📘 ❞ الدعوة إلي الجهاد في القرآن والسنة ❝ كتاب

الدعوة والدفاع عن الإسلام - 📖 كتاب ❞ الدعوة إلي الجهاد في القرآن والسنة ❝ 📖

█ _ 0 حصريا كتاب ❞ الدعوة إلي الجهاد القرآن والسنة ❝ 2025 والسنة: من والدفاع عن الإسلام عنوان الكتاب: والسنة المؤلف: عبد الله بن محمد حميد الناشر: دار البخاري القصيم قال تعالى : ﴿ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ أَجْرًا عَظِيمًا * دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 95 96] فنفى سبحانه وتعالى التسويةَ بين المؤمنين القاعِدين وبين المجاهِدين ثم أخبر تفضيلِ درجةً تفضيلِهم عليهم درجاتٍ ابن زيد: "الدرجاتُ التي فضَّل بها المجاهِد القاعِد: سبعٌ وهي ذكرها قوله: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ مَخْمَصَةٌ يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [التوبة: 120] فهذه خمسٌ ثم قال: يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً كَبِيرَةً يَقْطَعُونَ وَادِيًا لِيَجْزِيَهُمُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ 121] وهاتان اثنتان القيم بعد ذكره لكلام زيد "والعجيب: أن الدرجاتِ هي المذكورةُ حديث أبي هريرة والذي رواه صحيحه النبي صلى عليه وسلم أنه ((مَن آمن بالله ورسوله وأقام الصلاةَ وصام رمضانَ كان حقًّا يدخله الجنَّة هاجر سبيل أو جلس أرضه ولِد فيها)) قالوا: يا رسول أفلا تُخبر الناس بذلك؟ ((إن الجنةِ مائةَ درجةٍ أعدَّها للمجاهدين سبيله كلُّ درجتينِ كما السماء والأرض؛ فإذا سألتم فاسألوه الفردوس؛ فإنه أوسطُ وأعلى الجنة وفوقه عرشُ الرحمن ومنه تفجَّر أنهار الجنة))؛ وقال قوله اشْتَرَى أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ 111] فجعل ها هنا ثمنًا لنفوسِ وأموالهم بحيث إذا بذلوها فيه استحقُّوا الثمن وعَقَد معهم هذا العَقْد وأكَّده بأنواعٍ التأكيد: أحدها: إخباره بصيغة الخبر المؤكَّد بأداة إن الثاني: الإخبار بذلك الماضي الذي قد وقع وثبت واستقرَّ الثالث: إضافة العَقد إلى نفسه وأنه هو اشترى البيع الرابع: بأنه وَعَد بتسليم وعدًا لا يُخلفه ولا يتركه الخامس: أتى للوجوب؛ إعلامًا لعباده بأن ذلك حقٌّ حَقَّه السادس: أكَّد بكونه السابع: مثل الوعد أفضل كتبه المنزَّلة وهي: التوراة والإنجيل والقرآن الثامن: إعلامه استفهام الإنكار أحدَ بعهدِه منه التاسع: أمرَهم يَستَبشِروا بهذا ويبشِّر به بعضُهم بعضًا بشارةَ مَن تمَّ له ولزم يَثْبُت خيار يَعْرِض ما يَفسَخه العاشر: أخبرهم إخبارًا مؤكَّدًا البيعَ بايعوه الفوز العظيم والبيع بمعنى أخذوه وهو وقوله: ﴾؛ أي: عَاوَضتم وثَامَنتم ذكر أهلَ العقد العقدُ وتمَّ لهم دون غيرهم وهم التائبون مما يكرَه العابِدون بما يحب الحامِدون يُحِبُّون وما يَكرَهون السائِحون: وفُسِّرت السياحة: بالصيام بالسفر طلب العلم بالجهاد وأفهمت الآيةُ خطرَ النفس الإنسانية وشرفها وعِظَم مقدارها؛ فإن السلعة خفِي عليك قدرُها فانظر المشتري لها وانظر المبذُولِ فيها جَرَى يدِه عقدُ التبايع؛ فالسلعة النَّفْس والله المُشْترِي والثمن جنات النعيم والسفير خيرُ خلقِه الملائكة وأكرمُهم وخيرُهم البشر وناهيك الفضل شرفٍ وعلوِّ منزلةٍ غير أوضحه اللهُ من: بيان أجر وتعظيمِ شأنهم وتحريكِ العواطف وطلبِ التضحية وبعثِ القوة والشجاعة النفوس وحثِّهم الإقدام والثبات وأن ناصرهم وممدُّهم بالملائكة: إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ بِخَمْسَةِ مُسَوِّمِينَ وَمَا جَعَلَهُ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ النَّصْرُ عِنْدِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ [آل عمران: 124 126] ﴿ تَهِنُوا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَلِيُمَحِّصَ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ أَمْ حَسِبْتُمْ تَدْخُلُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ جَاهَدُوا وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ 139 142] وأخبر عما يَلْقَاه يُستشهد الحياة وأنهم عند ربِّهم يَزرقهم يشاء وتعلو وجوهَهم البشارةُ تَحْسَبَنَّ قُتِلُوا أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ بَعْدِ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ 169 172] وَالَّذِينَ كَفَرُوا الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ كَيْدَ كَانَ ضَعِيفًا 76] وقال: فَقَاتِلْ تُكَلَّفُ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ عَسَى يَكُفَّ بَأْسَ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا 84] فَلْيُقَاتِلْ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ يُقَاتِلْ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ 74] فانظر أخي كيف يستثير الهممَ لإعلاءِ كلمة ولحماية الضعفاء وتخليص المظلومين؟ وانظر يَقرِن القتالَ بالصلاةِ والصومِ ويبيِّن أنَّ مثَلَهما مكتوبٌ المؤمنين؟ وكيف يشجِّع الخائفين أكبرَ تشجيعٍ خوض المَعَامِع ومقابلة الموت بصدر رَحْبٍ وجَنَانٍ جَرِيء؟ مبينًا سيُدْرِكُهم محالةَ ماتوا مجاهِدين فسيعوَّضون الدنيا أعظمَ عِوَضٍ يُظْلَمون فتيلاً وهذا بابٌ واسعٌ لم يَرِدْ ثواب الأعمال وفضائلها مثلُ وَرَد ولهذا تطوَّع الإنسان وكان باتفاق العلماء أفضلَ الحجِّ والعمرة ومن الصلاة التطوُّع دلَّ الكتاب ظاهرٌ الاعتبارِ نفعَ الجهادِ عامٌّ لفاعلِه ولغيرِه الدين والدنيا ومشتمِل جميع أنواع العبادات الباطنة والظاهرة؛ مشتمِل محبَّة والإخلاصِ والتوكُّل وتسليمِ والمال والصبر والزهد وذِكر وسائر يشتمِل عملٌ آخر ولهذا ثبت الصحيحين رضي عنه سمِعت يقول: ((والذي نفسي بيده لولا رجالاً المؤمِنين تَطِيب أنفسُهم يتخلَّفوا عني أجدُ أحمِلهم تخلَّفت سَريَّة تَغْزُو لوَدِدْت أني أُقْتَل أَحْيَا أُقْتَل)) ورغَّب إليه صلوات وسلامه بسيرتِه وثباتِه وشجاعتِه وصبرِه وأخبر عمَّا للمجاهِدين الأجرِ والثوابِ العاجل والآجل يَدفَع أصناف الشرور يَحْصُل العزِّ والتمكينِ والرِّفعةِ وجعله ذِرْوَة سَنَام وقال: لمائةَ الدرجة والدرجة والأرض ))؛ متَّفق مجاناً PDF اونلاين الإســلام دين الحق والعدالة أعظم الأثر رفع شان ونثر العدالة كثير المجتمعات البشرية وأجل القربات وجاء الثناء عليها والسنة ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
الدعوة إلي الجهاد في القرآن والسنة
كتاب

الدعوة إلي الجهاد في القرآن والسنة

الدعوة إلي الجهاد في القرآن والسنة
كتاب

الدعوة إلي الجهاد في القرآن والسنة

حول
المتجر أماكن الشراء
مناقشات ومراجعات
QR Code
عن كتاب الدعوة إلي الجهاد في القرآن والسنة:
الدعوة إلي الجهاد في القرآن والسنة من الدعوة والدفاع عن الإسلام

عنوان الكتاب: الدعوة إلي الجهاد في القرآن والسنة
المؤلف: عبد الله بن محمد بن حميد
الناشر: دار البخاري - القصيم


قال - تعالى -: ﴿ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا * دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 95 - 96].

فنفى - سبحانه وتعالى - التسويةَ بين المؤمنين القاعِدين عن الجهاد وبين المجاهِدين، ثم أخبر عن تفضيلِ المجاهِدين على القاعِدين درجةً، ثم أخبر عن تفضيلِهم عليهم درجاتٍ.

قال ابن زيد: "الدرجاتُ التي فضَّل الله بها المجاهِد على القاعِد: سبعٌ، وهي التي ذكرها الله - تعالى - في قوله: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [التوبة: 120]، فهذه خمسٌ.

ثم قال: ﴿ وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [التوبة: 121]، وهاتان اثنتان.

قال ابن القيم - بعد ذكره لكلام ابن زيد -: "والعجيب: أن الدرجاتِ هي المذكورةُ في حديث أبي هريرة - والذي رواه البخاري في صحيحه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((مَن آمن بالله ورسوله، وأقام الصلاةَ، وصام رمضانَ، كان حقًّا على الله أن يدخله الجنَّة، هاجر في سبيل الله، أو جلس في أرضه التي ولِد فيها))، قالوا: يا رسول الله، أفلا تُخبر الناس بذلك؟ قال: ((إن في الجنةِ مائةَ درجةٍ أعدَّها الله للمجاهدين في سبيله، كلُّ درجتينِ كما بين السماء والأرض؛ فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس؛ فإنه أوسطُ الجنةِ وأعلى الجنة، وفوقه عرشُ الرحمن، ومنه تفجَّر أنهار الجنة))؛ رواه البخاري.

وقال ابن القيم - في قوله تعالى -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 111]، فجعل - سبحانه - ها هنا الجنة ثمنًا لنفوسِ المؤمنين وأموالهم، بحيث إذا بذلوها فيه استحقُّوا الثمن، وعَقَد معهم هذا العَقْد وأكَّده بأنواعٍ من التأكيد:
أحدها: إخباره - سبحانه وتعالى - بصيغة الخبر المؤكَّد بأداة إن.

الثاني: الإخبار بذلك بصيغة الماضي الذي قد وقع، وثبت واستقرَّ.

الثالث: إضافة هذا العَقد إلى نفسه - سبحانه - وأنه هو الذي اشترى هذا البيع.

الرابع: أنه أخبر بأنه وَعَد بتسليم هذا الثمن، وعدًا لا يُخلفه ولا يتركه.

الخامس: أنه أتى بصيغة على التي للوجوب؛ إعلامًا لعباده بأن ذلك حقٌّ عليه، حَقَّه هو على نفسه.

السادس: أنه أكَّد ذلك بكونه حقًّا عليه.

السابع: أنه أخبر عن مثل هذا الوعد، وأنه في أفضل كتبه المنزَّلة من السماء، وهي: التوراة، والإنجيل، والقرآن.

الثامن: إعلامه لعباده بصيغة استفهام الإنكار، وأنه لا أحدَ أَوْفَى بعهدِه منه - سبحانه.

التاسع: أنه - سبحانه وتعالى - أمرَهم أن يَستَبشِروا بهذا العَقْد، ويبشِّر به بعضُهم بعضًا بشارةَ مَن قد تمَّ له العَقد ولزم، بحيث لا يَثْبُت فيه خيار، ولا يَعْرِض له ما يَفسَخه.

العاشر: أنه أخبرهم إخبارًا مؤكَّدًا بأن ذلك البيعَ الذي بايعوه به هو الفوز العظيم، والبيع ها هنا بمعنى البيع الذي أخذوه بهذا الثمن، وهو الجنة.

وقوله: ﴿ بَايَعْتُمْ بِهِ ﴾؛ أي: عَاوَضتم، وثَامَنتم به، ثم ذكر - سبحانه - أهلَ هذا العقد الذي وقع العقدُ وتمَّ لهم دون غيرهم، وهم التائبون مما يكرَه، العابِدون له بما يحب، الحامِدون له على ما يُحِبُّون وما يَكرَهون، السائِحون: وفُسِّرت السياحة: بالصيام، وفُسِّرت بالسفر في طلب العلم، وفُسِّرت بالجهاد.

وأفهمت الآيةُ خطرَ النفس الإنسانية وشرفها وعِظَم مقدارها؛ فإن السلعة إذا خفِي عليك قدرُها، فانظر إلى المشتري لها مَن هو، وانظر إلى الثمن المبذُولِ فيها ما هو، وانظر إلى مَن جَرَى على يدِه عقدُ التبايع؛ فالسلعة النَّفْس، والله - سبحانه - المُشْترِي لها، والثمن لها جنات النعيم، والسفير في هذا العقد خيرُ خلقِه من الملائكة وأكرمُهم عليه، وخيرُهم من البشر وأكرمُهم عليه.

وناهيك بهذا الفضل، من شرفٍ وعلوِّ منزلةٍ، إلى غير ذلك مما أوضحه اللهُ في القرآن من: بيان أجر المجاهِدين، وتعظيمِ شأنهم، وتحريكِ العواطف، وطلبِ التضحية في سبيل الدعوة، وبعثِ القوة والشجاعة في النفوس، وحثِّهم على الإقدام والثبات، وأن الله ناصرهم وممدُّهم بالملائكة: ﴿ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾ [آل عمران: 124 - 126].

﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 139، 142].

وأخبر عما يَلْقَاه مَن يُستشهد في سبيل الله من الحياة، وأنهم عند ربِّهم يَزرقهم ما يشاء، وتعلو وجوهَهم البشارةُ.

﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ * الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران: 169 - 172].

وقال - تعالى -: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 76].

وقال: ﴿ فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا ﴾ [النساء: 84].

وقال: ﴿ فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 74].

فانظر - يا أخي - كيف يستثير الهممَ لإعلاءِ كلمة الله، ولحماية الضعفاء، وتخليص المظلومين؟

وانظر كيف يَقرِن القتالَ بالصلاةِ والصومِ، ويبيِّن أنَّ مثَلَهما مكتوبٌ على المؤمنين؟

وكيف يشجِّع الخائفين أكبرَ تشجيعٍ على خوض المَعَامِع، ومقابلة الموت بصدر رَحْبٍ، وجَنَانٍ جَرِيء؟ مبينًا لهم أن الموت سيُدْرِكُهم لا محالةَ، وأنهم إن ماتوا مجاهِدين فسيعوَّضون عن الحياة الدنيا أعظمَ عِوَضٍ، ولا يُظْلَمون فتيلاً.

وهذا بابٌ واسعٌ، لم يَرِدْ في ثواب الأعمال وفضائلها مثلُ ما وَرَد فيه، ولهذا كان أفضل ما تطوَّع به الإنسان، وكان - باتفاق العلماء - أفضلَ من الحجِّ والعمرة، ومن الصلاة التطوُّع، والصومِ التطوُّع، كما دلَّ عليه الكتاب والسنة، وهو ظاهرٌ عند الاعتبارِ، فإن نفعَ الجهادِ عامٌّ لفاعلِه ولغيرِه في الدين والدنيا، ومشتمِل على جميع أنواع العبادات الباطنة والظاهرة؛ فإنه مشتمِل من: محبَّة الله، والإخلاصِ له، والتوكُّل عليه، وتسليمِ النفس والمال له، والصبر، والزهد، وذِكر الله، وسائر أنواع الأعمال، ما يشتمِل عليه عملٌ آخر.

ولهذا ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمِعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((والذي نفسي بيده، لولا أن رجالاً من المؤمِنين لا تَطِيب أنفسُهم أن يتخلَّفوا عني، ولا أجدُ ما أحمِلهم عليه - ما تخلَّفت عن سَريَّة تَغْزُو في سبيل الله، والذي نفسي بيده لوَدِدْت أني أُقْتَل في سبيل الله ثم أَحْيَا، ثم أُقْتَل ثم أَحْيَا، ثم أُقْتَل ثم أَحْيَا، ثم أُقْتَل)).

ورغَّب إليه - صلوات الله وسلامه عليه - بسيرتِه، وثباتِه، وشجاعتِه، وصبرِه، وأخبر عمَّا للمجاهِدين في سبيل الله من الأجرِ والثوابِ العاجل والآجل، وما يَدفَع اللهُ به من أصناف الشرور، وما يَحْصُل به من العزِّ، والتمكينِ، والرِّفعةِ، وجعله ذِرْوَة سَنَام الإسلام، وقال: ((إن في الجنة لمائةَ درجةٍ - ما بين الدرجة والدرجة كما بين السماء والأرض - أعدَّها الله للمجاهِدين في سبيله...))؛ متَّفق عليه.
الترتيب:

#10K

0 مشاهدة هذا اليوم

#93K

7 مشاهدة هذا الشهر

#26K

10K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 40.