📘 ❞ الإمام الصادق حياته وعصره آراؤه وفقهه ❝ كتاب ــ محمد أبو زهرة

التراجم والأعلام - 📖 ❞ كتاب الإمام الصادق حياته وعصره آراؤه وفقهه ❝ ــ محمد أبو زهرة 📖

█ _ محمد أبو زهرة 0 حصريا كتاب الإمام الصادق حياته وعصره آراؤه وفقهه عن دار الفكر العربي بمصر 2024 وفقهه: أبو عبد الله جعفر بن (ولد يوم 17 ربيع الأول 80 هـ المدينة المنورة وتوفي فيها مساء 25 شوال من سنة 148 هـ) إمام أئمة المسلمين وعالم جليل وعابد فاضل ذرية الحسين علي أبي طالب وله مكانة جليلة عظيمة لدى جميع لُقِبَ بالصادق لأنه لم يُعرف عنه الكذب ويعتبر السادس الشيعة الإثنا عشرية والإسماعيلية وينسب إليه انتشار مدرستهم الفقهية والكلامية ولذلك تُسمّى الإمامية بالجعفرية أيضاً بينما يرى أهل السنة والجماعة أن علم ومدرسته أساسٌ لكل طوائف دون القول بإمامته بنصٍ وروى كثير كتَّاب الحديث والشيعة حدٍ سواء وقد استطاع يؤسس عصره مدرسة فقهية فتتلمذ يده العديد العلماء ومن الجدير بالذِكر يُعتبر واحداً أكثر الشخصيات تبجيلاً عند أتباع الطريقة النقشبندية وهي إحدى الطرق الصوفيَّة السنيَّة يقال أنه أوائل الرواد الكيمياء حيث تتلمذ يديه جابر حيان ويرى بعض الباحثين ألتقى بخالد يزيد معاوية وأخذ تمت التعمية هذه المعلومة قبل المؤرخين لأسباب سياسية وعقدية كذلك فقد كان عالم فلك ومتكلماً وأديباً وفيلسوفاً وطبيباً وفيزيائياً أم أبيه هي: أم بنت الحسن أمه فروة فاطمة القاسم بكر أمَّا أمه فهي: أسماء الرحمن وقد اجتمعت نسبه خصائص ميَّزته غيره كما قال الأستاذ الحليم الجندي: «فجعفر قد ولده النبي مرتين وعليّ والصدّيق ليدلّ بهذا المجد الذي ينفرد به الدنيا نسيج وحده الناحية الأخرى كِسرى أعلى مواقعها الإسلام للموالي والعرب فذلك هو الدين جاء رسول » مكانته العلمية عُرف اطّلاعه الواسع وعلمه الغزير شهد له بذلك الأكابر منهم تلميذه حنيفة نوّه بعلم أستاذه ومقدار فضله حينما سُئل: «"من أفقه رأيت؟" فأجاب قائلاً: "جعفر لمَّا أقدمه المنصور بعث إليَّ فقال: يا أبا إن الناس فُتنوا بجعفر فهيّء مسائلك الشداد فهيّأت أربعين مسألة ثم وهو بالحيرة فأتيته فدخلت عليه وجعفر جالس يمينه فلما بصرت دخلني الهيبة لجعفر [الصادق]ما يدخلن لأبي [المنصور] فسلمت فأومأ إليّ فجلست التفتّ هذا نعم أعرفه ألقِ فجعلت ألقي ويجيبني فيقول: أنتم تقولون كذا وأهل يقولون ونحن نقول فربما تابعنا وربما تابعهم خالفنا جميعاً حتى أتيت الأربعين فما أخلّ منها بشيء!" حنيفة: "أليس روينا: أعلم أعلمهم باختلاف الناس؟!"» عاش فترة حاسمة جداً السياسية الفترة التي تلت سقوط الدولة الأموية وقيام العباسية وعادة ما تعطي الجديدة هامشاً كبيراً الحرية والتحرك ولذا بدأ بتأسيس نواة علمية ووضع أركان مدرسته الكبرى خرّجت الآلاف الطلاب والعلماء الوشّاء مروره بمسجد الكوفة:«أدركت المسجد 900 شيخ كلهم يقول: "حدثني محمد"» مع العلم بين الكوفة والمدينة كانت معقل مسافة شاسعة وهذا يدل مدى التأثير العلمي أحدثه ربوع العالم الإسلامي وهكذا فحينما ارتفع الضغط يمارسه الأمويون يتوافدون كل حدبٍ وصوبٍ ينقل أسد حيدر « يؤم طلاب ورواة الأقطار النائية لرفع الرقابة وعدم الحذر فأرسلت والبصرة وواسط والحجاز إلى أفلاذ أكبادها قبيلة بني ومخارق وطي وسليم وغطفان وغفار والأزد وخزاعة وخثعم ومخزوم وبني ضبة قريش ولا سيَّما الحارث المطلب علي» كتبت أقلام كثيرة حول وخصّصت كتباً وفصولاً ذلك "الإمام الصادق" للشيخ يقول فيه: الصادق إن للإمام فضل السبق خاص يروي ويراه وأوسع الفقهاء إحاطة وكان مالك يختلف دارساً راوياً الأستاذية فحسبه فضلاً فوق حفيد زين العابدين سيّد وشرفاً وديناً وعلماً ابن شهاب الزهري وكثير التابعين الباقر بقر ووصل لبابه فهو ممن جعل الشرف الذاتي والشرف الإضافي بكريم النسب والقرابة الهاشمية والعترة المحمدية الصادق ويدخل السياق مناظراته العلمية والدينية دلّت علمٍ جمٍ وفضلٍ غزيرٍ المناظرات وغيرهم والعلوم الإنسانية المختلفة اتّبع منهجاً منطقياً تسلسلياً المناظرة والنقاش أسلوب علمي يُبرز مكانته وقدرته استحضار كافة جوانب الموضوع وحضور البديهة الرد الطبيعي يتعرض شخص المستوى الكبير الفهم والعلم والمكانة لأسئلة المستفسرين وإنكار الملحدين ومكابرة الفئات المتأثرة بالعلوم المستقدمة هنا وهناك تلك المناظرات: مناظرة مناظرة القياس وأخر حكم التوسل بالنبي مناظرة رؤساء المعتزلة طبيب هندي الفضل العباس ربيعة هاشم المعروف باسم الهاشمي الزنادقة العوجاء الحكمة الغيبة ولم تكن الأسئلة تُطرح مختصة بالمسائل الفقهيّة أو الحديثيّة عصر ترجمةٍ وعلوم يأتيه علماء ومفكرون متأثرون بتيارات الفلسفة اليونانية منتشرة الحقبة الزمن ويُلاحظ المعنى واضحاً نقاشات الكريم يشكّك والعقيدة الإسلامية منطلق فلسفي وكلامي وأشكل الآية القرآنية: Ra bracket png إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا Aya 56 La وقال مضمونه: إذا عصت الجلود وعذبها بدّلها بجلود غيرها ذنب تُعذب؟ الأولى هي عصت؟! فأجابه الصادق: "هي غيرها" وأوضح بأنه لو أخذ طابوقة بناء وصبّ عليها الماء عجنها وقولبها مرة أخرى شكل فهي نفس الطابوقة وحدة مادتها غير باعتبار شكلها الجديد وغيرها شتى المواضيع والتي أظهرت للعالم المرموقة ومنزلته السامية مذهبه ومنهجه الاجتهادي يتشابه منهج ومنهج السنَّة أمور أساسيَّة؛ يعتمد بالتدريج القرآن والسنَّة النبوية والإجماع الاجتهاد لكنه يضيف أمراً أساسيّاً الاعتقاد بالإمامة وما يترتب تقييم للصحابة وفتاواهم وأحاديثهم واجتهاداتهم بحسب مواقفهم آل البيت ويترتب المفهوم الشيعي للإمامة بعصمة فكانت اجتهادات قابلة للطعن معصوم الخطأ والنسيان والمعصية؛ بل إنَّ أقواله واجتهاداته تدخل حكماً إطار يمكن فرد يُدرك معاني الباطنة؛ أمرٌ بالأئمة فقط لأن اجتهاداتهم مطابقة لمقاصد الشريعة؛ وذلك أنَّ نوراً إلهيّاً حلَّ وفي الأئمة بعده فاجتمع عندهم الشريعة بظاهرها وباطنها وتشدد كثيراً فلا يُقبل يكن الحكم المُقاس معللاً بعلَّة منصوص أمَّا المُفتقر علَّة فيُصبح رأياً عنده والفقه بالرأي مرفوض فعل إنساني ليس فيه ضمانة شرعيَّة ويُقرّ الفقه الجعفري بالإجماع شرط يكون صادراً إجماع عامَّة الصحابة حجَّة إلّا طرفاً فالإجماع حق المعصومين الإجماع العام لا يوفر وإلى لابدَّ واللجوء العقل الصرف عدم وجود نص قرآن سنَّة لتأمين مصلحة نوع الاستصلاح فالمصلحة العامَّة تعتبر أصلاً أصول التشريع لكن الناس؛ إنه أولاً وأساساً للأئمة ثمَّ لفضلاء المجتهدين ألّا يُخالفوا باجتهاداتهم المعصوم يستمد اجتهاداته الفقهيَّة النور الإلهي لذلك رأي موثوقاً يتطرّق والإمام حاضر للظهور أخطأ المجتهدون لكي يُسدد خطاهم؛ ولتبقى الأمَّة الطريق المستقيم فالله يقطع الحبل الممدود بينه وبين عباده وإلّا فسدت الأرض بمن التراجم والأعلام مجاناً PDF اونلاين يتناول سير حياة الأعلام عبر العصور دقيق يبحث أحوال والأفراد الذين تركوا آثارا المجتمع ويتناول طبقات الأنبياء والخلفاء والملوك والأمراء والقادة المجالات والفقهاء والأدباء والشعراء والفلاسفة ويهتم بذكر حياتهم الشخصية ومواقفهم وأثرهم الحياة وتأثيرهم عموما فرعا فروع التاريخ اهتم المسلمون اهتماما كبيرا بدأت العناية بعد عهد الرسول صلى وسلم بزمن يسير حرص حماية وصيانة المصدر الثاني مصادر النبوي حرصوا صيانته والتزوير والغش والتلفيق والدس فنشأ كقاعدة تلقّي الأخبار وبالأخص فيما يتعلق بالحديث أولا الآثار المروية والتابعين وباقي خصوصا والناس روى مسلم صحيحه مجاهد قال: «جاء بشير العدوي عباس فجعل يحدث ويقول: يأذن لحديثه ينظر مالي أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك تسمع؟ فقال عباس: إنا كنا سمعنا رجلا ابتدرته أبصارنا وأصغينا بآذاننا ركب الصعب والذلول نأخذ إلا نعرف » واستمر العمل القاعدة ضرورة معرفة الرجال ناقلي بسبب حال نقلة لما ينبني المعرفة قبول والتعبد بما لله تعالى رد والحذر اعتبارها ديناً وروى سيرين «لم يكونوا يسألون الإسناد وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر فيؤخذ حديثهم وينظر البدع يؤخذ حديثهم» وجاءت عبارات بيان أهمية الرواة صريحة وواضحة الأهمية بمكان البحث نواح تفصيلية الراوي ونواح استنتاجية (تُستنتج حديثه وطريقته التحديث) مباحث العلم: تاريخ ميلاد وتاريخ طلبه للعلم وممن سمع سِنِيِّ هم الشيوخ عنهم (من حدث سماعاً دلس شيئاً أرسل عنه) مدة ملازمته لكلّ شيوخه وكيف ذاك وكم منه الأحاديث والآثار روى ذلك؛ وهل الضعفاء والمجاهيل؟ ورحلاته بها حدّث به؛ ومتى يحدِّث؟ حفظه كتابه؛ سماعٌ عرض؛ المستملون والوراقون استخدمهم؟) إقبال عدد الحاضرين عنده؟ الأوهام وقع والسَّقطات أُخذت عليه؟ أخلاق وعبادته ومهنته؛ يأخذ أجراً التحديث؟ عسِراً التحديث سمحاً بعلمه متساهلاً ؟ وتفرّع وانبثق علوم متعلّقة الباب تفرّدته الأمة باقي الأمم وعلم مصطلح ناحية العدالة والتوثيق والضبط العلل الجرح والتعديل أقسام التراجم هنالك تقسيمات متنوعة لعلم والكتب العديدة المؤلفة فمنها: التراجم الطبقات التراجم الحروف الوفيات القرون البلدان وقسّمهم البعض الآخر أبواب مختلفة منها: التراجم المتعلقة معيّن المتعلّقة بمذهب بفنّ بشخص الترجمة الذاتية وقد أسهب التأليف الأبواب يكاد يخلوا باب وصنّفت عشرات الكتب وهذا ركن بكتب مجانيه للتحميل وتراجم ومذكرات فيشمل الكثير المجال

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
الإمام الصادق حياته وعصره آراؤه وفقهه
كتاب

الإمام الصادق حياته وعصره آراؤه وفقهه

ــ محمد أبو زهرة

عن دار الفكر العربي بمصر
الإمام الصادق حياته وعصره آراؤه وفقهه
كتاب

الإمام الصادق حياته وعصره آراؤه وفقهه

ــ محمد أبو زهرة

عن دار الفكر العربي بمصر
عن كتاب الإمام الصادق حياته وعصره آراؤه وفقهه:

أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق، (ولد يوم 17 ربيع الأول 80 هـ في المدينة المنورة وتوفي فيها في مساء 25 شوال من سنة 148 هـ)، إمام من أئمة المسلمين وعالم جليل وعابد فاضل من ذرية الحسين بن علي بن أبي طالب وله مكانة جليلة عظيمة لدى جميع المسلمين.

لُقِبَ بالصادق لأنه لم يُعرف عنه الكذب، ويعتبر الإمام السادس لدى الشيعة الإثنا عشرية والإسماعيلية، وينسب إليه انتشار مدرستهم الفقهية والكلامية. ولذلك تُسمّى الشيعة الإمامية بالجعفرية أيضاً، بينما يرى أهل السنة والجماعة أن علم الإمام جعفر ومدرسته أساسٌ لكل طوائف المسلمين دون القول بإمامته بنصٍ من الله، وروى عنه كثير من كتَّاب الحديث السنة والشيعة على حدٍ سواء، وقد استطاع أن يؤسس في عصره مدرسة فقهية، فتتلمذ على يده العديد من العلماء. ومن الجدير بالذِكر أن جعفر الصادق يُعتبر واحداً من أكثر الشخصيات تبجيلاً عند أتباع الطريقة النقشبندية، وهي إحدى الطرق الصوفيَّة السنيَّة.

يقال أنه من أوائل الرواد في علم الكيمياء حيث تتلمذ على يديه أبو الكيمياء جابر بن حيان ، ويرى بعض الباحثين ان جعفر الصادق ألتقى بخالد بن يزيد بن معاوية وأخذ عنه الكيمياء وقد تمت التعمية على هذه المعلومة من قبل بعض المؤرخين لأسباب سياسية وعقدية. كذلك فقد كان عالم فلك، ومتكلماً، وأديباً، وفيلسوفاً، وطبيباً، وفيزيائياً.

أم أبيه هي: أم عبد الله بنت الحسن بن علي بن أبي طالب.
أمه هي: أم فروة فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر .

أمَّا أم أمه فهي: أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر .
وقد اجتمعت في نسبه خصائص ميَّزته عن غيره كما قال الأستاذ عبد الحليم الجندي: «فجعفر قد ولده النبي مرتين. وعليّ مرتين، والصدّيق مرتين، ليدلّ بهذا المجد الذي ينفرد به في الدنيا على أنه نسيج وحده. ومن الناحية الأخرى ولده كِسرى مرتين. ليدلّ الدنيا - من أعلى مواقعها - على أن الإسلام للموالي والعرب. فذلك هو الدين الذي جاء به رسول الله.».

مكانته العلمية

عُرف عن الإمام الصادق اطّلاعه الواسع وعلمه الغزير، حيث شهد له بذلك الأكابر من العلماء، منهم تلميذه الإمام أبو حنيفة حيث نوّه بعلم أستاذه الإمام جعفر الصادق ومقدار فضله حينما سُئل: «"من أفقه من رأيت؟" فأجاب قائلاً: "جعفر بن محمد، لمَّا أقدمه المنصور بعث إليَّ فقال: يا أبا حنيفة إن الناس قد فُتنوا بجعفر بن محمد، فهيّء له مسائلك الشداد، فهيّأت له أربعين مسألة، ثم بعث إليَّ أبو جعفر وهو بالحيرة فأتيته فدخلت عليه وجعفر جالس عن يمينه، فلما بصرت به دخلني من الهيبة لجعفر [الصادق]ما لم يدخلن لأبي جعفر [المنصور]، فسلمت عليه فأومأ إليّ فجلست، ثم التفتّ إليه فقال: يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة، فقال: نعم أعرفه. ثم التفتّ إليَّ فقال: ألقِ على أبي عبد الله من مسائلك، فجعلت ألقي عليه ويجيبني فيقول: أنتم تقولون كذا، وأهل المدينة يقولون كذا، ونحن نقول كذا، فربما تابعنا، وربما تابعهم، وربما خالفنا جميعاً، حتى أتيت على الأربعين مسألة فما أخلّ منها بشيء!" ثم قال أبو حنيفة: "أليس قد روينا: أعلم الناس، أعلمهم باختلاف الناس؟!"».

عاش الإمام الصادق في فترة حاسمة جداً من الناحية السياسية، وهي الفترة التي تلت سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية وعادة ما تعطي الدولة الجديدة هامشاً كبيراً من الحرية والتحرك، ولذا بدأ الإمام الصادق بتأسيس نواة علمية ووضع أركان مدرسته الكبرى التي خرّجت الآلاف من الطلاب والعلماء، حتى قال الحسن الوشّاء عند مروره بمسجد الكوفة:«أدركت في هذا المسجد 900 شيخ كلهم يقول: "حدثني جعفر بن محمد"»، مع العلم أن بين الكوفة والمدينة - التي كانت معقل الإمام الصادق - مسافة شاسعة وهذا يدل على مدى التأثير العلمي الذي أحدثه الإمام جعفر الصادق في ربوع العالم الإسلامي. وهكذا فحينما ارتفع الضغط الذي كان يمارسه الأمويون على مدرسة الإمام بدأ الطلاب يتوافدون على مدرسته من كل حدبٍ وصوبٍ، ينقل الأستاذ أسد حيدر فيقول: « كان يؤم مدرسته طلاب العلم ورواة الحديث من الأقطار النائية، لرفع الرقابة وعدم الحذر فأرسلت الكوفة، والبصرة، وواسط، والحجاز إلى جعفر بن محمد أفلاذ أكبادها، ومن كل قبيلة من بني أسد، ومخارق، وطي، وسليم، وغطفان، وغفار، والأزد، وخزاعة، وخثعم، ومخزوم، وبني ضبة، ومن قريش، ولا سيَّما بني الحارث بن عبد المطلب، وبني الحسن بن الحسن بن علي». وقد كتبت أقلام كثيرة حول علم الإمام الصادق، وخصّصت كتباً وفصولاً حول ذلك، منها كتاب "الإمام الصادق" للشيخ محمد أبي زهرة الذي يقول فيه:

جعفر الصادق إن للإمام الصادق فضل السبق، وله على الأكابر فضل خاص، فقد كان أبو حنيفة يروي عنه، ويراه أعلم الناس باختلاف الناس، وأوسع الفقهاء إحاطة، وكان الإمام مالك يختلف إليه دارساً راوياً، وكان له فضل الأستاذية على أبي حنيفة فحسبه ذلك فضلاً. وهو فوق هذا حفيد علي زين العابدين الذي كان سيّد أهل المدينة في عصره فضلاً وشرفاً وديناً وعلماً، وقد تتلمذ له ابن شهاب الزهري، وكثير من التابعين، وهو ابن محمد الباقر الذي بقر العلم ووصل إلى لبابه، فهو ممن جعل الله له الشرف الذاتي والشرف الإضافي بكريم النسب، والقرابة الهاشمية، والعترة المحمدية جعفر الصادق
ويدخل في هذا السياق مناظراته العلمية والدينية التي دلّت على علمٍ جمٍ وفضلٍ غزيرٍ، فقد كان للإمام جعفر الصادق كثير من المناظرات مع العلماء وغيرهم في الدين والعلوم الإنسانية المختلفة، وقد اتّبع الإمام الصادق منهجاً منطقياً تسلسلياً في المناظرة والنقاش وهو أسلوب علمي يُبرز مكانته العلمية وقدرته على استحضار كافة جوانب الموضوع وحضور البديهة في الرد، وكان من الطبيعي أن يتعرض شخص بهذا المستوى الكبير من الفهم والعلم والمكانة لأسئلة المستفسرين وإنكار الملحدين ومكابرة كثير من الفئات المتأثرة بالعلوم المستقدمة من هنا وهناك، ومن تلك المناظرات:

مناظرة الإمام جعفر الصادق مع الملحدين.
مناظرة الإمام جعفر الصادق مع أبي حنيفة في القياس وأخر في حكم التوسل بالنبي
مناظرة الإمام جعفر الصادق مع رؤساء المعتزلة.
مناظرة الإمام جعفر الصادق مع طبيب هندي.
مناظرة الإمام جعفر الصادق مع عبد الله بن الفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم المعروف باسم عبد الله بن الفضل الهاشمي.
مناظرة الإمام جعفر الصادق مع الزنادقة.
مناظرة الإمام جعفر الصادق مع ابن أبي العوجاء.
مناظرة الإمام جعفر الصادق في الحكمة من الغيبة.

ولم تكن الأسئلة التي تُطرح على الإمام الصادق مختصة بالمسائل الفقهيّة أو الحديثيّة، فقد كان عصره عصر ترجمةٍ وعلوم، وكان يأتيه علماء ومفكرون متأثرون بتيارات الفلسفة اليونانية التي كانت منتشرة في تلك الحقبة من الزمن، ويُلاحظ هذا المعنى واضحاً في نقاشات الإمام الصادق مع عبد الكريم بن أبي العوجاء الذي كان يشكّك في الدين والعقيدة الإسلامية من منطلق فلسفي وكلامي، فقد جاء ابن العوجاء إلى الإمام الصادق وأشكل على الآية القرآنية: Ra bracket.png إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا Aya-56.png La bracket.png وقال ما مضمونه: إذا عصت الجلود وعذبها الله ثم بدّلها بجلود غيرها وعذبها، فما هو ذنب هذه الجلود الجديدة حتى تُعذب؟ مع أن الجلود الأولى هي التي عصت؟! فأجابه الإمام الصادق: "هي هي، وهي غيرها"، وأوضح له بأنه لو أخذ طابوقة بناء وصبّ عليها الماء ثم عجنها وقولبها مرة أخرى على شكل طابوقة، فهي نفس الطابوقة من حيث وحدة مادتها وهي غير تلك الطابوقة باعتبار شكلها الجديد. وغيرها من المناظرات في شتى المواضيع، والتي أظهرت للعالم الإسلامي مكانته العلمية المرموقة ومنزلته السامية بين علماء المسلمين.

مذهبه ومنهجه الاجتهادي
يتشابه منهج الإمام جعفر ومنهج علماء أهل السنَّة في أمور أساسيَّة؛ فهو يعتمد بالتدريج على القرآن والسنَّة النبوية والإجماع ثم الاجتهاد. لكنه يضيف إلى ذلك أمراً أساسيّاً عند الشيعة، هو الاعتقاد بالإمامة وما يترتب عليه من تقييم للصحابة وفتاواهم وأحاديثهم واجتهاداتهم بحسب مواقفهم من آل البيت. ويترتب على المفهوم الشيعي للإمامة القول بعصمة الإمام. فكانت اجتهادات الإمام غير قابلة للطعن، لأنه معصوم عن الخطأ والنسيان والمعصية؛ بل إنَّ أقواله واجتهاداته تدخل حكماً في إطار السنَّة. ولا يمكن لكل فرد أن يُدرك معاني القرآن الباطنة؛ بل هذا أمرٌ خاص بالأئمة فقط، لأن اجتهاداتهم أكثر مطابقة من غيرها لمقاصد الشريعة؛ وذلك أنَّ نوراً إلهيّاً حلَّ في النبي محمد وفي الأئمة من بعده، فاجتمع عندهم علم الشريعة بظاهرها وباطنها.

وتشدد الإمام جعفر كثيراً في مسألة القياس. فلا يُقبل القياس ما لم يكن الحكم المُقاس عليه معللاً بعلَّة منصوص عليها. أمَّا القياس المُفتقر إلى علَّة منصوص عليها فيُصبح رأياً عنده. والفقه بالرأي مرفوض، لأنه فعل إنساني ليس فيه ضمانة شرعيَّة. ويُقرّ الفقه الجعفري بالإجماع شرط أن يكون صادراً عن أئمة الشيعة. أمَّا إجماع عامَّة الصحابة فلا يكون حجَّة إلّا إذا كان الإمام علي بن أبي طالب طرفاً فيه. فالإجماع هو من حق الأئمة المعصومين. أمَّا الإجماع العام فهو مرفوض، لأنه لا يوفر أيضاً ضمانة شرعيَّة. وإلى ذلك لابدَّ من الاجتهاد واللجوء إلى العقل الصرف عند عدم وجود نص من قرآن أو سنَّة أو إجماع الأئمة وذلك لتأمين مصلحة المسلمين، وهذا نوع من الاستصلاح. فالمصلحة العامَّة تعتبر أصلاً من أصول التشريع عند عدم وجود نص. لكن الاجتهاد ليس لكل الناس؛ إنه أولاً وأساساً للأئمة المعصومين، ثمَّ لفضلاء العلماء المجتهدين، شرط ألّا يُخالفوا باجتهاداتهم ما جاء به الإمام المعصوم الذي يستمد اجتهاداته الفقهيَّة من النور الإلهي الذي حلَّ فيه. لذلك كان رأي الإمام المعصوم موثوقاً لا يتطرّق إليه الخطأ. والإمام حاضر للظهور إذا أخطأ المجتهدون لكي يُسدد خطاهم؛ ولتبقى الأمَّة على الطريق المستقيم، فالله لا يقطع الحبل الممدود بينه وبين عباده وإلّا فسدت الأرض بمن عليها.

الترتيب:

#8K

0 مشاهدة هذا اليوم

#58K

9 مشاهدة هذا الشهر

#35K

7K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 567.
المتجر أماكن الشراء
محمد أبو زهرة ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
دار الفكر العربي بمصر 🏛 الناشر
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية
نتيجة البحث