📘 ❞ عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان الجزء الثالث ❝ كتاب ــ بدر الدين محمود العيني اصدار 2007

كتب تاريخ العالم العربي - 📖 ❞ كتاب عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان الجزء الثالث ❝ ــ بدر الدين محمود العيني 📖

█ _ بدر الدين محمود العيني 2007 حصريا كتاب عقد الجمان تاريخ أهل الزمان الجزء الثالث عن دار الكتب والوثائق القومية 2024 الثالث: الدَّولَةُ المَملُوكِيَّةُ أو السَّلطَنَةُ دَولَةُ المَمَالِيك سِلطَنَةُ هي إحدى الدُول الإسلاميَّة التي قامت مصر خِلال أواخر العصر العبَّاسي وامتدَّت حُدُودها لاحقًا لِتشمل الشَّام والحجاز ودام مُلكُها مُنذُ سُقُوط الدولة الأيوبيَّة سنة 648هـ المُوافقة لِسنة 1250م حتَّى بلغت العُثمانيَّة ذُروة قُوَّتها وضمَّ السُلطان سليم الأوَّل الديار الشَّاميَّة والمصريَّة إلى دولته بعد هزيمة المماليك معركة الريدانيَّة 923هـ 1517م يُقسم المُؤرخون المملوكيَّة فرعين دولتين هُما: دولة البحريَّة ودولة البُرجيَّة حكم من 784هـ 1382م وكان أكثرهُم التُرك والمغول وحكم وكانوا الشركس والمماليك أُصُولهم رقيقٌ مُحاربين استقدمهم الخُلفاء العبَّاسيين الأوائل تركستان والقوقاز وغيرها وجعلوهم حُرَّاسًا لهم وقادةً لِجُيُوش المُسلمين وقد ازداد نُفُوذ بِمُرور الزمن أصبحوا يُهيمنون الخِلافة وعلى مركز صناعة القرار مُستفيدين ضِعف وتراجُع نُفوذهم وحذا السلاطين والأُمراء حُذو بغداد فكان لِكُلٍ منهم جماعةً الأشدَّاء والكفوئين عسكريًّا ومن هؤلاء الأيُّوبيين الذين حكموا والشَّام تحت الرَّاية العبَّاسيَّة ولمَّا مات آخر سلاطين بني أيُّوب وهو الملكُ الصَّالح نجمُ 647هـ 1249م كتمت زوجته شجر الدُّر نبأ موته أن حضر ابنه توران شاه الجزيرة الفُراتيَّة القاهرة وحاول يُقدِّم مماليكه اصطحبهم معه فعيَّنهم مناصب فما كان القُدماء إلَّا ائتمروا به وقتلوه ثُمَّ نصَّبوا سُلطانة عليهم وهي أوَّل امرأة وُلِّيت شُؤون ظهر بِمظهر مُنقذي العالم الإسلامي الضياع والزوال عاصمة والخِلافة يد المغول بِقيادة هولاكو خان ومقتل خُلفاء العبَّاس أبو أحمد عبد الله المُستعصم بِالله فقد سار لِغزو الشَام وهدَّدوا بِمصيرٍ مُشابه لِمصير كي لا تقوم لِلإسلام قائمة ذلك فأرسل سُلطانُ سيفُ قُطُز جيشًا عرمرميًّا فلسطين لِصدِّ التقدُّم المغولي وحماية قلب فهزم المُسلمون عين جالوت بِشمال 1260م وردُّوهم أعقابهم أضف ورث تصميمهم مُحاربة الصليبيين وإجلائهم المشرق لِذلك ما كادوا يفرغون انصرفوا الظَّاهر بيبرس تابع مسيرة الجهاد ضدَّ فهاجمهم انتصاره فصارت مُدنهم وقلاعهم تسقط واحدة الأُخرى استعاد الكرك وقيسارية وصفد ويافا وجُبيل وعرقة بين سنتيّ 1263 و1266م وفي 1268م أنطاكية وزالت إمارتها الإفرنجيَّة الوُجود وجاء قلاوون يُكمل عمل سلفه فاسترجع قلعة المرقب 1281م وطرابُلس والبترون 1289م وتُوفي 1290م يُهيِّء حملة لاسترجاع عكَّا فقام بهذه المُهمَّة بعده الملك الأشرف صلاحُ خليل واستولى 1291م أثار سُقُوطها المرفأ الرئيسي لِلصليبيين القلق والذُعر الشديدين نُفُوسهم فجلوا المُدن الباقية أيديهم مثل صُور وصيدا وبيروت وركبوا البحر عائدين بلادهم لِتنتهي بِذلك الحُرُوب الصليبيَّة استمرَّت مائة وأربعًا وتسعين أعاد إحياء لكنها كانت خِلافة صوريَّة هدف جعلها سندًا لِسلطنتهم ودعمًا روحيًّا لها يجعلها مهيبة الجانب يُعدُّ عهد بداية دور الانحطاط الحضارة ولكن ليس معنى أنَّ هذا العهد مُجدبًا تمامًا إذ شهد عدَّة مُنجزات علميَّة وفكريَّة وإنما بدأت تلك الفترة تتراجع شيئًا فشيئًا ففي حقل العلم ودمشق وحماة أهم مراكز طب العُيُون أخرجت عددًا الأطباء الأفذاذ كانوا حُجَّة ومرجعًا أمَّا الأدب والتاريخ والدين ظهر عددٌ أعظم الباحثين وأغزر المُؤلفين ابن خلِّكان صاحب «وفيَّات الأعيان» السِّير وأبي الفداء «تقويم البُلدان» الجُغرافيا والسُّيوطي وابن خلدون والمقريزي كثير «البداية والنهاية» وهم أشهر المُؤرخين وقد اشتهر بعضُ بِتشجيع وتكريم العُلماء وبِإنفاق المال بِسخاء تأسيس المدارس وإنشاء المكتبات الصُرُوح العلميَّة: المدرسة الناصريَّة ومدرسة قايتباي والمدرسة والمكتبة الظاهريَّة دمشق القرطائيَّة طرابُلس أيضًا أصبح الجامع الأزهر المملوكي جامعةً كُبرى تُدرِّس بها مذاهب السُنَّة والجماعة الأربعة جانب العُلُوم ساءت الحالة الاقتصاديَّة البُرجي بِسبب حالة وعدم الاستقرار الناجمة الفتن الداخليَّة والانقلابات وعن الكثيرة شنَّها والصليبيين وغيرهم وبسبب توقُّف حركة التجارة مع أوروپَّا مشاعر الخوف والكراهيَّة الثقة خلَّفتها الحُروب الأوروپيين والمُسلمين وكذلك انتشار المجاعة والأوبئة وخُصُوصًا وباء الطاعون الذي فتك 1348 1349م بِأكثر مليون شخص وأخيرًا روح الطمع والأنانيَّة سيطرت عددٍ كبيرٍ وجعلتهم يُوجهون سياسة وفقًا لِمصالحهم الشخصيَّة العوامل المُساعدة ساهمت بِتسريع العُثمانيين وتطلُّع الشعب ومصر كمُنقذين المماليك جمع لكلمة مملوك العبد سبي ولم يملك أبوه فيباع ويشترى لكن لبثت التسمية احتلت مدلولاً خاصاً التاريخ فأسسوا دولتهم الخاصة والشام وانقسم عصران اعتبار الجنس المكان فأطلق الأول عصر التركية (نسبة جنسهم وانتماء غالبيتهم قبائل الشقر وشيوع اللغة بينهم) البحرية سكن الروضة المطلة النيل) وأطلق الثاني الجراكسة الشراكسة القوقاز وبشكل خاص للجراكسة) البرجية أبراج صلاح الدين) بدأ ظهور خلال العباسية واقتصر آنذاك فئة الرقيق الأبيض الخلفاء والولاة وكبار القادة يستخدمونهم كفرق عسكرية خاصة لتدعيم نفوذهم وخاصة منذ الخليفة العباسي المأمون ثم أخيه المعتصم مصدر العنصر بلاد وراء النهر مدن سمرقند وفرغانة وأشروسنة والشاش وخوارزم والقبجاق البلاد اشتهرت بتصدير ذو الأصول وذلك إما طريق الشراء الأسر الحروب الهدايا ومع مرور الوقت نما نفوذ التركي الحياة السياسية والعسكرية الخلافة وحتى يوطد بن طولون لدولته الجديدة ظل التبعية الاسمية للخلافة قام بتدعيم جيشه بالمماليك الأتراك فأضحى جند الفئة فاعتمدت أيضاً الإخشيدية أما الفاطمية اعتمد خلفاؤها عدة عناصر تركية وسودانية وبربرية وصقلبية واهتموا بتربية مماليكهم وفق نظام فكانوا أول وضع نظاماً منهجياً تربية وبعد دب الضعف أوصال قضى الوزير الأيوبي الفرق العسكرية العبيد والأرمن وأنشأ الأيوبية اعتماداً الأحرار الكرد الأسدية الترك الصالحية الناصرية مع تصارع أمراء البيت وفاة وأضحوا الأداة الطيعة للأيوبيين للاحتفاظ بسلطانهم وانتسبت كل طائفة للملك اشتراها العادلية والكاملية وتجلى النفوذ تولية الكاملية الأقوى الساحة للصالح نجم أيوب سلطنة والذي بدوره بالإكثار شراء بأعداد غير مسبوقة لتوطيد حكمه وبنى بجانب مقر إقامته الجديد بجزيرة نهر النيل فعرف باسم ظهرت فترة لاحقة عنصر أصل قوقازي يعيشون القسم الشمالي الغربي لبلاد قسم الشاطئ الشرقي للبحر الأسود أطراف الإبخاز جنوباً تميزوا بانخفاض ثمنهم بالمقارنة ووفرة أعدادهم بالأسواق اشتراهم وألحقهم بخدمته هو السلطان المنصور وأنزلهم فعرفوا اتسم بحكم القوي والأكثر نفوذاً قرنائه يميل كبار الأمراء مبدأ التوريث إلا ظروف فإذا لم يمتلك أحد أبناء الراحل القوة والنفوذ لفرض سيطرته استطاع السيطرة مقاليد تناحر فيما بينهم الحكم وكمخرج لتلك الأزمة يولى المتوفي الأصغر سناً الأضعف أخوته عرش السلطنة يتولى أكثر نيابة الأتابكية فتصبح بذلك السلطة الفعلية يده ولا يكون للسلطان حديث السن الاسم فيقوم النائب بالتمكين لنفسه حتى إذا هيمن عزل الصبي وسلطن نفسه مكانه وأدى الدور أمير الأمير قطز علي أيبك والأمير سلامش كتبغا الناصر محمد كذلك الانقلابات والمؤامرات الداخلية أمراً مألوفاً لاغتصاب كتب العربي مجاناً PDF اونلاين مصطلح جغرافي سياسي يطلق منطقة جغرافية ذات ولغة وثقافة مشتركة يُمتدُّ الوطن المحيط الأطلسي غربًا بحر العرب والخليج شرقًا شاملًا جميع الدول تنضوي جامعة العربية غرب آسيا وشمال أفريقيا وشرقها جغرافيًا يضمُّ أراضٍ أصبحت ضمن بلدان مجاورة وهضبة الجولان ولواء إسكندرون والأقاليم السورية الشمالية سلمتها فرنسا تركيا وجزر الكناري وسبتة ومليلية وصخرة الحسيمة (تحت الاستعمار الإسباني) وعربستان (الأحواز) والجزر الإماراتية (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) المحتلة إيران اليوم تشبه حدٍ الأراضي سيطرة الأموية (باستثناء الأندلس وإيران وأفغانستان ومناطق جنوب شرق الأناضول) بينما يستعمل معظم تستعمل أجنبية وغربية متأثرة بالغرب الشرق الأوسط وزارة الخارجية الأمريكية صفة العروبة تسمية المنطقة بهدف دمج إسرائيل ربما قد نشأ 1850 مكتب الهند البريطاني ولكنه معروفًا نطاق واسع عندما استخدمته قبل ألفريد ثاير ماهان عام 1902 للإشارة الواقعة السعودية والهند بعد زوال العثمانية عانى أراضيه بدءًا القرن التاسع عشر مرورًا بالقرن العشرين عرف إقامة وانتشار خلافات أنظمة وصلت حد النزاع المسلح وأدت إضعاف الحادي والعشرين ازدادت عدم نتيجة القمع وكبت الحريات والتدخل الأجنبي هذه أدت اليأس لدى المواطن وموجات الهجرة الجماعية أوروبا وأماكن أخرى أمنًا إضافة تتسم علاقات بعض ببعض جيرانها وإثيوبيا وتركيا التوتر حدودية وسياسية نشوب

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان الجزء الثالث
كتاب

عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان الجزء الثالث

ــ بدر الدين محمود العيني

صدر 2007م عن دار الكتب والوثائق القومية
عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان الجزء الثالث
كتاب

عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان الجزء الثالث

ــ بدر الدين محمود العيني

صدر 2007م عن دار الكتب والوثائق القومية
عن كتاب عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان الجزء الثالث:
الدَّولَةُ المَملُوكِيَّةُ أو السَّلطَنَةُ المَملُوكِيَّةُ أو دَولَةُ المَمَالِيك أو سِلطَنَةُ المَمَالِيك هي إحدى الدُول الإسلاميَّة التي قامت في مصر خِلال أواخر العصر العبَّاسي الثالث، وامتدَّت حُدُودها لاحقًا لِتشمل الشَّام والحجاز، ودام مُلكُها مُنذُ سُقُوط الدولة الأيوبيَّة سنة 648هـ المُوافقة لِسنة 1250م، حتَّى بلغت الدولة العُثمانيَّة ذُروة قُوَّتها وضمَّ السُلطان سليم الأوَّل الديار الشَّاميَّة والمصريَّة إلى دولته بعد هزيمة المماليك في معركة الريدانيَّة سنة 923هـ المُوافقة لِسنة 1517م.

يُقسم المُؤرخون الدولة المملوكيَّة إلى فرعين أو دولتين هُما: دولة المماليك البحريَّة ودولة المماليك البُرجيَّة. حكم المماليك البحريَّة من سنة 648هـ المُوافقة لِسنة 1250م إلى سنة 784هـ المُوافقة لِسنة 1382م، وكان أكثرهُم من التُرك والمغول. وحكم المماليك البُرجيَّة من سنة 784هـ المُوافقة لِسنة 1382م إلى سنة 923هـ المُوافقة لِسنة 1517م، وكانوا من الشركس. والمماليك أُصُولهم رقيقٌ مُحاربين، استقدمهم الخُلفاء العبَّاسيين الأوائل من تركستان والقوقاز وغيرها وجعلوهم حُرَّاسًا لهم وقادةً لِجُيُوش المُسلمين، وقد ازداد نُفُوذ المماليك بِمُرور الزمن حتَّى أصبحوا يُهيمنون على الخِلافة وعلى مركز صناعة القرار، مُستفيدين من ضِعف الخُلفاء وتراجُع نُفوذهم.

وحذا السلاطين والأُمراء المُسلمين حُذو الخِلافة في بغداد، فكان لِكُلٍ منهم جماعةً من المماليك الأشدَّاء والكفوئين عسكريًّا، ومن هؤلاء السلاطين الأيُّوبيين الذين حكموا مصر والشَّام تحت الرَّاية العبَّاسيَّة.

ولمَّا مات آخر سلاطين بني أيُّوب، وهو الملكُ الصَّالح نجمُ الدين أيُّوب، سنة 647هـ المُوافقة لِسنة 1249م، كتمت زوجته شجر الدُّر نبأ موته إلى أن حضر ابنه توران شاه من الجزيرة الفُراتيَّة إلى القاهرة. وحاول توران شاه أن يُقدِّم مماليكه الذين اصطحبهم معه من الجزيرة، فعيَّنهم في مناصب الدولة، فما كان من المماليك القُدماء في مصر إلَّا أن ائتمروا به وقتلوه، ثُمَّ نصَّبوا شجر الدُّر سُلطانة عليهم في سنة 1250م، وهي أوَّل امرأة وُلِّيت شُؤون المُسلمين.

ظهر المماليك بِمظهر مُنقذي العالم الإسلامي من الضياع والزوال بعد سُقُوط بغداد عاصمة الدولة العبَّاسيَّة والخِلافة الإسلاميَّة في يد المغول بِقيادة هولاكو خان، ومقتل آخر خُلفاء بني العبَّاس أبو أحمد عبد الله المُستعصم بِالله. فقد سار المغول لِغزو الشَام وهدَّدوا مصر بِمصيرٍ مُشابه لِمصير بغداد كي لا تقوم لِلإسلام قائمة بعد ذلك، فأرسل سُلطانُ المماليك سيفُ الدين قُطُز جيشًا عرمرميًّا إلى فلسطين لِصدِّ التقدُّم المغولي وحماية قلب الديار الإسلاميَّة، فهزم المُسلمون المغول في معركة عين جالوت بِشمال فلسطين سنة 1260م، وردُّوهم على أعقابهم. أضف إلى ذلك، ورث المماليك عن الأيُّوبيين تصميمهم على مُحاربة الصليبيين وإجلائهم عن المشرق،

لِذلك ما كادوا يفرغون من مُحاربة المغول حتَّى انصرفوا إلى مُحاربة الصليبيين. كان الملكُ الظَّاهر بيبرس أوَّل من تابع مسيرة الجهاد ضدَّ الصليبيين، فهاجمهم بعد انتصاره على المغول، فصارت مُدنهم وقلاعهم تسقط واحدة بعد الأُخرى في يد المُسلمين، فقد استعاد بيبرس الكرك وقيسارية وصفد ويافا وجُبيل وعرقة ما بين سنتيّ 1263 و1266م، وفي سنة 1268م استعاد المُسلمون أنطاكية وزالت إمارتها الإفرنجيَّة من الوُجود. وجاء السُلطان سيفُ الدين قلاوون يُكمل عمل سلفه بيبرس، فاسترجع قلعة المرقب في سنة 1281م، وطرابُلس الشَّام والبترون في سنة 1289م.

وتُوفي السُلطان قلاوون في سنة 1290م وهو يُهيِّء حملة لاسترجاع عكَّا، فقام بهذه المُهمَّة بعده ابنه الملك الأشرف صلاحُ الدين خليل واستولى على عكَّا سنة 1291م. وقد أثار سُقُوطها، وهي المرفأ الرئيسي لِلصليبيين، القلق والذُعر الشديدين في نُفُوسهم، فجلوا عن المُدن الأُخرى الباقية في أيديهم، مثل صُور وصيدا وبيروت، وركبوا البحر عائدين إلى بلادهم، لِتنتهي بِذلك الحُرُوب الصليبيَّة بعد أن استمرَّت مائة وأربعًا وتسعين سنة.

أعاد المماليك إحياء الخِلافة العبَّاسيَّة في مصر بعد سُقُوط بغداد، لكنها كانت خِلافة صوريَّة هدف السلاطين المماليك إلى جعلها سندًا لِسلطنتهم ودعمًا روحيًّا لها يجعلها مهيبة الجانب.

يُعدُّ عهد المماليك بداية دور الانحطاط في تاريخ الحضارة الإسلاميَّة، ولكن ليس معنى ذلك أنَّ هذا العهد كان مُجدبًا تمامًا، إذ شهد عدَّة مُنجزات علميَّة وفكريَّة، وإنما بدأت الحضارة الإسلاميَّة في تلك الفترة تتراجع شيئًا فشيئًا. ففي حقل العلم كانت القاهرة ودمشق وحماة من أهم مراكز طب العُيُون في العالم، وقد أخرجت عددًا من الأطباء الأفذاذ الذين كانوا حُجَّة ومرجعًا في هذا العلم.

أمَّا في الأدب والتاريخ والدين فقد ظهر عددٌ من أعظم الباحثين وأغزر المُؤلفين المُسلمين، مثل ابن خلِّكان صاحب كتاب «وفيَّات الأعيان» في السِّير، وأبي الفداء صاحب كتاب «تقويم البُلدان» في الجُغرافيا، والسُّيوطي وابن خلدون والمقريزي، وابن كثير صاحب كتاب «البداية والنهاية»، وهم من أشهر المُؤرخين المُسلمين.

وقد اشتهر بعضُ سلاطين المماليك بِتشجيع العلم وتكريم العُلماء وبِإنفاق المال بِسخاء على تأسيس المدارس وإنشاء المكتبات، ومن تلك الصُرُوح العلميَّة: المدرسة الناصريَّة ومدرسة قايتباي في القاهرة، والمدرسة والمكتبة الظاهريَّة في دمشق، والمدرسة القرطائيَّة في طرابُلس الشَّام.

أيضًا أصبح الجامع الأزهر في العهد المملوكي جامعةً كُبرى تُدرِّس بها مذاهب أهل السُنَّة والجماعة الأربعة إلى جانب العُلُوم الأُخرى. ساءت الحالة الاقتصاديَّة في الدولة المملوكيَّة خِلال أواخر العهد البُرجي بِسبب حالة القلق وعدم الاستقرار الناجمة عن الفتن الداخليَّة والانقلابات، وعن الحُرُوب الكثيرة التي شنَّها المماليك ضدَّ المغول والصليبيين وغيرهم، وبسبب توقُّف حركة التجارة مع أوروپَّا بِسبب مشاعر الخوف والكراهيَّة وعدم الثقة التي خلَّفتها الحُروب الصليبيَّة بين الأوروپيين والمُسلمين، وكذلك بِسبب انتشار المجاعة والأوبئة وخُصُوصًا وباء الطاعون الذي فتك في سنة 1348 - 1349م بِأكثر من مليون شخص، وأخيرًا بِسبب روح الطمع والأنانيَّة التي سيطرت على عددٍ كبيرٍ من سلاطين المماليك وجعلتهم يُوجهون سياسة الدولة الاقتصاديَّة وفقًا لِمصالحهم الشخصيَّة. فكان ذلك من العوامل المُساعدة التي ساهمت بِتسريع سُقُوط الدولة في يد العُثمانيين، وتطلُّع الشعب في الشَّام ومصر إلى هؤلاء كمُنقذين.

المماليك هي جمع لكلمة مملوك وهو العبد الذي سبي ولم يملك أبوه فيباع ويشترى، لكن ما لبثت التسمية أن احتلت مدلولاً خاصاً في التاريخ الإسلامي، فأسسوا دولتهم الخاصة في مصر والشام وانقسم حكم دولتهم إلى عصران على اعتبار الجنس أو المكان فأطلق على العصر الأول عصر المماليك التركية (نسبة إلى جنسهم وانتماء غالبيتهم إلى قبائل الشقر وشيوع اللغة التركية بينهم) أو البحرية (نسبة إلى سكن غالبيتهم قلعة الروضة المطلة على النيل) وأطلق على العصر الثاني عصر المماليك الجراكسة أو الشراكسة (نسبة إلى جنسهم وانتماء غالبيتهم إلى قبائل القوقاز وبشكل خاص للجراكسة) أو البرجية (نسبة إلى سكن غالبيتهم أبراج قلعة صلاح الدين).

بدأ ظهور المماليك خلال عهد الدولة العباسية واقتصر آنذاك على فئة من الرقيق الأبيض كان الخلفاء والولاة وكبار القادة يستخدمونهم كفرق عسكرية خاصة لتدعيم نفوذهم وخاصة منذ عهد الخليفة العباسي المأمون ثم أخيه المعتصم، وكان مصدر العنصر المملوكي آنذاك بلاد ما وراء النهر خاصة مدن سمرقند وفرغانة وأشروسنة والشاش وخوارزم والقبجاق وهي البلاد التي اشتهرت بتصدير الرقيق الأبيض ذو الأصول التركية وذلك إما عن طريق الشراء أو الأسر في الحروب أو الهدايا إلى الخلفاء.

ومع مرور الوقت نما نفوذ العنصر المملوكي التركي في الحياة السياسية والعسكرية في دولة الخلافة العباسية، وفي مصر وحتى يوطد أحمد بن طولون لدولته الجديدة في ظل التبعية الاسمية للخلافة العباسية قام بتدعيم جيشه بالمماليك الأتراك فأضحى منذ ذلك الوقت جند مصر من تلك الفئة، فاعتمدت عليهم بعد ذلك أيضاً الدولة الإخشيدية. أما في عهد الدولة الفاطمية فقد اعتمد خلفاؤها على عدة عناصر تركية وسودانية وبربرية وصقلبية، واهتموا بتربية مماليكهم وفق نظام خاص فكانوا أول من وضع نظاماً منهجياً في تربية المماليك في مصر. وبعد أن دب الضعف في أوصال الدولة الفاطمية قضى الوزير صلاح الدين الأيوبي على الفرق العسكرية الفاطمية من العبيد والأرمن وأنشأ دولته الجديدة الأيوبية اعتماداً على الأحرار الكرد والمماليك الأسدية والمماليك الترك الصالحية الناصرية.

مع تصارع أمراء البيت الأيوبي بعد وفاة صلاح الدين، ازداد نفوذ المماليك وأضحوا الأداة الطيعة للأيوبيين للاحتفاظ بسلطانهم، وانتسبت كل طائفة منهم للملك الذي اشتراها مثل العادلية والكاملية وتجلى هذا النفوذ في تولية المماليك الكاملية الأقوى على الساحة السياسية آنذاك للصالح نجم الدين أيوب سلطنة مصر، والذي قام بدوره بالإكثار من شراء المماليك بأعداد غير مسبوقة لتوطيد حكمه، وبنى لهم قلعة خاصة بجانب مقر إقامته الجديد بجزيرة الروضة المطلة على نهر النيل فعرف هؤلاء باسم المماليك الصالحية البحرية ثم ظهرت في فترة لاحقة فئة المماليك الجراكسة أو البرجية وهو عنصر من المماليك من أصل قوقازي يعيشون في القسم الشمالي الغربي لبلاد القوقاز وفي قسم من الشاطئ الشرقي للبحر الأسود إلى أطراف بلاد الإبخاز جنوباً.

تميزوا بانخفاض ثمنهم بالمقارنة مع فئة المماليك الأتراك، ووفرة أعدادهم بالأسواق، كان أول من اشتراهم وألحقهم بخدمته هو السلطان المملوكي المنصور قلاوون، وأنزلهم في أبراج قلعة القاهرة فعرفوا باسم المماليك البرجية.

اتسم عصر دولة المماليك بحكم السلطان القوي والأكثر نفوذاً بين قرنائه، ولم يميل كبار الأمراء إلى مبدأ التوريث إلا تحت ظروف خاصة، فإذا لم يمتلك أحد أبناء السلطان الراحل القوة والنفوذ لفرض سيطرته أو استطاع أحد كبار الأمراء السيطرة على مقاليد الدولة، تناحر الأمراء فيما بينهم على الحكم، وكمخرج لتلك الأزمة يولى ابن السلطان المتوفي الأصغر سناً أو الأضعف بين أخوته عرش السلطنة على أن يتولى أكثر الأمراء نفوذاً نيابة السلطنة أو الأتابكية، فتصبح بذلك السلطة الفعلية في يده ولا يكون للسلطان حديث السن من السلطنة إلا الاسم، فيقوم النائب ذو النفوذ بدوره بالتمكين لنفسه خلال تلك الفترة، حتى إذا هيمن على مقاليد الدولة عزل السلطان الصبي وسلطن نفسه مكانه، وأدى هذا الدور أكثر من أمير مثل الأمير قطز مع السلطان المنصور علي بن أيبك، والأمير قلاوون مع السلطان بدر الدين سلامش بن بيبرس والأمير كتبغا مع السلطان الناصر محمد بن قلاوون.

كذلك كانت الانقلابات السياسية والعسكرية والمؤامرات الداخلية أمراً مألوفاً بين المماليك لاغتصاب عرش السلطنة.
#كتب_التاريخ #كتب_التاريخ_الإسلامي_. #كتب_قراءة #كتب_فكري_تاريخي_. #كتب_مختصر_دراسة_للتاريخ #كتب_وقائع_تاريخية_. #كتب_موسوعة_تاريخية_. #كتب_كتاب_تاريخ_ #كتب_قصص_تاريخية #كتب_أدب_تاريخي_. #كتب_المرأة_عبر_التاريخ #كتب_أخداث_تاريخية_ #كتب_ما_قبل_التاريخ_ #كتب_احداث_تاريخيه #كتب_المناطق_التاريخيه #كتب_معالم_تاريخيه #كتب_دراسه_تاريخيه_. #كتب_معرفة_تاريخ #كتب_فلسفه_تاريخيه #كتب_مراجع_تاريخية #كتب_مشاهير_العلماء_في_التاريخ #كتب_الجغرافيا_التاريخية #كتب_المدارس_التاريخية #كتب_نهاية_التاريخ #كتب_المادية_التاريخية #كتب_موجز_تاريخي #كتب_فلسفة_التاريخ #كتب_ملكات_التاريخ #كتب_احداث_تاريخيه_اسلامية #كتب_فلسفة_التاريخ_النقدية #كتب_المعرفة_التاريخية #كتب_موجز_تاريخ_الكون #كتب_الوعي_السياسي_والتاريخي #كتب_أطلس_تاريخ_الإسلام #كتب_مصطلح_التاريخ #كتب_الوعي_التاريخي #كتب_دراسة_تاريخية_ #كتب_مجلة_شهرية_أدبية_علمية_تاريخية #كتب_إعلام_النبلاء_بتاريخ_حلب #كتب_نصوص_في_التاريخ_الحديث #كتب_المكتبة_التاريخية #كتب_فرسان_من_التاريخ
الترتيب:

#9K

0 مشاهدة هذا اليوم

#37K

18 مشاهدة هذا الشهر

#100K

900 إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 548.
المتجر أماكن الشراء
بدر الدين محمود العيني ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
دار الكتب والوثائق القومية 🏛 الناشر
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية