📘 ❞ عتاب الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن ❝ كتاب ــ د.صلاح عبدالفتاح الخالدي

كتب إسلامية متنوعة - 📖 ❞ كتاب عتاب الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن ❝ ــ د.صلاح عبدالفتاح الخالدي 📖

█ _ د صلاح عبدالفتاح الخالدي 0 حصريا كتاب عتاب الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن عن دار القلم للنشر والتوزيع 2024 القرآن: يقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [التحريم: 1 2] يستعمل الكريم ألطف الألفاظ وأرقها معاتبات رسول – وفيما يلي جملة من الأساليب الرقيقة التي استخدمت فمن ذلك: أ عتابه بشأن حادثة عبد بن أم مكتوم جاء العتاب سياق الغيبة لتخفيف وطأة المعاتبة نفسه كما أن توجيه المباشر مواجهة تجريح وإزالة لحاجب التقدير والتكريم والتدرج إلى الخطاب تهيئة للنفس لاستقبال الموقف ولإيهام صدر عنه ذلك غيره لأنه لا يصدر مثله[1] يقول عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى عَلَيْكَ أَلَّا وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى يَخْشَى عَنْهُ تَلَهَّى كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ [عبس: 16] ب وكذلك أخذ الفداء أسرى بدر بصيغة أولاً وبذكر إباحة لهم مباشرة ثانيًا ولم يكتف النص الإباحة بالأكل الغنيمة بل وصفه بالحلال الطيب وختم الآية بالنص المغفرة والرحمة لئلا يبقى أثر لتحرج النفس وفي كل تخفيف وشدته نفس كَانَ لِنَبِيٍّ يَكُونَ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا يُرِيدُ الْآَخِرَةَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالاً طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ [الأنفال: 67 69] جـ معاتبته بعد الإذن للمنافقين بالتخلف يوم العسرة قدّم لفظ العفو قبل ذكر تكريمًا لرسول جل شأنه: عَفَا عَنْكَ أَذِنْتَ لَهُمْ يَتَبَيَّنَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ [التوبة: 43] د وجاء تنبيه تركه المشيئة إِنْ سورة الكهف أجاب الأسئلة الموجهة إليه والتي كانت مجال الإرجاء فعندما سألته قريش بتحريض اليهود يخبرهم فتية ذهبوا الدهر الأول وكان أمرهم عجب وأن رجل طواف الآفاق أمره عجب… قال إيتوني غدًا وسأخبركم بذلك يستثن فلبث الوحي بضعة عشر يومًا حتى أرجف أهل مكة… فلم يعاتبه بترك أو تذكيره بها إلا الإجابة قصة نهايتها ذكره بقوله وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا يَشَاءَ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا [الكهف: 23 24] وهذا منتهى التلطف والتنبيه أمر ينبغي يكون الأمر ولو نبهه ثم الاستفسارات لتوهم الإعراض ولربما لم يزل أثره بفرح الحصول إلحاق غم وكمد بقلب أما إذا الجواب وتمت الفرحة والبشارة بالحصول وأثناء الابتهاج سيق التنبيه بأسلوب لطيف يترك أثرًا يذكر هـ هذه السورة لطيفًا رقيقًا غاية الترفق فقد افتتح بندائه بوصف النبوة وفيه التشريف والتطمين ما يؤثر مقامه العالي فهو النبي المكرم ولو بدأه بالعتاب فقال لفرق قلبه الصلاة والسلام ولترك كبيرًا وهذا أسلوب الحبيب الذي يريد أي هزة عاطفية قلب حبيبه مهما الهزة مغلفة بالأساليب الرفيقة ثم يأتي صيغة سؤال تلطف ومن الأمور المخففة لآثار السبب الدافع هذا التحريم وبيان غير معتبر الامتناع والتحريم فالغيرة ليست مما يجب مراعاته بين الأزواج إذ يكن هضم لحقوقهن فهناك الأشياء الدافعة للغيرة يؤبه لها وعذر فعله هو جلب رضى حسن معاشرته معهن لكن الغيرة نشأت بينهن إنما هي معاكسة بعضهن بعضًا يخل بحسن العشرة فأخبره اجتهاده وعاتبه أزال آثار بتذييل بذكر فعتاب لرسوله دليل مزيد العناية والاهتمام به والله ساتر لما أوجب رحيم يدفع المؤاخذة أصبح الحكم عامًا فيمن حلف فرض له تحلة اليمين وتحلة ذكرت بالتفاصيل المائدة: لَا يُؤَاخِذُكُمُ بِاللَّغْوِ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ أَوْسَطِ تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ كِسْوَتُهُمْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَفَّارَةُ حَلَفْتُمْ [المائدة: 89] ففي إزالة قد يعلق كدورة بسبب ولله كتابه أسرار وعبر و وهناك نوع آخر الشديد الموجه ويختلف الأسلوب الألوان السابقة وذاك قوله وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ أَمْسِكْ زَوْجَكَ وَاتَّقِ وَتُخْفِي نَفْسِكَ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ أَحَقُّ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ قَضَوْا مِنْهُنَّ وَكَانَ أَمْرُ مَفْعُولاً النَّبِيِّ حَرَجٍ سُنَّةَ خَلَوْا قَبْلُ قَدَرًا مَقْدُورًا يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ وَيَخْشَوْنَهُ يَخْشَوْنَ أَحَدًا وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا [الأحزاب: 37 39] هذا يختلف الشدة والعنف وذلك يتعلق بأمر تبليغ أحكام ﴿وَتُخْفِي ولذلك تقول السيدة عائشة رضي عنها: “لو كتم محمد شيئًا أوحي لكتم ﴾[2] ونظرًا لخطورة قضية التبليغ وما أعقبت الشديدة بآية أخرى فيها تعليل ودفاع موقف إخفاء زواجه بزينب طلاق زيد فإنه كان مأمورًا تعالى بأن يزوّج زينب حارثة وقد أعلمه أنه سيتم الطلاق وستكون زوجًا اقتران لإبطال عادة التبنّي لتنتهي بسهولة المجتمع لولا العنيفة بتطبيقها عمليًا حياة فجاء فالرسول يطبق وسنة الأنبياء والمرسلين يكونوا أول يلتزم بشرائع وأحكامه ويطبقونها أنفسهم وعلى تحت ولايتهم تأتي اللاحقة لتبين دور الرسل وأنه الالتزام والتبليغ وهو الوقت تبرير وتوضيح وتعليل فيكون بتقديم نصت قضاء سبحانه وتعالى وقضاء رسوله ينفي الخيرة للمؤمنين والمؤمنات وتعقيب الآيات المبينة لسنة الرسالات مهمتهم وخشية الناس وكلامهم يقولوا إن محمدًا تزوج بزوج متبناه لقد عرض كثرًا مواقف وأصحابه ومشاهد حياته وأحداث سيرته الخاصة والعامة استدرك بعض مواقفه أقواله وأفعاله وسجلت آيات الاستدراك والعتاب وستبقى تتلى القيامة وفي الكتاب تناول المؤلف عصمة ومعناها وموقف سرقة طعمة أبيرق وأمر بالبقاء مع المسلين المستضعفين وعتاب وإذن للمتخلفين غزوة تبوك وصلاة زعيم المنافقين ثبات أمام مساومات الكفار ونسيان قول: شاء وإلقاء الشيطان أمنية وزواج بنت جحش وتحريم الحلال لمرضاة أزواجه مكتوب كتب إسلامية متنوعة مجاناً PDF اونلاين الإسلام المنهج وضعه للناس كي يستقيموا وتكون حياتهم مبنيةً والذي بيَّنه وسلّم وإنّ للإسلام مجموعة المبادئ والأُسس الإنسان مسلماً بحق وهي اركان كتب فقه وتفسير وعلوم قرآن وشبهات وردود وملل ونحل ومجلات الأبحاث والرسائل العلمية, التفسير, الثقافة الاسلامية, الحديث الشريف والتراجم, الدعوة والدفاع الإسلام, الرحلات والمذكرات والكثير

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
عتاب الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن
كتاب

عتاب الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن

ــ د.صلاح عبدالفتاح الخالدي

عن دار القلم للنشر والتوزيع
عتاب الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن
كتاب

عتاب الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن

ــ د.صلاح عبدالفتاح الخالدي

عن دار القلم للنشر والتوزيع
عن كتاب عتاب الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن:
يقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [التحريم: 1، 2].

يستعمل القرآن الكريم ألطف الألفاظ وأرقها في معاتبات رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وفيما يلي جملة من الأساليب الرقيقة التي استخدمت في معاتبات رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فمن ذلك:

أ- في عتابه بشأن حادثة عبد الله بن أم مكتوم، جاء العتاب في سياق الغيبة لتخفيف وطأة المعاتبة على نفسه، كما أن في توجيه العتاب المباشر مواجهة تجريح وإزالة لحاجب التقدير والتكريم، والتدرج من الغيبة إلى الخطاب تهيئة للنفس لاستقبال الموقف.. ولإيهام أن من صدر عنه ذلك غيره لأنه لا يصدر عنه – صلى الله عليه وسلم – مثله[1].

يقول تعالى: ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى * كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾ [عبس: 1 – 16]

ب – وكذلك في عتابه بشأن أخذ الفداء من أسرى بدر، جاء العتاب بصيغة الغيبة أولاً، وبذكر إباحة ذلك لهم مباشرة ثانيًا، ولم يكتف النص على الإباحة بالأكل من الغنيمة بل وصفه بالحلال الطيب وختم الآية بالنص على المغفرة والرحمة لئلا يبقى أثر لتحرج النفس وفي كل ذلك تخفيف من وطأة العتاب وشدته على نفس رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، يقول تعالى: ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالاً طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنفال: 67 – 69].

جـ- وفي معاتبته بعد الإذن للمنافقين بالتخلف يوم العسرة، قدّم لفظ العفو قبل ذكر العتاب تكريمًا لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – جل شأنه: ﴿ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [التوبة: 43].

د- وجاء تنبيه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على تركه ذكر المشيئة ﴿ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ﴾ في سورة الكهف بعد أن أجاب عن الأسئلة الموجهة إليه والتي كانت مجال الإرجاء فعندما سألته قريش بتحريض من اليهود أن يخبرهم عن فتية ذهبوا في الدهر الأول وكان من أمرهم عجب وأن يخبرهم عن رجل طواف في الآفاق وكان من أمره عجب… قال لهم إيتوني غدًا وسأخبركم بذلك ولم يستثن فلبث الوحي بضعة عشر يومًا حتى أرجف أهل مكة….

فلم يعاتبه بترك المشيئة أو تذكيره بها إلا بعد الإجابة عن قصة أهل الكهف وفي نهايتها ذكره بها بقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا ﴾ [الكهف: 23- 24].

وهذا منتهى التلطف والتكريم والتنبيه على أمر ينبغي أن يكون الأمر عليه، ولو نبهه أولاً ثم أجاب على الاستفسارات لتوهم الإعراض عنه، ولربما لم يزل أثره بفرح الحصول على الإجابة، وفي ذلك إلحاق غم وكمد بقلب رسول الله – صلى الله عليه وسلم -. أما إذا جاء الجواب أولاً وتمت الفرحة والبشارة بالحصول على الجواب، وأثناء الابتهاج سيق التنبيه بأسلوب لطيف لم يترك العتاب والتنبيه أثرًا يذكر.

هـ- وفي هذه السورة جاء العتاب لطيفًا رقيقًا في غاية الترفق فقد افتتح العتاب بندائه بوصف النبوة، وفيه من التشريف والتكريم والتطمين على أن ما يذكر بعد لا يؤثر على مقامه العالي فهو النبي المكرم.

ولو بدأه بالعتاب فقال ﴿ لِمَ تُحَرِّمُ ﴾، لفرق قلبه عليه الصلاة والسلام ولترك أثرًا كبيرًا ولو جاء الترفق بعد ذلك، وهذا أسلوب الحبيب الذي لا يريد إلحاق أي هزة عاطفية في قلب حبيبه مهما كانت الهزة مغلفة بالأساليب الرفيقة الرقيقة.

ثم يأتي العتاب في صيغة سؤال تلطف ﴿ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ﴾ ومن الأمور المخففة لآثار العتاب ذكر السبب الدافع لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى هذا التحريم ﴿ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ ﴾، وبيان أن هذا السبب غير معتبر في الامتناع والتحريم فالغيرة ليست مما يجب مراعاته بين الأزواج إذ لم يكن هضم لحقوقهن، فهناك من الأشياء الدافعة للغيرة ينبغي أن لا يؤبه لها. وعذر النبي – صلى الله عليه وسلم – في فعله هو جلب رضى الأزواج، وهذا من حسن معاشرته عليه الصلاة والسلام معهن، لكن الغيرة التي نشأت بينهن إنما هي معاكسة بعضهن بعضًا، وهذا مما يخل بحسن العشرة بينهن، فأخبره الله أن اجتهاده هذا غير معتبر وعاتبه على ذلك.

ثم أزال آثار هذا العتاب عن نفس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بتذييل الآية بذكر المغفرة والرحمة فعتاب الله لرسوله دليل على مزيد العناية والاهتمام به، والله ساتر لما أوجب المعاتبة رحيم يدفع المؤاخذة. ثم أصبح الحكم عامًا فيمن حلف، فرض الله له تحلة اليمين، وتحلة اليمين ذكرت بالتفاصيل في سورة المائدة: ﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ﴾ [المائدة: 89].



ففي كل ذلك إزالة لآثار ما قد يعلق في النفس من كدورة بسبب العتاب. ولله في كتابه أسرار وعبر.

و- وهناك نوع آخر من العتاب الشديد الموجه إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مباشرة ويختلف في الأسلوب عن الألوان السابقة في العتاب وذاك في قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً * مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا * الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾ [الأحزاب: 37- 39].

هذا الأسلوب في العتاب يختلف في الشدة والعنف عن الأساليب السابقة، وذلك لأنه يتعلق بأمر تبليغ أحكام الله ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ﴾.

ولذلك تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: “لو كتم محمد – صلى الله عليه وسلم – شيئًا مما أوحي إليه من كتاب الله شيئًا لكتم ﴿ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ﴾[2].

ونظرًا لخطورة قضية التبليغ وما يتعلق بها فقد أعقبت الآية الشديدة بآية أخرى فيها تعليل ودفاع عن موقف رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من إخفاء قضية زواجه بزينب بعد طلاق زيد لها، فإنه كان مأمورًا من الله تعالى بأن يزوّج زينب من زيد بن حارثة، وقد أعلمه الله أنه سيتم الطلاق وستكون زينب زوجًا له – صلى الله عليه وسلم – وذلك قبل اقتران زيد بها. وذلك لإبطال عادة التبنّي التي ما كانت لتنتهي بسهولة من المجتمع لولا هذه الهزة العنيفة بتطبيقها عمليًا في حياة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.

فجاء قوله تعالى: ﴿ مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ﴾.

فالرسول في ذلك يطبق أمر الله، وسنة الله في الأنبياء والمرسلين أن يكونوا أول من يلتزم بشرائع الله وأحكامه ويطبقونها على أنفسهم وعلى من تحت ولايتهم، كما تأتي الآية اللاحقة لتبين دور الرسل وأنه الالتزام والتبليغ ﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾.

وهو في نفس الوقت تبرير وتوضيح وتعليل فيكون بتقديم الآية التي نصت على قضاء الله سبحانه وتعالى وقضاء رسوله الذي ينفي الخيرة للمؤمنين والمؤمنات وتعقيب الآيات المبينة لسنة الله في الرسالات وبيان مهمتهم في التبليغ، يكون في كل ذلك تبرير وتعليل لما فعله رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من إخفاء الأمر في نفسه وخشية الناس وكلامهم أن يقولوا إن محمدًا تزوج بزوج متبناه.


لقد عرض القرآن كثرًا من مواقف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومشاهد حياته وأحداث سيرته الخاصة والعامة، وقد استدرك القرآن على رسول الله بعض مواقفه في بعض أقواله وأفعاله وعاتبه الله في بعض ما صدر عنه من ذلك وسجلت آيات القرآن ذلك الاستدراك والعتاب، وستبقى تتلى حتى يوم القيامة.

وفي هذا الكتاب تناول المؤلف عصمة الرسول ومعناها، وموقف الرسول صلى الله عليه وسلم من سرقة طعمة بن أبيرق، وأمر الرسول بالبقاء مع المسلين المستضعفين، وعتاب الرسول بشأن أسرى بدر، وإذن الرسول للمتخلفين عن غزوة تبوك، وصلاة الرسول على زعيم المنافقين، ثبات الرسول أمام مساومات الكفار، ونسيان الرسول قول: إن شاء الله، وإلقاء الشيطان في أمنية الرسول، وزواج الرسول من زينب بنت جحش، وتحريم الرسول على نفسه الحلال لمرضاة أزواجه، وعتاب الرسول بشأن عبد الله بن أم مكتوب رضي الله عنه.


الترتيب:

#5K

1 مشاهدة هذا اليوم

#15K

42 مشاهدة هذا الشهر

#12K

16K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 166.
المتجر أماكن الشراء
د.صلاح عبدالفتاح الخالدي ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
دار القلم للنشر والتوزيع 🏛 الناشر
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية