📘 ❞ العدالة الاجتماعية في الإسلام ❝ كتاب ــ سيد قطب اصدار 1987

كتب إسلامية متنوعة - 📖 ❞ كتاب العدالة الاجتماعية في الإسلام ❝ ــ سيد قطب 📖

█ _ سيد قطب 1987 حصريا كتاب العدالة الاجتماعية الإسلام عن دار الشروق للنشر والتوزيع: مصر لبنان 2024 الإسلام: جاء أربعة فصول تناقش قضية ابتدأ الكاتب رحمه الله كتابه بفصل بين فيه العلاقة الدين والمجتمع مقارنا والديانات الأخرى نظرته للفرد وعلاقته بالله والكون والناس من حوله ثم تناول الشيخ كل زواياها مبينا طبيعتها وأسسها ووسائلها ناقش سياسة الحكم والمال والملكية الفردية واختتم بتأصيل وتحليل لقضايا الأدب والفن والتاريخ بنظرة متعمقة تدلل أن نظام عقائدي وحياتي يشمل مظاهر الحياة جميعا أهمية الكتاب تتجلى أهمية هذا الكتاب أنه وقت ينادى وقصره شعائر تعبدية تقصيه الدنيا وتجعل منه دينا معزولا أسوة بما جرى أوروبا بعد الثورة حيث تم الفصل الكامل والدين وغرس شعور ووجدان المسلمين ضرورة الخروج بإسلامهم العزلة التي تراد له إلى ميادين إن المجتمع المسلم لا يستقيم بلا إسلام والإسلام تطبيقه عرج بتفصيل الخلل وسياسة المال أضرت بالعدالة المجتمعات أهم الركائز تقوم عليها وهي التحرر الوجداني المطلق والمساواة الإنسانية الكاملة والتكافل الاجتماعي الوثيق عنصر مبني الآخر شارحا لكل ركيزة منها حدة وتزداد مما استشرفه المؤلف مستقبل الصراع يفهم المتعمق القادم لن يكون معسكرات أرضية بقدر ما هو صراع شديد المادية البحتة ترفض الترابط مع السماء وبين الذي يجمع الأرض والسماء والمادة والروح والإنسان إطار يطغى جانب الناس عند استيراد السلع تراجع أرصدتها القديمة أما المبادئ دينها وميراثها الفكري الدين المسيحية والإسلام ينظر الناس واقعهم فيرونه يسر جنباته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فينظرون بدون تفكير وأمريكا يسعون والخدمات يحتاجونها مراجعة أرصدتهم وموجوداتهم السوقية وبدون ولا لرصيدها الفكري وتراثها الإسلامي يريدون والقيم والنظم والقوانين هم يعلنون دينهم وهم حماته ودعاته ويعزلون العملية بحجة الطواغيت والفسدة دائما يستخدمون تخدير الشعوب المحرومة وتنويم الطبقات الكادحة وهذه الأفكار لم تكن يوما وليدة تعرفها طبيعته وإنما يحاكون كالقرود دون معرفة مصدر تلك الأكاذيب الكنيسة الطهر السقوط بعد تحجر اليهودية نشأت الكنيسة درجة عالية التطهر ونظافة الضمير والسمو بالوجدان والتجرد الروحي وسماحة النفس وتركت الدولة تدير شئون تراه يناسبها قوانين ونظم عبرت البحر وحضارة الرومان حتى وجدت شعوبا تتقاتل ويرون مكان حياتهم ومن هنا عاشت عزلة شعر معها القساوسة والبابوات بخطورة مصالحهم ونفوذهم والسياسي والاقتصادي فوقع وأباطرة وساند العوام وتوافقت السلطتان الدينية حماية حساب طحن واستخدم كمخدر ومسكن للشعوب وبهذا التوافق صارت سلطة مقدسة تملك رقاب العباد وتبيع صكوك غفران الآخرة ورائها محاكم التفتيش تقتل اتهم بالإلحاد ولما بدأت معالم صحوة فكرية حاربتها ووقفت حائط صد وجه العلم والعلماء فتفوق وتولدت الصناعات وصار معسكرين عمال بسطاء وأصحاب رؤوس أموال واختارت معسكر الأموال فانضمت وانفجر الكادحين فثار المعسكر الديني الرأسمالي جملة وكرهوا وحاربوه وفصلوه الحياه برمتها الإسلام يرفض لما رأت تتخذ مخدرا للكادحين أعلنت ثورتها الدين أما إسلامنا فقد نشأ مجتمع بدوي سيطرة عليه لملك امبراطورية وتولى ضمائر وسلوكياتهم ووضع لهم قوانينهم ونظمهم وربط عالم وعالم ولم يفصل النشاط العلمي أو العملي يتعدد جوهره وإن اختلف سلوكه ومظهره يُنشِئ حياة منعزلة واقع ونظامهم فحقيقة وهو معزول عنه يكتمل وحياتهم قائمة غير منهج فالإسلام يتجزأ تنفصل شعائره التعبدية قيمه السلوكية والحياة كلها عبادة سواء أكانت عمل موقف رجال الدين ليس كهانة وساطة وعباده وكل مسلم يستطيع يتصل بربه كاهن رجل دين والحاكم يستمد ولايته الحق الإلهي يستمدها تنفيذ شريعة والاحتكام إليها ليس معلوم الديانات لكن علماء بالدين سلطان بذلك يكره يضطهد العلماء بل افترضه وأوجب توقير أهله ورفعهم درجات يقوم الخوارق والمعجزات التأمل والنظر آيات فلا جفوة والعلم الصحيح ينكر أحد وقوف صف السلطان بعض عهود التاريخ ولكن روح تنكر ذلك وتتوعدهم بالعذاب جزاء اشتروا بآيات ثمنا قليلا ولقد حفظ مواقف بطولية لعلماء صادقين صفوف يخافوا لومة لائم يدعو الوقوف بالناس شكل تاريخي معين للتطور وفق ثوابت بمراجعة رصيدنا وتراثنا طبيعة الإسلام لن ندرك إلا بإدراك التصور للإسلام الألوهية شامل يتعامل مجال بمعزل بقية المجالات لكنه علاقة الخالق بالمخلوق بنفسه بالكون والفرد بالجماعة بالدولة ببعضهم البعض والجيل بالأجيال السابقة واللاحقة كانت قبل تستقيم تصور العلاقات جاءهم لقد خلق قوى الكون لتكون صديقا مساعدا ومتعاونا الإنسان يتركه رعاية وعناية القوى فأمسك تقع ومنع الليل يدرك النهار والشمس تدرك القمر نسق عجيب متكامل مهيأ لحياة آمنة وأمر بإقامة شرعه ومنهجه بديع كما أبدعه سبحانه أحسن شيء خلقه بين الروحية والمادية كل حراما فهو مباح والمرء يثاب نشاط حيوي حدود وشرعه لقد ظل قائما والمادية معتقدون خلاص الروح يعني كبت الجسد وتعذيبه الأقل إهماله فإذا يعرض صورة متكاملة متناسقة تعارض فيها عوج اضطراب ويؤلف والجسد ويوازن العبادة والعمل ويجعل الكل طريق واحد الطريق كالكون كلاهما ذاته وحدة مركبة فالكون الظاهر المعلوم والغيب المجهول أشواق متطلعة ونزعات ملتصقة بالأرض متى انفصلت أجزاء وقع والاضطراب الوحدة الكونية لأنه التوحيد توحيد الإله وتوحيد الأديان الرسل التبشير لهذا "إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون" والمعاملات والروحيات والماديات والدنيا والآخرة دلت شمول هي جعلتنا إن نظر تعارف وتراحم وتعاون وتكافل بوجه خاص بشكل عام أسس محددة مقررة عكس كان النصرانية تشريع واضح محدد روعة يضع نظمه وتشريعاته وعظاته وتوجيهاته يعالج قصور يتغافل الفطرة الربانية فالإنسان يحب الحرص والشح والبخل الكرم والبذل والعطاء فجاءت التشريعات تراعي حب للمال والخير وتضع ضوابط البذل والزكاة والصدقة يجعل الفرد بمطامحه مصلحة ميول وفطرته العدالة الإسلام في حلال ليتسع المجال أمام فيحدثوا توازنا مهما تطورت وتغيرت وتملكتها الحداثة والعدالة قيمة قيم الكثيرة المتمازجة أوسع تتخلص وفقط قرر مبدأ تكافؤ الفرص الجميع وترك الباب مفتوحا للاجتهاد باب الواسع يساير يطالب بالمساواة أقر ليمنح فرد فرصته الكسب جهده المبذول واستعداده النفسي والفكري والبدني إذ تقر اختلاف امتلاك لاختلاف قدراتهم واستعداداتهم شريطة المساواة منح والكفاية لتتماسك ويتناسق وتتسق الأمة كتب إسلامية متنوعة مجاناً PDF اونلاين المنهج وضعه وتعالى للناس كي يستقيموا وتكون مبنيةً والذي بيَّنه رسوله صلى وسلّم وإنّ مجموعة والأُسس يجب مسلماً بحق الالتزام بها اركان كتب فقه وتفسير وعلوم قرآن وشبهات وردود وملل ونحل ومجلات الأبحاث والرسائل العلمية, التفسير, الثقافة الاسلامية, الحديث الشريف والتراجم, الدعوة والدفاع الإسلام, الرحلات والمذكرات والكثير

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
العدالة الاجتماعية في الإسلام
كتاب

العدالة الاجتماعية في الإسلام

ــ سيد قطب

صدر 1987م عن دار الشروق للنشر والتوزيع: مصر - لبنان
العدالة الاجتماعية في الإسلام
كتاب

العدالة الاجتماعية في الإسلام

ــ سيد قطب

صدر 1987م عن دار الشروق للنشر والتوزيع: مصر - لبنان
عن كتاب العدالة الاجتماعية في الإسلام:
جاء كتاب العدالة في الإسلام في أربعة فصول تناقش قضية العدالة الاجتماعية في الإسلام، ابتدأ الكاتب سيد قطب رحمه الله كتابه بفصل بين فيه العلاقة بين الدين والمجتمع، مقارنا بين الإسلام والديانات الأخرى في نظرته للفرد والمجتمع، وعلاقته بالله والكون والناس من حوله، ثم تناول الشيخ رحمه الله قضية العدالة الاجتماعية من كل زواياها، مبينا طبيعتها وأسسها ووسائلها، ثم ناقش سياسة الحكم والمال والملكية الفردية في الإسلام، واختتم كتابه بتأصيل وتحليل لقضايا الأدب والفن والتاريخ بنظرة متعمقة تدلل على أن الإسلام نظام عقائدي وحياتي يشمل مظاهر الحياة جميعا.

أهمية الكتاب

تتجلى أهمية هذا الكتاب في أنه جاء في وقت ينادى فيه بفصل الإسلام عن مظاهر الحياة، وقصره على شعائر تعبدية تقصيه عن الدنيا، وتجعل منه دينا معزولا، أسوة بما جرى في أوروبا بعد الثورة، حيث تم الفصل الكامل بين الحياة والدين، وغرس الكتاب في شعور ووجدان المسلمين ضرورة الخروج بإسلامهم من العزلة التي تراد له إلى ميادين الحياة، حيث إن المجتمع المسلم لا يستقيم بلا إسلام، والإسلام لا يستقيم تطبيقه معزولا عن ميادين الحياة. ثم عرج الكاتب بتفصيل عن الخلل في سياسة الحكم وسياسة المال، التي أضرت بالعدالة الاجتماعية في المجتمعات، مبينا أهم الركائز التي تقوم عليها العدالة الاجتماعية وهي التحرر الوجداني المطلق والمساواة الإنسانية الكاملة والتكافل الاجتماعي الوثيق، حيث إن كل عنصر مبني على الآخر، شارحا لكل ركيزة منها على حدة. وتزداد أهمية الكتاب مما استشرفه المؤلف عن مستقبل الصراع في الحياة، حيث يفهم المتعمق أن الصراع القادم لن يكون بين معسكرات أرضية بقدر ما هو صراع شديد بين الحياة المادية البحتة التي ترفض الترابط مع السماء، وبين الإسلام الذي يجمع بين الأرض والسماء، والمادة والروح، والكون والإنسان، في إطار لا يطغى فيه جانب على جانب.

الناس عند استيراد السلع تراجع أرصدتها القديمة، أما عند استيراد المبادئ لا تراجع دينها وميراثها الفكري
الدين والمجتمع بين المسيحية والإسلام

ينظر الناس إلى واقعهم فيرونه لا يسر في كل جنباته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فينظرون بدون تفكير إلى أوروبا وأمريكا، يسعون في استيراد السلع والخدمات التي يحتاجونها بعد مراجعة أرصدتهم وموجوداتهم السوقية، وبدون تفكير ولا مراجعة لرصيدها الفكري وتراثها الإسلامي، يريدون استيراد المبادئ والقيم والنظم والقوانين، ثم هم يعلنون أن دينهم الإسلام وهم حماته ودعاته، ويعزلون الدين عن الحياة العملية بحجة أن الطواغيت والفسدة دائما ما يستخدمون الدين في تخدير الشعوب المحرومة، وتنويم الطبقات الكادحة. وهذه الأفكار لم تكن يوما وليدة الإسلام، ولا تعرفها طبيعته، وإنما هم يحاكون كالقرود دون معرفة مصدر تلك الأكاذيب.

الكنيسة من الطهر إلى السقوط

بعد تحجر اليهودية، نشأت الكنيسة على درجة عالية من التطهر ونظافة الضمير، والسمو بالوجدان، والتجرد الروحي وسماحة النفس، وتركت الدولة تدير شئون الشعوب بما تراه يناسبها من قوانين ونظم، ثم ما إن عبرت الكنيسة البحر إلى أوروبا وحضارة الرومان، حتى وجدت شعوبا تتقاتل على الحياة، ويرون الدين لا مكان له في حياتهم، ومن هنا عاشت الكنيسة في عزلة، شعر معها القساوسة والبابوات بخطورة تلك العزلة على مصالحهم ونفوذهم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، فوقع الصراع بين القساوسة وأباطرة الحكم، وساند العوام الكنيسة، وتوافقت السلطتان الدينية والسياسية على حماية مصالحهم، على حساب طحن الشعوب واستخدم الدين كمخدر ومسكن للشعوب، وبهذا التوافق صارت الكنيسة سلطة مقدسة تملك رقاب العباد في الدنيا، وتبيع صكوك غفران الآخرة، ومن ورائها محاكم التفتيش تقتل كل من اتهم بالإلحاد. ولما بدأت معالم صحوة فكرية حاربتها الكنيسة، ووقفت حائط صد في وجه العلم والعلماء، فتفوق العلم، وتولدت الصناعات وصار المجتمع على معسكرين، عمال بسطاء، وأصحاب رؤوس أموال، واختارت الكنيسة معسكر رؤوس الأموال فانضمت له، وانفجر معسكر الكادحين، فثار على المعسكر الديني الرأسمالي جملة، وكرهوا الدين وحاربوه، وفصلوه عن الحياه برمتها.

الإسلام يرفض العزلة

لما رأت الطبقات الكادحة أن الكنيسة تتخذ من الدين مخدرا للكادحين، أعلنت ثورتها الكاملة على الدين
أما إسلامنا فقد نشأ في مجتمع بدوي لا سيطرة عليه لملك ولا امبراطورية، وتولى هو ضمائر الناس وسلوكياتهم، ووضع لهم قوانينهم ونظمهم، وربط بين عالم الأرض وعالم السماء، ولم يفصل بين النشاط العلمي أو العملي والدين، ولم يتعدد جوهره وإن اختلف سلوكه ومظهره، ولم يُنشِئ حياة منعزلة عن واقع الناس ونظامهم، فحقيقة الإسلام أنه لا يستقيم في عزلة عن المجتمع، ولا يستقيم المجتمع وهو معزول عنه، ولا يكتمل إسلام الناس وحياتهم قائمة على غير منهج الإسلام، فالإسلام كل لا يتجزأ، ولا تنفصل شعائره التعبدية عن قيمه السلوكية، والحياة فيه كلها عبادة سواء أكانت في عمل الدنيا أو في عمل الآخرة.

موقف الإسلام من رجال الدين

ليس في الإسلام كهانة ولا وساطة بين الله وعباده، وكل مسلم يستطيع أن يتصل بربه بلا كاهن أو رجل دين، والحاكم المسلم لا يستمد ولايته من الحق الإلهي، وإنما يستمدها من المسلمين، ومن تنفيذ شريعة الله والاحتكام إليها. ليس في الإسلام رجل دين بما هو معلوم في الديانات الأخرى، لكن فيه علماء بالدين، لا سلطان لهم بذلك على رقاب الناس، والإسلام لا يكره العلم ولا يضطهد العلماء، بل افترضه على الناس، وأوجب توقير أهله ورفعهم عند الله درجات، فالإسلام لا يقوم على الخوارق والمعجزات، وإنما على التأمل والنظر في آيات الله، فلا جفوة بين الدين والعلم الصحيح. لا ينكر أحد وقوف رجال الدين في صف السلطان وأصحاب المال في بعض عهود التاريخ، ولكن روح الإسلام تنكر ذلك وتتوعدهم بالعذاب جزاء ما اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا، ولقد حفظ التاريخ مواقف بطولية لعلماء صادقين في صفوف الحق لم يخافوا في الله لومة لائم. إن الإسلام لا يدعو إلى الوقوف بالناس عند شكل تاريخي معين، وإنما يدعو للتطور وفق ثوابت الإسلام، بمراجعة رصيدنا الفكري وتراثنا الإسلامي.

طبيعة العدالة الاجتماعية في الإسلام

لن ندرك العدالة الاجتماعية في الإسلام إلا بإدراك التصور الكامل للإسلام مع الألوهية والإنسان والكون، فالإسلام نظام شامل لا يتعامل مع الحياة كل مجال على حدة بمعزل عن بقية المجالات، لكنه تناول علاقة الخالق بالمخلوق، والإنسان بنفسه، والإنسان بالكون، والفرد بالجماعة، والفرد بالدولة، والناس ببعضهم البعض، والجيل بالأجيال السابقة واللاحقة، ولقد كانت الإنسانية قبل الإسلام لا تستقيم على تصور شامل في العلاقات بين الله والناس، والناس والكون حتى جاءهم الحق. لقد خلق الله قوى الكون كلها لتكون صديقا مساعدا ومتعاونا مع الإنسان، ولم يتركه بلا رعاية وعناية مع تلك القوى، فأمسك السماء أن تقع على الأرض، ومنع الليل أن يدرك النهار، والشمس أن تدرك القمر، وإنما هو نسق عجيب متكامل، مهيأ لحياة آمنة، وأمر الناس بإقامة حياتهم على شرعه ومنهجه وفق نسق بديع كما نسق الكون الذي أبدعه الله سبحانه الذي أحسن كل شيء خلقه.

بين الروحية والمادية

كل ما ليس حراما فهو مباح، والمرء يثاب على كل نشاط حيوي في حدود منهج الله وشرعه
لقد ظل الصراع قائما بين القوى الروحية والمادية، والناس معتقدون أن خلاص الروح يعني كبت الجسد وتعذيبه، أو على الأقل إهماله، حتى جاء الإسلام، فإذا هو يعرض صورة متكاملة متناسقة لا تعارض فيها ولا عوج ولا اضطراب، يجمع بين الأرض والسماء، ويؤلف بين الروح والجسد، ويوازن بين العبادة والعمل، ويجعل الكل في طريق واحد، هو الطريق إلى الله. إن الإنسان كالكون، كلاهما في ذاته وحدة مركبة، فالكون وحدة مركبة من الظاهر المعلوم والغيب المجهول، والإنسان وحدة مركبة من أشواق متطلعة إلى السماء، ونزعات ملتصقة بالأرض، متى انفصلت أجزاء كل وحدة وقع الخلل والاضطراب. إن الإسلام دين الوحدة بين القوى الكونية جميعا، لأنه دين التوحيد، توحيد الإله، وتوحيد الأديان كلها في الإسلام، وتوحيد الرسل في التبشير لهذا الدين "إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون"، وهو دين الوحدة في العبادة والمعاملات، والروحيات والماديات، والدنيا والآخرة، وهذه الوحدة التي دلت على شمول الإسلام لكل الحياة، هي التي جعلتنا ندرك معالم العدالة الاجتماعية في الإسلام.

إن الحياة في نظر الإسلام تعارف وتراحم وتعاون وتكافل بين المسلمين بوجه خاص وبين الناس بشكل عام، تقوم على أسس محددة، ونظم مقررة عكس ما كان في النصرانية قبل الإسلام حيث لا تشريع واضح، ولا واقع محدد معلوم. ومن روعة الإسلام أنه يضع نظمه وتشريعاته، وعظاته وتوجيهاته، بما يعالج قصور الإنسان دون أن يتغافل الفطرة الربانية فيه، فالإنسان خلق يحب الحرص والشح والبخل، والإسلام جاء يدعو إلى الكرم والبذل والعطاء، فجاءت التشريعات تراعي حب الإنسان للمال والخير، وتضع ضوابط البذل والزكاة والصدقة، بما لا يجعل الفرد يطغى بمطامحه على مصلحة المجتمع، ولا المجتمع يطغى على ميول الإنسان وفطرته.

العدالة الاجتماعية في الإسلام

في الإسلام كل ما ليس حراما فهو حلال، ليتسع المجال أمام الناس، فيحدثوا توازنا في الحياة مهما تطورت وتغيرت وتملكتها الحداثة. والعدالة قيمة من بين قيم الإسلام الكثيرة المتمازجة، أوسع من أن تتخلص في العدالة الاقتصادية وفقط، فقد قرر الإسلام مبدأ تكافؤ الفرص، والعدالة بين الجميع، وترك الباب مفتوحا للاجتهاد في باب العدالة الواسع، بما يساير واقع الناس، والإسلام لم يطالب بالمساواة بين الناس في المال، وإنما أقر تكافؤ الفرص ليمنح كل فرد فرصته في الكسب وفق جهده المبذول واستعداده النفسي والفكري والبدني، إذ إن العدالة تقر اختلاف الناس في امتلاك المال لاختلاف قدراتهم واستعداداتهم شريطة المساواة في منح الفرص، والكفاية لكل فرد في المجتمع، لتتماسك الحياة، ويتناسق المجتمع، وتتسق وحدة الأمة مع وحدة الكون مع وحدة الحياة.
الترتيب:

#2K

0 مشاهدة هذا اليوم

#4K

101 مشاهدة هذا الشهر

#6K

27K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 228.
المتجر أماكن الشراء
سيد قطب ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
دار الشروق للنشر والتوزيع: مصر - لبنان 🏛 الناشر
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية
نتيجة البحث