📘 ❞ الوجودية منزع إنساني ❝ كتاب ــ جان بول سارتر اصدار 2012

الفكر والفلسفة - 📖 ❞ كتاب الوجودية منزع إنساني ❝ ــ جان بول سارتر 📖

█ _ جان بول سارتر 2012 حصريا كتاب الوجودية منزع إنساني عن دار التنوير للطباعة والنشر 2024 إنساني: تربط – لدى بصورة خاصة بين الحرية والاختيار والمسئولية ربطًا يجعل من تلك المعاني الثلاثة أساس الوجود الإنساني أينما كان وأصلًا أصوله لقد تعرّضت فكرة للكثير إساءة الفهم وفي هذه الكلمات نعرض ما أراده (سارتر ) توضيحه بشأن التي تُعْلِي شأن الإرادة الإنسانية وتركِّز أن الحريّة شيء أصيل النفس وأنّ الحُرّة تجعل الإنسان مسئولًا أفعاله وتضعه أمام واجب تحمّل المسئولية 1 الموضة الوجودية إنّ أغلب الناس الذين يستخدمون الكلمة سيواجهون صعوبة كبيرة تفسيرها خصوصًا لأنها أصبحت اليوم "موضة " تُستخدم كافة الأوساط الاجتماعية والثقافية فإذا بنا نرى يَسِمُون بها بعض الفنانين الرسّامين أو الموسيقيين وغيرهم باعتبار أنهم وجوديون ونرى محررًا صحيفة يوَقِّع باسم "الوجودي وهكذا اتسع مدلول العبارة الواقع نحو لم يعد دالًّا أي ومما يزيد الأمور تعقيدًا وجود جنسين الوجوديين: أوّلهما الوجوديون المسيحيون ذوو العقيدة الكاثوليكية وهم يرون له بشري أصيل؛ حيث حرية اختيار يكون عليه حياته ولكن هذا كله يخضع للحقيقة المتعالية الخفيّة وهي الدعامة الأساسية للوجود البشري ومن هنا أتى تصنيف ( لتلك الفلسفة أنها "الوجودية المؤمنة ثانيهما : المُلحِدون اعتبروا هي المقوِّم المبدئي للذّات مما يدفعها باستمرار صُنع وجودها النحو الذي تريد لا بالنسبة لهم مُكْتَمِلا وإنّما بمثابة الناقص يطمح اكتساب ماهيته فالإنسان إذن مشروع أكثر منه ماهيّة مكتملة وما يشترك فيه جميع الوجوديِّين هو أنّ "الوجود يسبق الماهيّة 2 والله القرن الثامن عشر عندما نتصوّر إلهًا صانعًا فإننا نماثل الإله الأحيان بالصانع الأعلى وبما أننا نقبل دائمًا بأنّ تتبع الأقل تلازمه الله عندما يخلق يعرف وجه الدقة فإن مفهوم ذهن مُماثل تمامًا لمفهوم قاطعة الورق الحِرَفِّيِّ ينتج تبعًا لتقنيات وتصوّر مثلما يصنع الحرفي لورق طبقًا وتصوُّر؛ الفرد يحقق مفهومًا مُعينًا موجودًا وعن طبيعة وخلقه نظر الفلاسفة نظروا إلى أنه يمتلك إنسانية وهذه الطبيعة موجودة عند الناس؛ فإنسان الغابة وإنسان مثلهما كمثل البرجوازي خاضعان للتعريف نفسه ويمتلكان الخصائص نفسها وهنا تسبق "ماهيّة صفاته ومواصفاته وجوده 3 المُلحدة ومسئولية الإنسان إن يمثلّها وطبقًا لرأيه الأكثر تماسكًا؛ فهي تعلن إذا يكن فإنَّه يوجد كائن لديه سابقًا للماهيّة يوُجد قبل قابلًا وِفق الكائن ماذا يعني سابق للماهيّة؟ هذا يُوجَد أولًا يلتقي بالعالم وينبثق ويتجانس معه ثم يُعرَّف بعد ذلك وهكذا فلا لطبيعة بما أنّه لإله يمكنه تصوّرها إلا يتصوره شيئًا آخر سوى يصنعه بنفسه الوثبة أوّل مبدأ للوجودية صانع وهو يُسمّي أيضًا بـِ الذاتيّة أول مسعى يتمثّل جعل كل إنسان متملّكًا لوجوده ومتحمّلًا كاملةً وعندما نقول إنَّ مسئول ذاته نريد القول فرديته الضيقة فحسب بل فإنّ مسئوليتنا أكبر بكثير نستطيع تقديره إذ تلزِم كلها كثنتَ عامِلًا وفضَّلت تنخرط نقابة مسيحية مثلًا وكنت الانخراط تبيّن للناس الحلّ المُلائم للإنسان الخضوع وأن مملكة ليست الأرض وإنها عالم غيبي الجنّة فأنت بذلك تُلزِم نفسك خضوعك قدوة للجميع؛ فيكون اختيارك بالنتيجة قد ألزم بأسرِها 4 القلق يعلن الوجودي بأن قلق وهذا التالي: إنّ يلتزم وينتبه أنَّه ليس يختار فقط وإنما الوقت برمّتها لن قادرًا عندها الإفلات الشعور بمسئولية تامّة وعميقة المؤكد كثيرًا ليسوا مَهمومين ولكننا نخالهم يوارون قلقهم ويتهرّبون والأكيد الكثير يعتقدون تصرفاتهم إلّا ذواتهم ومتى قُلنا لكن لو فعل النّاس مثلكم ؟ أجابوا يفعل مثل لكن الحقيقة يجب نتساءل دائمًا: هكذا؟ لا شكّ الإجابة ستكون محيّرة ومرعبة وتجعل فرد يُفكِّر مرارًا يقوم بأي تصرُّف يؤثر فيعيش حالة دائمة القلق والتوجّس تجاه الحياة ولا يتعلّق الأمر بقلق يقود الدعة والجمود بسيط يعرفه حمل عِبء المسئوليات فمثلًا يأخذ قائد حربي عاتقه مسئولية هجوم عسكري ويبعث بعدد مُعيّن الجنود الموت وإذا القيام وعلى الاختيار تتوقف حياة عشرة عشرين رجلًا يُمكنه يتخذ القرار دون ينتابه شعور معيّن بالقلق وكل القادة يعرفون ليمنعهم فعله وسوف الضرب تصفه شأنه يفسّر المباشرة بقيّة ستارًا يفصلنا الفعل جزء 5 ديستيوفيسكي والوجودية "إذا غير موجود يُصبح مُباحًا هكذا قال ديستوفيسكي وهنا تكمن نقطة بدء وفعلًا مباحا إن وبالتالي يجد يمكن الانشداد إليه داخل خارجها إنه البدء عُذر؛ حقًا فلن ننتظر الرجوع لنفسِّر حرًّا فإذا افترضنا بالفعل نجد أمامنا قيَمًا أوامر تشرّع تصرفاتنا "الإنسان محكومٌ بالحريّة يقول موضِحًا: محكوم لأنه خلق حين مع حرًا بمجرد يُلقي به العالم ومسئولًا المستقبل " مستقبل مقولة (بونج الشاعر الفرنسي يظهر ينتظره 6 لـ (العلامات ) كل حرٌّ فيما وفيما سيفعل وحده يُبدع ويفكِّر لا توجد علامات عامّة أسس توضّح وماذا لعلامة يجيب الكاثوليكيون: ولنفترض صحّة المعنى تحمّله العلامة ولتوضيح يَسرد حكايته رجل يسوعيٍّ عضو منظمة دينية تتمسك بتعاليم القساوسة وتنقاد البابا ويبيّن كيف انضم "اليسوعية بسبب فهمه الخاص العلامات ) فيقول عنه : واجه الرجل إخفاقات مؤلمة حياته؛ توفّي والده طفلٌ ترعاه مؤسسة باب الشفقة والإحسان أخفق نيل الأوسمة الشرفية ينالها الأطفال آنذاك وفشل أصبح شابًا مغامرة عاطفية وتكرارًا وحُرم التدريبات العسكرية كانت شرفًا لكل الشباب فلم الشاب تفسيرًا الإخفاقات "علامات ولكن (علامات ماذا؟ فسّرها علامة يُخلق أجل انتصارات عادية الانتصارات الدينية والقداسة والإيمان وحدها المُتاحة فقد رأى وحيًا إلهيًّا جعله ينضمّ المؤسسة اليسوعية وعلى فرض التسليم بوجود فشله جمع أوسمة الطفولة عدم اجتهاده وعمله؟ ولم العلاقات العاطفية يقابل المرأة تناسب شخصه؟ ولم عنده دالّة فحسب؟ لمَ تكون الممكن أفضل يُصبّح حدّادًّا ثوريًا مهنة أُخري؟ هكذا باختياره تفسير لأي واقعٍ حوله الفكر والفلسفة مجاناً PDF اونلاين ترتيب أمور معلومة للتأدي مجهول ويُستخدم الدراسات المتعلقة بالعقل ويشير قدرة العقل تصحيح الاستنتاجات حقيقي واقعي وبشأن كيفية حل المشكلات ويمكن تقسيم النقاش المتعلق بالفكر مجالين واسعي النطاق هذين المجالين استمر استخدام المصطلحين "الفكر" و"الذكاء" كمصطلحين مرتبطين ببعضهما البعض الفلسفة (لغويا اليونانية φιλοσοφία‏ philosophia والتي تعني حرفيًا "حب الحكمة") دراسة الأسئلة العامة والأساسية والمعرفة والقيم والعقل والاستدلال واللغة غالبًا تطرح كمسائل لدراستها حلها ربما صاغ مصطلح "فيلسوف (محب الحكمة)" الفيلسوف وعالم الرياضيات فيثاغورس (570 495 الميلاد) تشمل الأساليب الفلسفية الاستجواب والمناقشة النقدية والحجة المنطقية والعرض المنهجي وهذا ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
الوجودية منزع إنساني
كتاب

الوجودية منزع إنساني

ــ جان بول سارتر

صدر 2012م عن دار التنوير للطباعة والنشر
الوجودية منزع إنساني
كتاب

الوجودية منزع إنساني

ــ جان بول سارتر

صدر 2012م عن دار التنوير للطباعة والنشر
عن كتاب الوجودية منزع إنساني:
تربط الوجودية – لدى سارتر بصورة خاصة – بين الحرية والاختيار والمسئولية ربطًا يجعل من تلك المعاني الثلاثة أساس الوجود الإنساني أينما كان، وأصلًا من أصوله. لقد تعرّضت فكرة الوجودية للكثير من إساءة الفهم، وفي هذه الكلمات نعرض ما أراده (سارتر ) توضيحه بشأن الوجودية التي تُعْلِي من شأن الإرادة الإنسانية، وتركِّز على أن الحريّة شيء أصيل في النفس الإنسانية، وأنّ الإرادة الحُرّة تجعل الإنسان مسئولًا عن أفعاله، وتضعه أمام واجب تحمّل المسئولية.

1- الموضة الوجودية
إنّ أغلب الناس الذين يستخدمون هذه الكلمة سيواجهون صعوبة كبيرة في تفسيرها، خصوصًا لأنها أصبحت اليوم "موضة " تُستخدم في كافة الأوساط الاجتماعية والثقافية، فإذا بنا نرى الناس يَسِمُون بها بعض الفنانين – الرسّامين أو الموسيقيين وغيرهم – باعتبار أنهم وجوديون، ونرى محررًا في صحيفة يوَقِّع باسم "الوجودي ".

وهكذا اتسع مدلول العبارة في الواقع على نحو لم يعد دالًّا على أي شيء.

ومما يزيد الأمور تعقيدًا وجود جنسين من الوجوديين: أوّلهما الوجوديون المسيحيون ذوو العقيدة الكاثوليكية ، وهم الذين يرون أن الإنسان له وجود بشري أصيل؛ حيث له حرية اختيار ما يكون عليه في حياته، ولكن هذا كله يخضع للحقيقة المتعالية الخفيّة وهي الدعامة الأساسية للوجود البشري، ومن هنا أتى تصنيف ( سارتر ) لتلك الفلسفة على أنها "الوجودية المؤمنة ".

ثانيهما : الوجوديون المُلحِدون، وهم الذين اعتبروا أن الحريّة هي المقوِّم المبدئي للذّات الإنسانية، مما يدفعها باستمرار نحو صُنع وجودها على النحو الذي تريد، ومن هنا لا يكون الوجود البشري – بالنسبة لهم – مُكْتَمِلا، وإنّما بمثابة الوجود الناقص الذي يطمح نحو اكتساب ماهيته. فالإنسان إذن مشروع وجود أكثر منه ماهيّة مكتملة.

وما يشترك فيه جميع الوجوديِّين هو أنّ "الوجود يسبق الماهيّة ".

2- الإنسان والله في القرن الثامن عشر
عندما نتصوّر إلهًا صانعًا، فإننا نماثل هذا الإله في أغلب الأحيان بالصانع الأعلى، وبما أننا نقبل دائمًا بأنّ الإرادة تتبع الفهم أو على الأقل تلازمه – أي أنّ الله عندما يخلق يعرف على وجه الدقة ما يخلق - ، فإن مفهوم الإنسان في ذهن الله، مُماثل تمامًا لمفهوم قاطعة الورق في ذهن الحِرَفِّيِّ، والله ينتج الإنسان تبعًا لتقنيات وتصوّر تمامًا مثلما يصنع الحرفي قاطعة لورق طبقًا لتقنيات وتصوُّر؛ إذن فالإنسان الفرد يحقق مفهومًا مُعينًا موجودًا في ذهن الإله.

وعن طبيعة الإنسان وخلقه في نظر الفلاسفة نرى أنهم نظروا إلى الإنسان على أنه يمتلك طبيعة إنسانية، وهذه الطبيعة الإنسانية – التي هي مفهوم الإنسان – موجودة عند جميع الناس؛ فإنسان الغابة وإنسان الطبيعة - مثلهما كمثل الإنسان البرجوازي - خاضعان للتعريف نفسه، ويمتلكان الخصائص الإنسانية نفسها، وهنا تسبق "ماهيّة " الإنسان – أي صفاته ومواصفاته – وجوده.

3- الوجودية المُلحدة ومسئولية الإنسان
إن "الوجودية المُلحدة " – التي يمثلّها سارتر وطبقًا لرأيه – هي الأكثر تماسكًا؛ فهي تعلن أنه إذا لم يكن الله موجودًا، فإنَّه يوجد على الأقل كائن يكون الوجود لديه سابقًا للماهيّة، كائن يوُجد قبل أن يكون قابلًا للتعريف وِفق أي مفهوم، وأنّ هذا الكائن هو الإنسان. ولكن، ماذا يعني أن الوجود سابق للماهيّة؟

هذا يعني أنّ الإنسان يُوجَد أولًا، يلتقي بالعالم وينبثق فيه ويتجانس معه ثم يُعرَّف بعد ذلك. وهكذا فلا وجود لطبيعة إنسانية، بما أنّه لا وجود لإله يمكنه تصوّرها. لا يكون الإنسان إلا على نحو ما يتصوره هو عن نفسه، لا يكون الإنسان شيئًا آخر سوى ما يصنعه بنفسه بعد هذه الوثبة نحو الوجود. ذلك هو أوّل مبدأ للوجودية – ( الإنسان صانع نفسه ) وهو ما يُسمّي أيضًا بـِ ( الذاتيّة ) - .

وهكذا فإن أول مسعى للوجودية يتمثّل في جعل كل إنسان متملّكًا لوجوده، ومتحمّلًا المسئولية كاملةً عن وجوده. وعندما نقول إنَّ الإنسان مسئول عن ذاته، فإننا لا نريد القول بأنّ الإنسان مسئول عن فرديته الضيقة فحسب، بل مسئول عن كل الناس.

وهكذا فإنّ مسئوليتنا أكبر بكثير مما نستطيع تقديره إذ تلزِم الإنسانية كلها، فإذا كثنتَ عامِلًا وفضَّلت أن تنخرط في نقابة مسيحية مثلًا، وكنت تريد من هذا الانخراط أن تبيّن للناس أن الحلّ المُلائم للإنسان في الواقع هو الخضوع، وأن مملكة الإنسان ليست على الأرض وإنها هي في عالم غيبي – الجنّة - ، فأنت بذلك لا تُلزِم نفسك فحسب، بل تريد أن يكون خضوعك قدوة للجميع؛ فيكون اختيارك بالنتيجة قد ألزم الإنسانية بأسرِها.

4- القلق
يعلن الوجودي بأن الإنسان كائن قلق، وهذا يعني التالي: إنّ الإنسان الذي يلتزم وينتبه إلى أنَّه ليس من يختار ما يكون عليه فقط، وإنما يختار نفسه في الوقت الذي يختار فيه الإنسانية برمّتها، لن يكون قادرًا عندها على الإفلات من الشعور بمسئولية تامّة وعميقة. ومن المؤكد أن كثيرًا من الناس ليسوا مَهمومين،ولكننا نخالهم يوارون قلقهم ويتهرّبون منه، والأكيد أن الكثير من الناس يعتقدون أن تصرفاتهم لا تُلزِم إلّا ذواتهم، ومتى قُلنا لهم : لكن ماذا لو فعل كل النّاس مثلكم ؟ أجابوا : لا يفعل جميع الناس مثل هذا.

لكن في الحقيقة، يجب أن نتساءل دائمًا: ماذا لو فعل جميع الناس هكذا؟
لا شكّ أن الإجابة ستكون محيّرة ومرعبة، وتجعل كل فرد يُفكِّر مرارًا قبل أن يقوم بأي تصرُّف لا يؤثر على نفسه فقط. فيعيش في حالة دائمة من القلق والتوجّس تجاه كل أفعاله في الحياة. ولا يتعلّق الأمر هنا بقلق يقود إلى الدعة والجمود، وإنما هو قلق بسيط يعرفه كل من حمل عِبء المسئوليات. فمثلًا عندما يأخذ قائد حربي على عاتقه مسئولية هجوم عسكري، ويبعث بعدد مُعيّن من الجنود إلى الموت، وإذا يختار القيام بذلك، وعلى هذا الاختيار قد تتوقف حياة عشرة، أو عشرين رجلًا، ولا يُمكنه أن يتخذ هذا القرار دون أن ينتابه شعور معيّن بالقلق، وكل القادة يعرفون مثل هذا القلق، إلا أنّه لم يكن ليمنعهم من فعله.

وسوف نرى أن هذا الضرب من القلق الذي تصفه الوجودية،من شأنه أن يفسّر أن المسئولية المباشرة تجاه بقيّة الناس ليست ستارًا يفصلنا عن الفعل، بل هي جزء من الفعل ذاته.

5- ديستيوفيسكي والوجودية
"إذا كان الله غير موجود، يُصبح كل شيء مُباحًا ". هكذا قال ديستوفيسكي
وهنا تكمن نقطة بدء الوجودية.

وفعلًا يكون كل شيء مباحا إن لم يكن الله موجودًا، وبالتالي لا يجد الإنسان ما يمكن الانشداد إليه لا من داخل ذاته ولا من خارجها. إنه لا يجد في البدء أي عُذر؛ فإذا كان الوجود سابقًا للماهيّة حقًا فلن ننتظر الرجوع إلى طبيعة الإنسان لنفسِّر أي شيء. فيكون الإنسان حرًّا، بل يكون حرية.
فإذا افترضنا بالفعل أن الله غير موجود، فإننا لن نجد أمامنا قيَمًا أو أوامر تشرّع تصرفاتنا.

"الإنسان محكومٌ عليه بالحريّة " هكذا يقول (سارتر ) موضِحًا: محكوم عليه لأنه ليس من خلق نفسه في حين أنّه مع ذلك يكون حرًا، لأنه بمجرد ما يُلقي به في العالم يكون مسئولًا عن كل ما يفعل، ومسئولًا عن المستقبل أيضًا.

" الإنسان هو مستقبل الإنسان " – مقولة (بونج ) الشاعر الفرنسي - ، وهذا يعني أن أي إنسان يظهر يكون عليه مستقبل ينتظره يجب أن يصنعه بنفسه.

6- لا وجود لـ (العلامات )
كل إنسان حرٌّ فيما يفعل وفيما سيفعل، هو وحده عليه أن يُبدع ويفكِّر.
لا توجد علامات عامّة أو أسس توضّح له ماذا يفعل وماذا لا يفعل. لا وجود لعلامة في العالم، يجيب الكاثوليكيون: بل توجد علامات.
ولنفترض صحّة هذا، فإنّ الإنسان نفسه الذي يختار المعنى الذي تحمّله هذه العلامة.

ولتوضيح هذا يَسرد ( سارتر ) حكايته مع رجل يسوعيٍّ – أي عضو في منظمة دينية مسيحية تتمسك بتعاليم القساوسة، وتنقاد إلى أوامر البابا – ويبيّن كيف انضم إلى "اليسوعية – بسبب فهمه الخاص لـ ( العلامات )

فيقول عنه سارتر :
واجه الرجل إخفاقات مؤلمة في حياته؛ حيث توفّي والده وهو طفلٌ ترعاه مؤسسة دينية من باب الشفقة والإحسان. أخفق في نيل كل الأوسمة الشرفية التي كان ينالها الأطفال آنذاك، وفشل - عندما أصبح شابًا - في مغامرة عاطفية مرارًا وتكرارًا، وحُرم من التدريبات العسكرية التي كانت شرفًا لكل الشباب.

فلم يجد هذا الشاب تفسيرًا لكل هذه الإخفاقات سوى أنها "علامات ".

ولكن (علامات ) على ماذا؟ فسّرها هو على أنها علامة على أنه لم يُخلق من أجل انتصارات عادية، وأن الانتصارات الدينية والقداسة والإيمان وحدها المُتاحة له. فقد رأى في هذا الأمر وحيًا إلهيًّا جعله ينضمّ إلى المؤسسة اليسوعية.
وعلى فرض التسليم بوجود العلامات، لم لا يكون فشله في جمع أوسمة الطفولة علامة على عدم اجتهاده وعمله؟
ولم لا يكون فشله في العلاقات العاطفية علامة على أنه لم يقابل المرأة التي تناسب شخصه؟
ولم كانت العلامة عنده دالّة على الانتصارات الدينية فحسب؟
لمَ لا تكون علامة على أنه من الممكن له أن يكون أفضل عندما يُصبّح حدّادًّا أو ثوريًا أو أي مهنة أُخري؟.
هكذا يكون الإنسان مسئولًا باختياره عن أي تفسير لأي شيء واقعٍ حوله.


الترتيب:

#2K

2 مشاهدة هذا اليوم

#6K

59 مشاهدة هذا الشهر

#72K

3K إجمالي المشاهدات
مترجم الى: .
المتجر 4 أماكن الشراء
جان بول سارتر ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
دار التنوير للطباعة والنشر 🏛 الناشر
QR Code
نتيجة البحث