📘 ❞ الإمام الشافعي فقيه السنة الأكبر ❝ كتاب ــ عبد الغني الدقر اصدار 1996

التراجم والأعلام - 📖 ❞ كتاب الإمام الشافعي فقيه السنة الأكبر ❝ ــ عبد الغني الدقر 📖

█ _ عبد الغني الدقر 1996 حصريا كتاب الإمام الشافعي فقيه السنة الأكبر عن دار القلم للنشر والتوزيع 2024 الأكبر: أبو الله محمد بن إدريس الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشيّ (150 204هـ 767 820م) هو ثالث الأئمة الأربعة عند أهل والجماعة وصاحب المذهب الفقه الإسلامي ومؤسس علم أصول وهو أيضاً إمام التفسير وعلم الحديث وقد عمل قاضياً فعُرف بالعدل والذكاء وإضافةً إلى العلوم الدينية كان فصيحاً شاعراً ورامياً ماهراً ورحّالاً مسافراً أكثرَ العلماءُ من الثناء عليه حتى قال فيه أحمد: «كان كالشمس للدنيا وكالعافية للناس» وقيل: إنه إمامُ قريش الذي ذكره النبي بقوله: «عالم يملأ الأرض علماً» وُلد الشافعيُّ بغزة عام 150 هـ وانتقلت به أمُّه مكة وعمره سنتان فحفظ القرآن الكريم ابن سبع سنين وحفظ الموطأ عشر ثم أخذ يطلب العلم أُذن له بالفتيا فتىً دون عشرين سنة هاجر المدينة المنورة طلباً للعلم مالك أنس ارتحل اليمن وعمل فيها بغداد 184 فطلب القاضي الحسن الشيباني وأخذ يدرس الحنفي وبذلك اجتمع فقه الحجاز (المذهب المالكي) وفقه العراق الحنفي) عاد وأقام تسع سنوات تقريباً يُلقي دروسه الحرم المكي سافر للمرة الثانية فقدِمها 195 وقام بتأليف الرسالة وضع الأساسَ لعلم مصر 199 وفي أعاد تصنيف كتبه الأولى كما ينشر مذهبه الجديد ويجادل مخالفيه ويعلِّم طلابَ توفي 204 نسبه هو «أبو العباس عثمان شافع السائب عبيد يزيد هاشم المطلب مناف قصي كلاب مرة كعب لؤي غالب فهر النضر كنانة خزيمة مدركة إلياس مضر نزار معد عدنان القرشيّ» يجتمع مع الرسولِ محمدٍ «وهو عم ممن تحرم الصدقةُ ذوي القربى الذين لهم سهم مفروض الخُمس وهم بنو وبنو المطلب» أما نسبه جهة أمه ففيه قولان: الأول: أنها أزدية يمنية واسمها فاطمة بنت الأزدية القول الصحيح المشهور انعقد الإجماع وكل الروايات التي رُويت تذكر لسانه أن أمَّه الأزد الثاني: قرشية علوية أي نسل علي أبي طالب وهذه الرواية شاذةٌ تخالف فخر الدين الرازي هذا المقام: «وأما نسب قولان: الأول شاذ رواه الحاكم أبو الحافظ أم رضيَ تعالى عنه هي الحسين كرم وجهه والثاني الأزد» عندما أراد السفر هذه الأبيات: لقد أصبحتْ نفسي تتوق مصرِ ومن دونها قطعُ المهامةِ والقفرِ فواللـه ما أدري أللفوزُ والغنى أُساق إليها أُساق القبرِ قيل: فوالله لقد سيق إليهما جميعاً وجد اصحاب المالكي يتعصبون بشدة للامام ويقدمونه حديث رسول الامام البيهقي «إن إنما الكتب (أي الرد مالك) لأنه بلغه ببلاد الأندلس قلنسوة كانت لمالك يُستسقى بها وكان يقال لهم: "قال الله" فيقولون: مالك" فقال الشافعي: "إن مالكاً بَشَرٌ يخطئ" فدعاه ذلك الكتاب اختلافه معه» ألف كتاباً يرد وفقهه فغضب منه المالكيون المصريون بسبب وأخذوا يحاربون وتعرض للشتم القبيح المنكَر عوامهم والدعاء علمائهم يقول الكندي: لما دخل المنكدر يصيح خلفه: «دخلتَ البلدة وأمرنا واحد ففرّقت بيننا وألقيت الشر فرّقَ بين روحك وجسمك» واصطدم كذلك بأحد تلاميذ المقربين ساهم بنشر أشهب العزيز يدعو سجوده بالموت وروى عساكر عبدِ الْحَكَمِ أَنَّ أَشْهَبَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: "اللَّهُمَّ أَمِتْ الشَّافِعِيَّ فَإِنَّكَ إِنْ أَبْقَيْتَهُ اِنْدَرَسَ مَذْهَبُ مَالِكٍِ" مندة الربيع أنه رأى قام المالكية بضرب ضرباً عنيفاً بالهراوات تسبب بقتله 54 عاماً فقط ودُفن بمصر ويقال سبب موت مرض البواسير أصابه فقد روى سليمان حالَ آخر حياته فقال: «أقام ها هنا مصر) أربع فأملى ألفاً وخمسمئة ورقة وخرَّج الأم ألفي وكتاب السنن وأشياء كثيرة كلها مدة عليلاً شديد العلة وربما خرج الدم راكب تمتلئ سراويله وخفه (يعني البواسير)» وقال أيضاً: المزنيَّ مرضه مات له: «كيف أصبحت يا أستاذ؟» «أصبحت الدنيا راحلاً ولإخواني مفارقاً ولكأس المنية شارباً وعلى وارداً ولسوء عملي ملاقياً» الذكاء وغزارة العلم لقد شغل الناسَ بعلمه وعقله شغلهم نازل الرأي وشغلهم ابتدأ يَخرج عليهم بفقه جديد يتجه الكليات بدل الجزئيات والأصول الفروع خلافات الفقهاء وخلافات بعض الصحابة أصوله اهتدى فقد أوتي اللغة العربية وأوتي ففَقِهَ معانيه وطبَّ أسراره ومراميه ألقى شيئاً تلاميذه: إذا كأنه شاهد التنزيل» موطأ وضبط قواعد السُّنَّة وفهم مراميها والاستشهاد ومعرفة الناسخ والمنسوخ منها والقياس ووضع ضوابط القياس والموازين لمعرفة صحيحه وسقيمه طلب يقول: «من تعلم عظمت قيمته ومن كتب قويت حجته نظر نبل قدره رق طبعه الحساب جزل رأيه لم يصن نفسه ينفعه علمه» وكان مجلسه جامعاً للنظر عدد سليمان: الشافعي كان رحمَه يجلس حلقته صلى الصبح فيجيئه فإذا طلعت الشمس قاموا وجاء فيسألونه تفسيره ومعانيه ارتفعت فاستوت الحلقة للمذاكرة والنظر ارتفع الضحى تفرقوا والعروض والنحو والشعر فلا يزالون قرب انتصاف النهار الشافعي ومما روي ذكائه ذاتَ مرةٍ جالساً الحميدي ومحمد حسن يتفرسون الناس فمر رجل الحسن: «يا أبا انظر هذا» فنظر إليه وأطال «أعياك أمره؟» قال: «أعياني أمره لا خياط أو نجار» الحميدي: فقمت فقلت «ما صناعة الرجل؟» «كنت نجاراً وأنا اليوم خياط» وقد وصف زكريا السلماسي علمه فقال: الشافعي جمع أشتات الفضائل ونظم أفراد المناقب وبلغ والعلم أعلى المراتب إن ذُكر التفسيرُ فهو إمامه الفقهُ ففي يديه زمامه الحديثُ فله نقضه وإبرامه الأصولُ الفصوص والفصول الأدبُ وما يتعاطاه العرب مبديه ومعيده ومعطيه ومفيده للصباحة ويده للسماحة ورأيه للرجاحة ولسانه للفصاحة ومفتي الأمة والمصباح الزاهر الظلمة عباس عمر معاذ القضاء الفرائض زيد القراءات أُبَيّ الشعر حسان كلامه الحق والباطل فرقان التراجم والأعلام مجاناً PDF اونلاين يتناول سير حياة الأعلام عبر العصور المختلفة دقيق يبحث أحوال الشخصيات والأفراد تركوا آثارا المجتمع ويتناول كافة طبقات الأنبياء والخلفاء والملوك والأمراء والقادة والعلماء شتى المجالات والفقهاء والأدباء والشعراء والفلاسفة وغيرهم ويهتم بذكر حياتهم الشخصية ومواقفهم وأثرهم الحياة وتأثيرهم ويعتبر عموما فرعا فروع التاريخ اهتم المسلمون بعلم اهتماما كبيرا بدأت العناية بهذا عندهم بعد عهد الرسول وسلم بزمن يسير حيث حرص العلماء حماية وصيانة المصدر الثاني مصادر التشريع الإسلام النبوي حرصوا صيانته الكذب والتزوير والغش والتلفيق والدس فنشأ كقاعدة تلقّي الأخبار وبالأخص فيما يتعلق بالحديث أولا الآثار المروية والتابعين وباقي خصوصا والناس روى مسلم مجاهد «جاء بشير العدوي فجعل يحدث ويقول: يأذن لحديثه ولا ينظر مالي أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك تسمع؟ عباس: إنا كنا سمعنا رجلا ابتدرته أبصارنا وأصغينا بآذاننا فلما ركب الصعب والذلول نأخذ إلا نعرف » واستمر العمل القاعدة ضرورة معرفة الرجال ناقلي حال نقلة النبوية وذلك ينبني المعرفة قبول والتعبد بما لله رد تلك والحذر اعتبارها ديناً وروى سيرين «لم يكونوا يسألون الإسناد وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر فيؤخذ حديثهم وينظر البدع يؤخذ حديثهم» وجاءت عبارات بيان أهمية الرواة صريحة وواضحة الأهمية بمكان البحث نواح تفصيلية الراوي ونواح استنتاجية (تُستنتج حديثه وطريقته التحديث) مباحث العلم: تاريخ ميلاد وتاريخ طلبه وممن سمع سِنِيِّ هم الشيوخ عنهم (من منهم حدث سماعاً دلس أرسل عنه) ملازمته لكلّ شيخ شيوخه وكيف ذاك وكم الأحاديث والآثار ذلك؛ وهل كثير الضعفاء والمجاهيل؟ ورحلاته العلمية حدّث به؛ ومتى يحدِّث؟ حفظه كتابه؛ سماعٌ عرض؛ المستملون والوراقون استخدمهم؟) إقبال الحاضرين عنده؟ الأوهام وقع والسَّقطات أُخذت عليه؟ أخلاق وعبادته ومهنته؛ يأخذ أجراً التحديث؟ عسِراً التحديث سمحاً متساهلاً ؟ وتفرّع وانبثق علوم متعلّقة الباب تفرّدته الإسلامية باقي الأمم مصطلح ناحية العدالة والتوثيق والضبط العلل الجرح والتعديل وغيرها أقسام التراجم هنالك تقسيمات متنوعة والكتب العديدة المؤلفة فمنها: التراجم الطبقات التراجم الحروف الوفيات القرون البلدان وقسّمهم البعض الآخر أبواب مختلفة منها: التراجم المتعلقة معيّن المتعلّقة بمذهب بفنّ بشخص الترجمة الذاتية أسهب التأليف الأبواب يكاد يخلوا باب وصنّفت عشرات وهذا ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل وتراجم ومذكرات فيشمل الكثير حول المجال

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
الإمام الشافعي فقيه السنة الأكبر
كتاب

الإمام الشافعي فقيه السنة الأكبر

ــ عبد الغني الدقر

صدر 1996م عن دار القلم للنشر والتوزيع
الإمام الشافعي فقيه السنة الأكبر
كتاب

الإمام الشافعي فقيه السنة الأكبر

ــ عبد الغني الدقر

صدر 1996م عن دار القلم للنشر والتوزيع
عن كتاب الإمام الشافعي فقيه السنة الأكبر:



أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشيّ (150-204هـ / 767-820م) هو ثالث الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي، ومؤسس علم أصول الفقه، وهو أيضاً إمام في علم التفسير وعلم الحديث، وقد عمل قاضياً فعُرف بالعدل والذكاء. وإضافةً إلى العلوم الدينية، كان الشافعي فصيحاً شاعراً، ورامياً ماهراً، ورحّالاً مسافراً. أكثرَ العلماءُ من الثناء عليه، حتى قال فيه الإمام أحمد: «كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس»، وقيل: إنه هو إمامُ قريش الذي ذكره النبي محمد بقوله: «عالم قريش يملأ الأرض علماً».


وُلد الشافعيُّ بغزة عام 150 هـ، وانتقلت به أمُّه إلى مكة وعمره سنتان، فحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين، وحفظ الموطأ وهو ابن عشر سنين، ثم أخذ يطلب العلم في مكة حتى أُذن له بالفتيا وهو فتىً دون عشرين سنة. هاجر الشافعي إلى المدينة المنورة طلباً للعلم عند الإمام مالك بن أنس، ثم ارتحل إلى اليمن وعمل فيها، ثم ارتحل إلى بغداد سنة 184 هـ، فطلب العلم فيها عند القاضي محمد بن الحسن الشيباني، وأخذ يدرس المذهب الحنفي، وبذلك اجتمع له فقه الحجاز (المذهب المالكي) وفقه العراق (المذهب الحنفي). عاد الشافعي إلى مكة وأقام فيها تسع سنوات تقريباً، وأخذ يُلقي دروسه في الحرم المكي،

ثم سافر إلى بغداد للمرة الثانية، فقدِمها سنة 195 هـ، وقام بتأليف كتاب الرسالة الذي وضع به الأساسَ لعلم أصول الفقه، ثم سافر إلى مصر سنة 199 هـ. وفي مصر، أعاد الشافعي تصنيف كتاب الرسالة الذي كتبه للمرة الأولى في بغداد، كما أخذ ينشر مذهبه الجديد، ويجادل مخالفيه، ويعلِّم طلابَ العلم، حتى توفي في مصر سنة 204 هـ.

نسبه

هو «أبو عبد الله، محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشيّ».
يجتمع مع الرسولِ محمدٍ في عبد مناف بن قصي، وقيل: «وهو ابن عم النبي محمد، وهو ممن تحرم عليه الصدقةُ من ذوي القربى الذين لهم سهم مفروض في الخُمس، وهم بنو هاشم وبنو المطلب».

أما نسبه من جهة أمه ففيه قولان:

الأول: أنها أزدية يمنية، واسمها فاطمة بنت عبد الله الأزدية، وهو القول الصحيح المشهور الذي انعقد عليه الإجماع، وكل الروايات التي رُويت عن الشافعي في نسبه تذكر على لسانه أن أمَّه من الأزد.
الثاني: أنها قرشية علوية، أي من نسل علي بن أبي طالب، وهذه الرواية شاذةٌ تخالف الإجماع، وقد قال فخر الدين الرازي في هذا المقام: «وأما نسب الشافعي من جهة أمه ففيه قولان: الأول وهو شاذ رواه الحاكم أبو عبد الله الحافظ، وهو أن أم الشافعي رضيَ الله تعالى عنه هي فاطمة بنت عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، والثاني المشهور أنها من الأزد».

عندما أراد الشافعي السفر إلى مصر قال هذه الأبيات:

لقد أصبحتْ نفسي تتوق إلى مصرِ ومن دونها قطعُ المهامةِ والقفرِ
فواللـه ما أدري، أللفوزُ والغنى أُساق إليها أم أُساق إلى القبرِ
قيل: فوالله لقد سيق إليهما جميعاً. كما وجد الشافعي أن اصحاب المذهب المالكي يتعصبون بشدة للامام مالك ويقدمونه في الفقه على حديث رسول الله، قال الامام البيهقي «إن الشافعي إنما وضع الكتب على مالك (أي في الرد على مالك) لأنه بلغه أن ببلاد الأندلس قلنسوة كانت لمالك يُستسقى بها. وكان يقال لهم: "قال رسول الله". فيقولون: "قال مالك". فقال الشافعي: "إن مالكاً بَشَرٌ يخطئ". فدعاه ذلك إلى تصنيف الكتاب في اختلافه معه». ثم ألف الإمام الشافعي كتاباً يرد به على الإمام مالك وفقهه، فغضب منه المالكيون المصريون بسبب الكتاب وأخذوا يحاربون الشافعي، وتعرض للشتم القبيح المنكَر من عوامهم، والدعاء عليه من علمائهم. يقول الكندي: لما دخل الشافعي مصر، كان ابن المنكدر يصيح خلفه: «دخلتَ هذه البلدة وأمرنا واحد، ففرّقت بيننا وألقيت بيننا الشر. فرّقَ الله بين روحك وجسمك». واصطدم كذلك بأحد تلاميذ الامام مالك المقربين ممن ساهم بنشر مذهبه في مصر، وهو أشهب بن عبد العزيز. وكان أشهب يدعو في سجوده بالموت على الإمام الشافعي. وروى ابن عساكر عن محمد بن عبد الله بن عبدِ الْحَكَمِ أَنَّ أَشْهَبَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: "اللَّهُمَّ أَمِتْ الشَّافِعِيَّ، فَإِنَّكَ إِنْ أَبْقَيْتَهُ اِنْدَرَسَ مَذْهَبُ مَالِكٍِ". وروى ذلك ابن مندة عن الربيع أنه رأى أشهب يقول ذلك في سجوده. ثم قام المالكية بضرب الإمام الشافعي ضرباً عنيفاً بالهراوات حتى تسبب هذا بقتله وعمره 54 عاماً فقط، ودُفن بمصر.

ويقال أن سبب موت الشافعي هو مرض البواسير الذي أصابه، فقد روى الربيع بن سليمان حالَ الشافعي في آخر حياته فقال: «أقام الشافعي ها هنا (أي في مصر) أربع سنين، فأملى ألفاً وخمسمئة ورقة، وخرَّج كتاب الأم ألفي ورقة، وكتاب السنن، وأشياء كثيرة كلها في مدة أربع سنين، وكان عليلاً شديد العلة، وربما خرج الدم وهو راكب حتى تمتلئ سراويله وخفه (يعني من البواسير)». وقال الربيع أيضاً: دخل المزنيَّ على الشافعي في مرضه الذي مات فيه فقال له: «كيف أصبحت يا أستاذ؟»، فقال: «أصبحت من الدنيا راحلاً، ولإخواني مفارقاً، ولكأس المنية شارباً، وعلى الله وارداً، ولسوء عملي ملاقياً».

الذكاء وغزارة العلم
لقد شغل الشافعيُّ الناسَ بعلمه وعقله، شغلهم في بغداد وقد نازل أهل الرأي، وشغلهم في مكة وقد ابتدأ يَخرج عليهم بفقه جديد يتجه إلى الكليات بدل الجزئيات، والأصول بدل الفروع، وشغلهم في بغداد وقد أخذ يدرس خلافات الفقهاء وخلافات بعض الصحابة على أصوله التي اهتدى إليها.

فقد أوتي الشافعي علم اللغة العربية، وأوتي علم الكتاب، ففَقِهَ معانيه، وطبَّ أسراره ومراميه، وقد ألقى شيئاً من ذلك في دروسه، قال بعض تلاميذه: «كان الشافعي إذا أخذ في التفسير كأنه شاهد التنزيل»، وأوتي علم الحديث، فحفظ موطأ مالك، وضبط قواعد السُّنَّة، وفهم مراميها والاستشهاد بها، ومعرفة الناسخ والمنسوخ منها، وأوتي فقه الرأي والقياس، ووضع ضوابط القياس والموازين، لمعرفة صحيحه وسقيمه، وكان يدعو إلى طلب العلوم، فقد كان يقول: «من تعلم القرآن عظمت قيمته، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في الفقه نبل قدره، ومن نظر في اللغة رق طبعه، ومن نظر في الحساب جزل رأيه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه».

وكان مجلسه للعلم جامعاً للنظر في عدد من العلوم، قال الربيع بن سليمان:

محمد بن إدريس الشافعي كان الشافعي رحمَه الله يجلس في حلقته إذا صلى الصبح، فيجيئه أهل القرآن، فإذا طلعت الشمس قاموا وجاء أهل الحديث، فيسألونه تفسيره ومعانيه، فإذا ارتفعت الشمس قاموا فاستوت الحلقة للمذاكرة والنظر، فإذا ارتفع الضحى تفرقوا وجاء أهل العربية والعروض والنحو والشعر، فلا يزالون إلى قرب انتصاف النهار. محمد بن إدريس الشافعي
ومما روي عن ذكائه أنه كان ذاتَ مرةٍ جالساً مع الحميدي ومحمد بن حسن يتفرسون الناس، فمر رجل فقال محمد بن الحسن: «يا أبا عبد الله انظر في هذا»، فنظر إليه وأطال، فقال ابن الحسن: «أعياك أمره؟»، قال: «أعياني أمره، لا أدري خياط أو نجار»، قال الحميدي: فقمت إليه فقلت له: «ما صناعة الرجل؟»، قال: «كنت نجاراً وأنا اليوم خياط».

وقد وصف أبو زكريا السلماسي علمه فقال:

محمد بن إدريس الشافعي جمع أشتات الفضائل، ونظم أفراد المناقب، وبلغ في الدين والعلم أعلى المراتب، إن ذُكر التفسيرُ فهو إمامه، أو الفقهُ ففي يديه زمامه، أو الحديثُ فله نقضه وإبرامه، أو الأصولُ فله فيها الفصوص والفصول، أو الأدبُ وما يتعاطاه من العربية العرب فهو مبديه ومعيده، ومعطيه ومفيده، وجهه للصباحة، ويده للسماحة، ورأيه للرجاحة، ولسانه للفصاحة، إمام الأئمة، ومفتي الأمة، والمصباح الزاهر في الظلمة، في التفسير ابن عباس، وفي الحديث ابن عمر، وفي الفقه معاذ، وفي القضاء علي، وفي الفرائض زيد، وفي القراءات أُبَيّ، وفي الشعر حسان، وفي كلامه بين الحق والباطل فرقان.

الترتيب:

#12K

0 مشاهدة هذا اليوم

#17K

31 مشاهدة هذا الشهر

#6K

27K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 399.
المتجر أماكن الشراء
عبد الغني الدقر ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
دار القلم للنشر والتوزيع 🏛 الناشر
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية
نتيجة البحث