█ _ دكتور أحمد الشربيني 2022 حصريا العهد عن دار إبهار للنشر والتوزيع 2024 : مجاناً PDF اونلاين
كان الظلام كثيفًا والجو خانقًا بدرجة كبيرة، حاول ان يتبين تفاصيل المكان على ضوء النهار القادم من خلفه، وبعد قليل كانت قد اعتادت عيناه على الرؤية، كان واقفًا في مطبخ الفيلا، كان الغبار يغطي كل شيء ولعدة سنتيمترات، ولكنه كان مرتبًا، اخذ يفتح الأدراج والرفوف، كان كل شيء مرتبًا في موضعه، ولكن يعلوه طبقات كثيفة من الغبار، اخذ يبحث عن شيء يصلح لأضاءة المكان، بحث عن شمع ممسكًا قداحته، وبعد قليل وعلى ضوء القداحة الخافت وجد شمعدانًا يحمل شمعتين متاكلتين متحجرتين، حاول اشعال فتيل احداهما، كان الضوء واهنًا ًّجدا في بادئ الأمر، ولكن بعد قليل بدا الشمع في الذوبان غاسلًا طبقات الغبار التي التصقت به، فاخذت ملامح المكان في الظهور تدريجيًّا، حمل الشمعدان متجهًا من باب المطبخ الى صالة الفيلا، كان كل شيء مغطى بملاءة كانت بيضاء في زمن قديم قبل ان يعلوها الغبار، والذي التصق ايضًا بقطع السجاد الذي يغطي اجزاءً متفرقة من ارض الفيلا، كانت التحف والتماثيل البرونزية والنحاسية منتشرة في زوايا الطابق الأرضي، وكانت تشي بثراء وفخامة غابرة، رفع النقيب محسن يده الممسكة بالشمعدان الى اعلى لكي يصل ضوؤه الى مكان ابعد، ادار الشمعدان دورة كاملة لكي يلقي نظرة عامة على كل الأركان، كان السكون هو المسيطر على المكان، ولم يجد شيئًا ملفتًا، وهمَّ ان يدير الشمعدان مرة اخرى لكي ُيلقي نظرة على زوايا اخرى، الأ ان شيئًا ما استوقفه فاعاد ضوء الشموع الى نقطة معينة في الجدار، وبالتحديد اعلى المدفاة الرخامية، كانت هناك بقعة داكنة اعلى الجدار ما بين المدفاة وساعة حائط قد توقف بندولها عن الحركة، سار باتجاه البقعة بحذر وسط انين الأرض الخشبية من تحته، قرب الضوء من البقعة التي بدات في الوضوح شيئًا فشيئًا، ثم اخذ يتلامسها بيديه، لم تكن البقعة كبيرة الحجم، ولكنها كانت كافية لكي يتبين ضابط شرطة انها بقعة من الدماء، من المستحيل ان يخطئ في تقديره، قطب حاجبيه في تفكير. كانت الفكرة المسيطرة عليه في هذه اللحظة ما الذي اتى ببقعة الدماء الى هنا؟ مكانها غريب ًّحقا، وما الذي حدث هنا بالضبط؟!
❞ الأ أن شيئًا ما استوقفه فاعاد ضوء الشموع الى نقطة معينة في الجدار، وبالتحديد اعلى المدفاة الرخامية، كانت هناك بقعة داكنة اعلى الجدار ما بين المدفاة وساعة حائط قد توقف بندولها عن الحركة، سار باتجاه البقعة بحذر وسط انين الأرض الخشبية من تحته، قرب الضوء من البقعة التي بدات في الوضوح شيئًا فشيئًا، ثم اخذ يتلامسها بيديه، لم تكن البقعة كبيرة الحجم، ولكنها كانت كافية لكي يتبين ضابط شرطة انها بقعة من الدماء، من المستحيل ان يخطئ في تقديره، قطب حاجبيه في تفكير. كانت الفكرة المسيطرة عليه في هذه اللحظة ما الذي اتى ببقعة الدماء الى هنا؟ مكانها غريب ًّحقا، وما الذي حدث هنا بالضبط . ❝
❞ أرجو منكِ الهدوء يا هانم، سوف ننتقل قريبًا جدًّا، سأسافر إلى القاهرة بعد غد لحضورِ جلسة البرلمان، وسوف أرى ما يمكنني فعله، أعدك . ❝
❞ في ليلة شتوية في زمن غير الزمن، وبالتحديد عام 1946، المطر ينهمر بغزارة على فيلا من الطراز الفيكتوري القديم تطلُّ على نيل المنصورة، الفيلا محاطة بسور عالٍ ضخم من الحجر الأبيض الأنيق، تلفها الأشجار الضخمة من كل مكان تخفي معظم أجزائها . ❝
❞ في الداخل تجدهما؛ رجل وامرأة يجلسان بالقرب من مدفأة حجرية ضخمة، تعلوها أطباق السيفر الثمينة، وبعض الصور الصغيرة ذات الإطارات المذهبة، يعلو المدفأة ساعة ضخمة ذات بندول تكاد أن تُسمع حركاته الرتيبة، التماثيل البرونزية متناثرة في المكان توحي برُقيّ وثراء أهل الفيلا.
الرجل في الأربعينيات من عمره، شعره رمادي ناعم قصير مُصفَّف بعناية بمادة زيتية، يرتدي عوينات دائرية دقيقة، وبدلة كتانيه بنية اللون ذات مربعات منقوشة بدقة، ويلف حول ياقة قميصه بابيون أسود حريري، والسيدة ذات الشعر الذهبي الطويل المموج تلبس فستانًا مليئًا بالدانتيلا، وتلف كتفيها بشالٍ أنيق أحمرَ اللون . ❝