📘 ❞ عالم وطاغية: سعيد بن جبير والحجاج بن يوسف (مسرحية تاريخية) ❝ كتاب ــ يوسف القرضاوي اصدار 1968

كتب السياسة الشرعية - 📖 كتاب ❞ عالم وطاغية: سعيد بن جبير والحجاج بن يوسف (مسرحية تاريخية) ❝ ــ يوسف القرضاوي 📖

█ _ يوسف القرضاوي 1968 حصريا كتاب ❞ عالم وطاغية: سعيد بن جبير والحجاج (مسرحية تاريخية) ❝ عن جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 2024 تاريخية): مقدمة هذه المسرحية جديدة قديمة صورتها هذه موضوعها نفسه فقد كنت كتبتها بشكل آخر منذ سبعة عشر عامًا وقدر لها أن تمثل وأن تلقى نجاحًا وقبولًا حسنًا ثم قدِّر تضيع مني فلا أجدها وهنا تعود بي الذاكرة إلى سنة 1949م إذ أحد الطلاب الذين اختطفتهم «كلاب الصيد» وألقت بنا بطون المعتقلات ما بين «هايكستب» و«جبل الطور» من أراضي مصر وما نقموا منا إلا أننا ندعو الإسلام الصحيح: دينًا ودولةً عبادةً وقيادةً صلاةً وجهادًا مصحفًا وسيفًا وفي معتقل الصحراء أقرأ كتب الأدب والتاريخ فكان مما راقني وأثر نفسي موقف العالم الفقيه الشجاع الطاغية المتجبر الحجاج وكان لي شغف بالأدب المسرحي حينذاك حتى أنني ألَّفت وأنا طالب بالصف الأول الثانوي مسرحية شعرية عنوانها «يوسف الصديق» ولهذا رأيت قصة مع صالحةً لأن تكون ذات هدف ورسالة وخاصة كنا نصارع طغيانًا كطغيان فما أحوجنا مواقف كموقف سعيد! وكتبت ومثِّلت الطور وضاعت أخيرًا واليوم يعيد التاريخ وتتكرر المأساة ويتجدد الطغيان والاضطهاد لحملة الدعوة الإسلامية ولكن بصورةٍ أعنف وأقسى وأشد ضراوةً ووحشيةً وتبرز كمواقف مواجهة طغيان أخبث وأعتى كفرًا ومن هنا وجدت الدافع الذي دفعني كتابتها بالأمس لا يزال قائمًا اليوم بل هو أقوى وبدأت أكتبها جديدٍ مُستلهمًا تاريخ تلك الحقبة الغنية بالبطولات والمواقف الرائعة جوار حفلتُ به مظالم طفحت تجبر وطغيان ومُستهديًا بشخصية عُرف علم وإيمانٍ وشجاعةٍ وثباتٍ سجَّلتْها لنا والرجال ومَن جبير؟ إنه إمام أئمة التابعين كان ابن عباس حبر الأمة إذا سأله أهل الكوفة مسألةٍ قال: "أتسألونني وعندكم جبير؟" وقال فيه أحمد حنبل: "قُتل وجه الأرض وهو محتاج علمه" وقد أنكر كما غيره الفقهاء سيرة الناس وعلوه بغير الحق وإذلاله للمسلمين وسفكه للدماء ووأده للحريات وانتهاكه للحرمات ولهذا لم يكد القائد الداهية عبد الرحمن الأشعث القيسي يعلن ثورته وبني أمية ويزحف بجنوده العراق انضم إليه كثير العلم والدين وفي طليعتهم وعامر الشعبي ومطرف الله الشِّخير ودارت المعارك جنود وجنود انتصر فيها أول الأمر بدهائه وجبروته وصبره استطاع النهاية يتغلب ويهزم هزيمةً ساحقةً معركةٍ مشهودةٍ هي معركة «دير الجماجم» فر بعدها وقُتِل مَن قُتل أنصاره وأُسر أُسر وهرب هرب وكان فروا واختفوا المفروض منطق يترك هؤلاء الفارون المنهزمون ألا يتبع مدبرهم ولا يقتل أسيرهم يُجْهَز جريحهم يتقيَّد بهذا الحكم فقتل كثيرًا الأسرى واتَّبع المُدبرين فجاء بهم وضرب أعناقهم وهكذا طلب سعيدًا قبض عليه بعد بضعة ومع المدة الطويلة يُسامحه أمره ومضى مثلًا للعلماء المجاهدين والدعاة الصادقين: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} (الأحزاب:39) السياسة الشرعية مجاناً PDF اونلاين باب أبواب والفقه الدين قيادة وتحقيق مصالحها الدينية الدنيوية جليل القدر عظيم النفع أفرده جماعة العلماء بالتصنيف القديم والحديث وانتشرت مباحثه أو مسائلة التفسير وشروح الحديث وهذا الباب خطره ينتج الغلط وعدم الفهم له شر مستطير والخطأ التفريط كالخطأ الإفراط؛ كلاهما يقود نتائج مرذولة غير مقبولة وضح ذلك شيخ القيم فقال: 'وهذا موضع مزلة أقدام ومضلة أفهام مقام ضنك ومعترك صعب فرط طائفة فعطلوا الحدود وضيعوا وجرءوا الفجور الفساد وجعلوا الشريعة قاصرة تقوم بمصالح العباد محتاجة غيرها وسدوا نفوسهم طرقًا صحيحة طرق معرفة والتنفيذ وعطلوها وأفرطت أخرى قابلت الطائفة فسوغت ينافي حكم ورسوله وكلتا الطائفتين أتيت تقصيرها بعث رسوله وأنزل كتابه' وإدراكًا منَّا لأهمية هذا وموقعه وحاجة رأينا نجعل زاوية دورية المجلة؛ سائلين تعالى يتحقق المقصود منها بالدور المراد الوجه يحب ربنا ويرضى وراء القصد ـ اللغة: لفظ 'السياسة' لغة العرب محمل بكثير الدلالات والإرشادات والمضامين فهي إصلاح واستصلاح بوسائل متعددة الإرشاد والتوجيه والتأديب والتهذيب والأمر والنهي تنطلق خلال قدرة تعتمد الولاية الرئاسة جاء معاجم اللغة يدل تقدم تاج العروس مادة سوس: 'سست الرعية سياسة' أمرتها ونهيتها والسياسة القيام الشيء بما يصلحه' لسان المادة نفسها: 'السوس: الرياسة وإذا رأسوه قيل سوسوه وأساسوه وسوس أمر بني فلان: أي كلف سياستهم وسُوِّس الرجل يسم فاعله: ملك أمرهم وساس سياسة: قام والسياسة: يصلحه والسياسة: فعل السائس يقال: يسوس الدواب عليها وراضها والوالي رعتيه' والإصلاح ليس مجرد غاية تسعى حركتها لتحقيقه نفسها وحقيقتها فقدته فقدت النص الشرعي: لم يرد لفظ شيء مادته سبحانه وتعالى وإن الصلاح والإصلاح والحكم وغير المعاني التي اشتمل وإما السنة قوله صلى وسلم: 'كادت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه ' وقوله 'تسوسهم الأنبياء'؛ أي: تتولى أمورهم يفعل الأمراء والولاة بالرعية' ويتبين استخدمت بمعناها اللغوي وهي تعني: القيام شأن قِبَل ولاتهم يصلحهم والإرشاد يحتاج وضع تنظيمات ترتيبات إدارية تؤدي تحقيق مصالح بجلب المنافع الأمور الملائمة ودفع المضار والشرور المنافية وهذا التعريف يبرز الجانب العملي للسياسة فالسياسة إجراءات وأعمال وتصرفات للإصلاح وعلى فإن سياسة تتطلب القدرة القيادة الحكيمة تتمكن طريق إتقان التدبير وحسن التأتي لما يراد فعله تركه بدوره تامة تتطلبه والرئاسة خبرة وحنكة وقدرة استعمال واستغلال الإمكانات المتاحة الأمثل المطلوب وقد كلام لذلك فمن ذلك: قال جرير الطبري ـ رحمه بيان السبب أجله جعل عمر رضي عنه الخلافة الستة اختارهم: 'لم يكن المنزلة والهجرة والسابقة والعقل والعلم والمعرفة بالسياسة؛ للستة شورى بينهم' وقال حجر ـ: 'والذي يظهر أمرائه يؤمرهم البلاد أنه يراعي الأفضل فقط يضم مزيد المعرفة بالسياسة اجتناب يخالف الشرع منها' ومما ورد أيضًا شرح قول النبي 'يا عائشة لولا قومك حديث عهدهم بكفر لنقضت الكعبة فجعلت بابين؛ يدخل وباب يخرجون' والذي ترجم البخاري صحيحه بقوله: ترك بعض الاختيار مخالفة يقصر فهم فيقعوا أشد منه' حجر: 'ويستفاد منه الإمام رعيته إصلاحهم ولو مفضولاً محرمًا' والسياسة فيما مجالها رحب فسيح ليست مقصورة محجوزة شيء؛ 'القيام يحمله العموم والشمول فيعمل كل صاحب ولاية تدبير ولايته وهذا الركن يتضمن الكتب تتحدث الموضوع شتى جوانبه

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
عالم وطاغية: سعيد بن جبير والحجاج بن يوسف (مسرحية تاريخية)
كتاب

عالم وطاغية: سعيد بن جبير والحجاج بن يوسف (مسرحية تاريخية)

ــ يوسف القرضاوي

صدر 1968م
عالم وطاغية: سعيد بن جبير والحجاج بن يوسف (مسرحية تاريخية)
كتاب

عالم وطاغية: سعيد بن جبير والحجاج بن يوسف (مسرحية تاريخية)

ــ يوسف القرضاوي

صدر 1968م
مجاني للتحميل
عن كتاب عالم وطاغية: سعيد بن جبير والحجاج بن يوسف (مسرحية تاريخية):
مقدمة

هذه المسرحية جديدة قديمة، جديدة في صورتها هذه، قديمة في موضوعها نفسه. فقد كنت كتبتها بشكل آخر منذ سبعة عشر عامًا، وقدر لها أن تمثل وأن تلقى نجاحًا وقبولًا حسنًا، ثم قدِّر لها أن تضيع مني فلا أجدها. وهنا تعود بي الذاكرة إلى سنة 1949م، إذ كنت أحد الطلاب الذين اختطفتهم «كلاب الصيد» وألقت بنا في بطون المعتقلات ما بين «هايكستب» و«جبل الطور» من أراضي مصر، وما نقموا منا إلا أننا ندعو إلى الإسلام الصحيح: دينًا ودولةً، عبادةً وقيادةً، صلاةً وجهادًا، مصحفًا وسيفًا.

وفي معتقل «هايكستب» في الصحراء كنت أقرأ في كتب الأدب والتاريخ، فكان مما راقني وأثر في نفسي موقف سعيد بن جبير العالم الفقيه الشجاع، من الطاغية المتجبر الحجاج بن يوسف. وكان لي شغف بالأدب المسرحي حينذاك، حتى أنني ألَّفت - وأنا طالب بالصف الأول الثانوي - مسرحية شعرية، عنوانها «يوسف الصديق». ولهذا رأيت قصة سعيد مع الحجاج صالحةً لأن تكون مسرحية ذات هدف ورسالة، وخاصة أننا كنا نصارع طغيانًا كطغيان الحجاج، فما أحوجنا إلى مواقف كموقف سعيد! وكتبت المسرحية، ومثِّلت في معتقل الطور... وضاعت أخيرًا.

واليوم يعيد التاريخ نفسه، وتتكرر المأساة، ويتجدد الطغيان والاضطهاد لحملة الدعوة الإسلامية، ولكن بصورةٍ أعنف وأقسى، وأشد ضراوةً ووحشيةً، وتبرز مواقف كمواقف سعيد في مواجهة طغيان أخبث وأعتى وأشد كفرًا من طغيان الحجاج.

ومن هنا وجدت الدافع الذي دفعني إلى كتابتها بالأمس لا يزال قائمًا اليوم، بل هو أقوى، وبدأت أكتبها من جديدٍ، مُستلهمًا تاريخ تلك الحقبة الغنية بالبطولات والمواقف الرائعة إلى جوار ما حفلتُ به من مظالم، وما طفحت به من تجبر وطغيان، ومُستهديًا بشخصية سعيد بن جبير، وما عُرف به من علم وإيمانٍ وشجاعةٍ وثباتٍ، سجَّلتْها لنا كتب الأدب والتاريخ والرجال.

ومَن هو سعيد بن جبير؟

إنه إمام من أئمة التابعين، كان ابن عباس حبر الأمة إذا سأله أحد من أهل الكوفة في مسألةٍ قال: "أتسألونني وعندكم سعيد بن جبير؟". وقال فيه أحمد بن حنبل: "قُتل سعيد بن جبير وما على وجه الأرض أحد إلا وهو محتاج إلى علمه". وقد أنكر سعيد - كما أنكر غيره من الفقهاء - سيرة الحجاج في الناس، وعلوه في الأرض بغير الحق، وإذلاله للمسلمين، وسفكه للدماء، ووأده للحريات، وانتهاكه للحرمات.

ولهذا لم يكد القائد الداهية الشجاع عبد الرحمن بن الأشعث القيسي يعلن ثورته على الحجاج وبني أمية، ويزحف بجنوده على العراق، حتى انضم إليه كثير من أهل العلم والدين، وفي طليعتهم سعيد بن جبير، وعامر الشعبي، ومطرف بن عبد الله بن الشِّخير.

ودارت المعارك بين جنود ابن الأشعث وجنود الحجاج، انتصر فيها الأول في أول الأمر... ولكن الحجاج بدهائه وجبروته وصبره استطاع في النهاية أن يتغلب ويهزم ابن الأشعث هزيمةً ساحقةً في معركةٍ مشهودةٍ، هي معركة «دير الجماجم»، فقد فر من بعدها ابن الأشعث، وقُتِل مَن قُتل من أنصاره، وأُسر مَن أُسر، وهرب مَن هرب.

وكان سعيد بن جبير أحد الذين فروا واختفوا، وكان المفروض في منطق الإسلام أن يترك هؤلاء الفارون المنهزمون... ألا يتبع مدبرهم، ولا يقتل أسيرهم، ولا يُجْهَز على جريحهم، ولكن الحجاج لم يتقيَّد بهذا الحكم، فقتل كثيرًا من الأسرى، واتَّبع كثيرًا من المُدبرين، فجاء بهم وضرب أعناقهم. وهكذا طلب سعيدًا حتى قبض عليه بعد بضعة عشر عامًا، ومع هذه المدة الطويلة لم يُسامحه، وكان من أمره ما كان.

ومضى سعيد بن جبير مثلًا في تاريخ الإسلام للعلماء المجاهدين، والدعاة الصادقين: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾ (الأحزاب:39) .
الترتيب:

#3K

1 مشاهدة هذا اليوم

#39K

27 مشاهدة هذا الشهر

#112K

579 إجمالي المشاهدات
قراءة أونلاين 📱 PDF تحميل مجاناً
يوسف القرضاوي ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 🏛 الناشر
QR Code