعرّف برؤيته للعالم، بأفكاره، بأيديولوجيته؟».

هذه التساؤلات حول ماهية الفرد لا يجيب عنها مباشرة كونديرا، وانما يستعير الجواب من توماس مان الذي يقول: «نفكر أننا نتصرف، نفكر أننا نفكر، لكن أمراً آخر أو آخرين من يفكر ويتصرف فينا: عادات سحيقة، نماذج أصلية انتقلت وقد صارت أساطير، من جيل إلى جيل تملك قوة هائلة من السحر تهدينا اعتباراً من بئر الماضي».

ان التفكير في الرواية، وفي الركائز التي تقوم عليها من قبل كونديرا تتوضح أكثر في كتابه المترجم إلى العربية من خلال حديثه عن فنه الروائي لأحد الصحافيين ببداية التأكيد أن رواياته ليست روايات سيكولوجية، وانما روايات الفعل، اذ بالفعل يتميز الإنسان عن الآخرين ويصير فرداً، وحين يكف الفعل في الرواية عن ادراك الأنا في الفعل يجب ملاحقته في الفعل اللامرئي في الحياة الداخلية حيث تعترف الشخصيات بأفعالها ومشاعرها، وأفكارها. إذا كنت، على ما يقول كونديرا، أضع نفسي في ما وراء الرواية السيكولوجية، فلا يعني هذا أنني أريد حرمان شخصياتي من الحياة الداخلية، وانما يعني ان ثمّة الغازاً ومسائل أخرى تلاحقها رواياتي في المقام الأول».

وهذا ما يعود ويؤكده كونديرا في قصته «ادوار والإله»، حيث يستنتج ان إدوار بطل الرواية بعد أن أمضى ليلة الحب الأولى مع الفتاة أليس أصيب بوعكة صحية فقد كان ينظر إلى صديقته ويقول لنفسه:

«ان أفكار أليس ليست في الواقع إلا شيئاً ملصوقاً على مصيره، وأن مصيره ليس إلا شيئاً ملصوقاً على جسده، ولم يعد يرى فيها إلا تجميعاً عرضياً لجسد وأفكار وسيرة، تجميعاً غير عضوي، وتعسفي وقابل للتغيير». ويتساءل كونديرا، أين تبدأ الأنا وأين تنتهي؟ يجيب: «ليس ثمة أي دهشة ازاء لا نهائية النفس غير المسبورة أو بالأحرى ثمة دهشة أمام لا يقينية الأنا من هويتها».

اذا كانت روايات كونديرا ليست سيكولجية على ما يعترف، فكيف أدرك أشخاص رواياته أناهم السيكولوجية؟ يجيب كونديرا: «إن ادراك الأنا في رواياتي ادراك جوهر اشكاليتها الوجودية، أي ادراك رمزها الوجودي. ففي رواية «خفة الكائن الهشة» يبدو رمز هذه الشخصية أو تلك أنه يتألف من بعض الكلمات الجوهرية. «فبالنسبة إلى تريزا مثلاً: الجسد، النفس، الدوار، الضعف، المثل الأعلى، الجنة. وبالنسبة إلى توماس، الخفّة، الجاذبية». «ولكل واحدة من هذه الكلمات دلالة مختلفة في الرمز الوجودي للآخر»، وتتكشف بالتدريج في الأفعال، وفي المواقف، وفي الاستجواب التأملي (التأمل الاستجوابي هو القاعدة التي بنيت عليها كل رواياتي، يقول كونديرا).

ويوضح كونديرا مفهومه للرواية في شكل آخر في رواية «الحياة هي في مكان آخر» بقوله انها تعتمد على أسئلة عدة! ما الموقف الغنائي؟ ما الشباب بصفته مرحلة غنائية من العمر؟ ما معنى هذا الزواج المثلث! الغنائية، الثورة، الشباب؟ وماذا يعني أن يكون المرء شاعراً؟ «أذكر، على مكتب كونديرا، أنني كتبت هذه الرواية مع فرضية عمل تتمثل في التعريف الذي سجلته في مذكرتي:

الشاعر هو شاب تقوده أمه إلى أن يعرض نفسه عارياً أمام عالم يعجز عن الدخول فيه». وهذا التعريف كما يظهر ليس سوسيولوجياً ولا جمالياً ولا سيكولوجياً. ذلك أن جعل شخصية ماحية يعني المضي حتى النهاية في اشكاليتها الوجودية، وهذا يعني أيضاً المضيّ حتى النهاية في بعض المواقف، بعض الدوافع، بل بعض الكلمات التي لا يؤخذ بها، ولا شيء أكثر من ذلك.

ان سرد أحوال الشخص في الرواية عبر التساؤل عن اشكاليته الوجودية عند كونديرا يصطدم بالفلسفة والتاريخ، من حيث ان الروائي لا يستطيع الابتعاد عنهما، كما لا يستطيع الاستغراق في تفاصيلهما، لذلك نرى كونديرا يوضح أنه اذا كان نصيراً لحضور قوي للتفكير في الرواية، فهذا لا يعني أنه يحبّ الرواية الفلسفية، هذا القصّ لأفكار أخلاقية أو سياسية.

ان التفكير الروائي الأصيل تفكير لا نسقي على الدوام، غير منضبط. انه قريب من تفكير الفيلسوف الألماني نيتشه، انه تجريبي، يقتحم الثغرات في كل أنساق الفكر، ويفحص دروب التفكير كلها خلال محاولته الذهاب إلى غاية كل منها. كما نرى كونديرا يوضح من جهة ثانية ان التاريخ مع حركاته، وحروبه، وثوراته لا يهمّ الروائي لذاته، بصفته موضوعاً للوصف والتأويل، وانما يهمه النور الكشاف الذي يسلطه التاريخ على الوجود الإنساني وعلى امكاناته غير المتوقعة.

حين يستعرض مؤرخو الأدب في المستقبل تاريخ الرواية الأوروبية سيتوقفون من دون شك عند كونديرا الذي أغنى الرواية برؤية للعالم في كل امتداداته النفسية والاجتماعية والسياسية، رؤية جعلت من الرواية تفكر بالجوانب المنسية في الكيان الإنساني وترفعها إلى مستوى الواقع والمحسوس، وحين يفكر الفلاسفة في علاقة الفلسفة بالرواية، سيجدون أنه، كما قرّب نيتشه الفلسفة من الرواية، فإن كونديرا قرّب الرواية من الفلسفة. هذا التقريب لا يريد أن يقول ان كونديرا أقل روائيةً من روائيين آخرين، مثلما نيتشه .

العالم لا يحتمل «مزحة»[عدل]

بين الخفّة والتفاهة والضحك والمزاح، تتوزّع عناوين معظم أعمال ميلان كونديرا، لتُشكّل وحدة في الثيمات التي اشتغل عليها صاحب «غراميات مضحكة». فالكاتب التشيكي، الذي درس علم الموسيقى والسينما والآداب، اختار أن يُعبّر عن الموضوعات الأكثر صرامةً بالأساليب الأكثر هزلية، فظلّت المفردات العبثية أشبه بدعامات تقوم عليها إبداعات كونديرا من «خفة الكائن التي لا تُحتمل» و«المزحة»، إلى «الضحك والنسيان» و«الجهل» و«حفلة التفاهة»...

ومع أنه تعمّق في السياسة والفكر والفلسفة، واختبر الحياة الحزبية مع الشيوعيين في براغ عام 1948، ارتأى كونديرا (1929) أن تكون الخفّة سمة كتاباته. لم تُرعبه فكرة التسلية والإمتاع، مثلما فعلت بأبناء جيله من الأدباء الذين عايشوا فترة الغليان الحزبي والإيديولوجي في أوروبا والعالم. وعلى خلاف ما كان سائداً في أدب النصف الثاني من القرن العشرين، لم يرَ كونديرا إلى الرواية وسيلةً يُمرّر من خلالها أفكاراً «عظيمة» يعتقد بها، إنما بحث عن أدب يقدم توليفة مثالية بين المعنى الجادّ والأسلوب المُسلّي، على غرار ما قدّم سرفانتيس في «دون كيشوت» مثلاً أو حتى ديدرو في رائعته «جاك القدري». وبالفعل طغى هذا المزاج التهكميّ على غالبية ما قدّمه كونديرا من كتبٍ وروايات، أشهرها روايته «المزحة»، التي صدرت بترجمة عربية جديدة أنجزها خالد بلقاسم عن المركز الثقافي العربي.

بناء أوركسترالي[عدل]

يبني ميلان كونديرا روايته الأولى على أساسين اثنين اعتمدهما في معظم ما كتب، إن لم نقل كل ما كتب، هما الهزل (على مستوى المعنى) وتعددية الأصوات (على مستوى المبنى). تنقسم الرواية إلى سبعة أقسام، وهو عدد الأقسام أو الفصول التي تتكوّن منها كلّ أعمال كونديرا، باستثناء قلّة قليلة منها. وليس عبثاً هذا التنظيم «الأوركسترالي» في البناء الفني لروايات كونديرا الذي يكتب بروح الموسيقيّ الذي في داخله، هو الذي تعلّم عزف البيانو صغيراً متتلمذاً على أبيه لودفيك كونديرا، الموسيقي ورئيس جامعة جانكيك للموسيقى والآداب.

يتبدّل الرواة بتبدّل فصول الرواية. لودفيك، هيلينا، جاروسلاف، كوستكا. ومن خلال صيغة المتكلم، تتناوب أربع شخصيات على سرد الأحداث، أو بالأحرى الحدث المتصل أولاً وأخيراً ببطل الرواية لودفيك. «مزحة» عابرة تصنع فجأة انفجاراً في حياة، بل حيواتٍ عدة. تُبدّل مصائر أربعة أشخاص وتُغيّر مساراتهم.

إنها مصادفات عجيبة تتسبّب فيها رسالة من سطرين كتبهما لودفيك - بدافع الهزل - إلى زميلة يُحبّها هي ماركيتا، الحزبية الجميلة: «التفاؤل أفيون الشعب. العقل السليم يُعفّنه الغباء. عاش تروتسكي. (لودفيك)».

تنطلق الرواية مع عودة لودفيك إلى المكان الأوّل، مدينته التي يعيش بعيداً عنها منذ خمسة عشر عاماً. «هكذا بعد سنوات عديدة، وجدتُ نفسي في مدينتي من جديد». يستخدم لودفيك زمن الحاضر في حديثه عن عودته إلى مدينته وتحضيراته للقاء ما، ليعود من ثمّ، إلى الماضي (الفصل الثالث) واصفاً لحظة القبض عليه بتهمة خيانة الحزب والتهكّم عليه. فيستعيد البطل/ الراوي لحظة مثوله أمام لجنة الانضباط الحزبي. يتوقف عند تفاصيل استجوابه في مقرّ سكرتارية الحزب، الذي اعتبره خائناً، عدواً للإشتراكية، ساخراً من تفاؤلها، متحاملاً على مشاريعها. «أنت ترى أنّ الأفيون هو تفاؤلنا. لقد كتبت ذلك إلى ماركيتا. وتابع الثاني: كم أودّ أن أعرف ماذا سيكون ردّ فعل عمّالنا من الصدمة التي تفوق كلّ تصوّر إن علموا بأنّ تفاؤلهم أفيون. وأضاف الثالث: بالنسبة إلى التروتسكيين، لم يكن التفاؤل البنّاء دوماً إلاّ أفيوناً، وواضح أنك تروتسكيّ. يا إلهي، من أين جئتم بهذا الحكم؟ قلتُ محتجاً... تعلمون أنّ ماركيتا تأخذ كلّ شيء على محمل الجدّ وقد كنا دوماً نسخر منها لإغاظتها... تدخّل الثاني: ولكن حدّثنا قليلاً، ما الذي كانت تأخذه على محمل الجدّ؟ أهو الحزب مثلا، التفاؤل، السلوك، أليس كذلك؟ كلّ هذه الأمور التي تأخذها هي على محمل الجدّ لم تكن تبعث فيك أنت إلاّ الضحك»...(ص 48). أما هو، فلا ينفكّ يدافع عن نفسه بأنه حزبيّ أصيل، لكنه في الوقت نفسه، شخصية مرحة تميل تلقائياً إلى الدعابة والهزل.

تتميّز العمارة الروائية عند كونديرا بالتطابق بين الأسلوب والمدلول. ففي رواية «المزحة»، (صدرت باللغة التشيكية عام 1965)، يُقابل صاحب «فالس الوداع» صرامة تلك الحقبة من تاريخ بلاده ليس بفحوى الرواية فحسب، إنما بشكلها أيضاً. فيختار مفردات يصحّ القول فيها إنها تأسيسية، تعدّد استخدامها في هذه الرواية، وهي حاضرة غالباً في مجمل أعماله، نذكر منها على سبيل المثل: لا مبالاة، ازدراء، خفّة، هزل، دعابة، ضحك، مزحة، مزاح، تهكّم، سخري، تفاهة، بلاهة...

نقد الجماعة[عدل]

تتحرّك الرواية في مناخ واقعي عايشه التشيكيون، ومنهم الكاتب نفسه، إبّان حكم النظام الشمولي في تشيكيا ودول أوروبا الشرقية. تتولّد أحداثها من «مزحة» كتبها الحزبيّ الشيوعي لودفيك على ورقة ليُلاعب صديقة تُبالغ في جديتها وتُغالي في «تحزّبها». لكنّ النظام التوليتاري في تشكسلوفاكيا حينذاك- كما كلّ الأنظمة الديكتاتورية في العالم- لم يكن يتحمّل فكرة «الضحك». التفاؤل بالاشتراكية و»أحلامها» الاصلاحية ضروري، لكنّ الفرح لا ينبغي أن يتجاوز جديّة الحزبيين الصارمة. وهذا ما كان يسعى كونديرا دوماً إلى انتقاده في العقل الشيوعي/ الاشتراكي، إذ كيف يُمكن عالماً بهذه الغرائبية ألاّ يحتمل الدعابة؟ وكيف يمكن الإنسان فيه ألاّ يتعامل معه بخفّة؟ «لم يكن الفرح في تلك المرحلة يحتمل الدعابة والسخرية، لقد كان فرحاً وقوراً، كان يُسمَّي بفخر «تفاؤل الطبقة المنتصرة التاريخيّ»، كان فرحاً متقشفاً، رسمياً، بكلمة واحدة «الفرح» (ص 40). وما كان من لودفيك إلاّ أن يدفع ثمن هذه «المزحة» غالياً، بحيث خسر الدراسة والمشاركة التنظيمية والعمل والصداقات. بعبارة واحدة تفتقد إلى الجديّة ضاع كل ما له معنى في الحياة، الحبّ والتوق إلى الحبّ. ولم يتبقّ له سوى الزمن. «الزمن يمّحي بلطف خلف أفعالي» (ص 69)، يقول لودفيك.

ولا تخلو الرواية من نقد جليّ لذهنية «الحزب» التي تُقدّم الجماعة على الفرد، وتلغي «فرديّة «الحزبيّ» وشخصيته وحريته. فالعضو في الحزب يغدو ملك جماعته، ولحزبه الحقّ في معرفة من هو وكيف يُفكّر وبماذا يجب أن يفكّر. «بدا محو الشخصية الذي كنّا نخضع له معتماً تماما قي الأيام الأولى، فالأعمال غير الشخصية والمفروضة التي كنا نؤديها حلّت محلّ سلوكاتنا الإنسانية» ( 65). وينسحب نقد الراوي لودفيك للحزب الإشتراكي الذي حكم تشيكيا سنوات قبيل ما سُمي «ربيع براغ» على واقع كونديرا نفسه الذي طُرد مرّتين من الحزب الشوعي بتهمة إبراز «فردانيته» . ويُقدّم كونديرا، على لسان شخصياته، صورة اجتماعية لتلك المرحلة، فيصفها ب»فترة انعدام الأناقة بصورة جذرية» تارة، وب»عصر التفاؤل والمستقبل السعيد» طوراً.

تسمح تقنية البوليفونية أو السرد المتعدد الأصوات بعرض الحدث/ الفكرة ذاته (ها) عبر وجهات نظر مختلفة. فمن لودفيك، الشيوعي المرح الذي لم يكن هزله يتناسب مع روح العصر، ينتقل السرد إلى هيلينا، زوجة بافيل (صديق لودفيك) لنكتشف أنّها هي العشيقة التي أراد لودفيك أن يلتقيها بعد عودته إلى مدينته، انتقاماً من صديقه الذي يتخلّى عنه بعد كارثة «الرسالة الهزلية» (المزحة). وهي تُمثّل الحضور النسائي في الحزب الإشتراكي آنذاك وتأثير الإلتزام الحزبي في العلاقات العاطفية والزوجية. تقع هيلينا في حبّ لودفيك، فتخون زوجها معه بعد قصة حبّ عاصفة جمعت بينهما أيّام الثورة والتظاهرات والحركات الطالبية في بلادها. تخون الزوج من غير أن تفقد حنينها إليه، هو الذي يُمثّل لها زمناً جميلاً لا يزال حاضراً في وجدانها. لكنها رأت في لودفيك النسخة التي تحبّ أن تكونها، هي التي لا تخجل من أن تكون كما هي، لا كما يُريد الآخرون أن تكون. أمّا جاروسلاف الموسيقيّ فيجسّد شخصية الفنان في تلك المرحلة، ويستخدم كونديرا معارفه الموسيقية والفنية في بناء هذه الشخصية المميزة. أمّا كوستكا، فهو الحزبيّ المتدين الذي لم يفهم الحزبيّون كيف يُمكن شيوعيا ألاّ يكون ملحداً. وهو يُقارب بين تقبّل الإشتراكيين لمسيحيته قبل شباط (فبراير) 1948 ورفضهم لها بعد هذا التاريخ، وسماع أصوات تندد ب»اشتراكية» شاب ذي قناعات دينية واضحة، باعتبار أنّ المبادئ الحزبية الشيوعية تقـــوم عــلى الشكّ والعقلانية لتدخل الإشتراكية في فترة إيمان جماعي بالــــطــروحــات المــــاركســــية والوجــودية، وتــصـــير مــن ثـمّ أفكاراً غيــر قـــابـــلة للمـــساس، وبالتالي «مقــدســة» وفـــق المصطلح الديني.

بأسلوب تهكمي ساخر يكشف كونديرا في روايته عن مجتمعه التشيكي زمن حكمته إيديولوجيات هي من تبعات الحكم الستاليني الصارم. «المزحة» رواية تتهكّم من جدية الأنظمة والأحزاب والأفكار في ظلّ عالم عبثي لا يعدو كونه مزحة عابرة.

مراجع[عدل]

  1. ^ http://data.bnf.fr/ark:/12148/cb11910177x — تاريخ الاطلاع: 10 أكتوبر 2015 — الرخصة: رخصة حرة

وصلات خارجية[عدل]

مشاريع شقيقة

 

في كومنز صور وملفات عن: ميلان كونديرا

ضبط استنادي

تصنيفات

قائمة التصفح

بحث

 

تصفح

مشاركة

طباعة/تصدير

في مشاريع أخرى

أدوات

 

لغات

بقية الوصلات: 62

عدل الوصلات

  • آخر تعديل لهذه الصفحة كان يوم 19 أكتوبر 2018، الساعة 10:19.

#269

17 مشاهدة هذا اليوم

#594

573 مشاهدة هذا الشهر

#768

65K إجمالي المشاهدات
نماذج من أعمال ميلان كونديرا:

منشورات من أعمال ❞ميلان كونديرا❝:

نتيجة البحث