📘 ❞ الأعمال الكاملة للمؤرخ الجزائري المهدي البوعبدلي المجلد الثامن ❝ كتاب ــ عبد الرحمن بن دويب اصدار 2013

التراجم والأعلام - 📖 ❞ كتاب الأعمال الكاملة للمؤرخ الجزائري المهدي البوعبدلي المجلد الثامن ❝ ــ عبد الرحمن بن دويب 📖

█ _ عبد الرحمن بن دويب 2013 حصريا كتاب الأعمال الكاملة للمؤرخ الجزائري المهدي البوعبدلي المجلد الثامن عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب 2024 الثامن: الشيخ بوعبدالله القادر محمد الجَيْلانيّ الموهوب البوعبدلّي الباحث يعتبر واحدا من أبرز العلماء الجزائريين الذين اشتغلوا بالبحث التاريخي رغم عدم تكوينهم العلمي مجال التاريخ الذي تعرض هو أيضا لكل أنواع التشويه التي لا تقل ما تعرضت له اللغة العربية مضايقة وما أصاب الدين الإسلامي التحريف ولذلك فإن تنبّه إلى هذه الخطورة وانخرط معركة الهوية ميدان محددا مهمته «إعادة النظر البحث ماضينا ومعرفتنا بقيمنا الحقيقية والاعتناء بدراسة هذا الماضي دراسة علمية دقيقة مجردة الأغراض والارتجال وتقديمها للقراء حتى يتسنى للخلف أن يعرفوا حقائق ماضي البلاد بصورة واضحة وأن يطلعوا المشاكل واجهت السلف وتغلب عليها أو تغلبت عليه» وهكذا ألف كتبا ونشر مقالات ودراسات معتمدا وثائق ومخطوطات نادرة سلطت الأضواء شخصيات مغمورة وأحداث منسية ومعالم مهملة فما هي أهم محطات حياته العامرة؟ إسهاماته الثقافة والتاريخ؟ القيمة العلمية لكتاباته؟ حياته ولد ليلة الخميس 10 ذي الحجة 1324هـ الموافق لـ 25 جانفي 1907م أسرة أبو الله المغوفل بالشلف ضمن أحفاد الإخوة السبعة لازموا الحرب وواصلوا الجهاد مع الأمير وكان والده بوعبد صاحب مدرسة قرآنية وقد زاره الحميد باديس رفقة ثلة وله علاقة طيبة جمعية المسلمين وأعضائها أنشد قصيدة عصماء بليغة الزيارة الميمونة نشرها مجلة الشِّهاب اثني عشر مقطعًا عددًا لبلاغتها وتعلَّم القرآنَ مسجدِ والدِه فحفظه يد طويس كما درسَ مبادئَ والفِقه ودرسَ اللغةَ الفرنسيةَ بلدِه الرسمية نهاية السلك الابتدائي ثمَّ سافَر مازونة ظلَّت منذ قرونٍ عاصمةَ دِراسة الفِقه المالكي غربِ البلاد, وحتى النواحي الغربية مِن ريف المغرب حيث كانت شهادة تُشترط للحصولِ منصبِ القضاء وبعد سنتَين الإِقامة قصدَ تونس وجامع الزيتونة كان رفاقه هناك أحمد حماني والشيخ علي المغربي الزاهري زهير زاهر وآخرون كثيرون حيثُ تخرَّج منها بشهادة التحصيل وفي فترة دراسته عين عند تأسيس التلامذة الزيتونيين أول رئيس لمجلسها الإداري قبل رجوعه واستقراره نهائيا بالجزائر زوجه بالسيدة قاسمي ماما (ت 2002م) وهي قبيلة هُنين وأنجبت معه خمسة أطفال أنه تزوج مرة ثانية سنة 1948م السيدة خيرة هنان 1997م) ولم تنجب وإثر عودته الجزائر 1938م بعد تخرجه بمنصب محرر جريدة الرشاد تشرف اتحاد الزوايا والطرق الصوفية برئاسة مصطفى القاسمي ثم إِماما بمسجد وهران العتيق اشتغل مفتيا بجاية سنوات طويلة فيها كذلك مسيري ناديها الثَّقافي ورئيسا شرفيا لفوج الكشافة الإسلامية الجزائرية ومنشطا لهيئة محلِّية تتكفَّل بالإِنفاقِ الطَّلبة الفقراءِ المزاولين دِراستهم وغيرها المدُنِ البعيدةِ عَن بلَدهِم وأَهليهِم ومن انتقل مدينة الشلف يُمارس نفس الوظيفة اندلاع ثورة الفاتح نوفمبر 1954م وبعد وفاة يوم 4 خلفه رئاسة الزاوية والطريقة البر وفاته عام 1974م بالمدينة المنورة فخلفه أخوه منصبه واستمرت أداء رسالتها الدينية والتربويَّة يتِم تحفيظ القرآن الكريم جناح خاص وتعليم العلوم والشرعية واللغوية آخر للطلبة المسافرين يتكفَّل بهم وبِإطعامهم سكان القرية صباحًا ومساء حسب العادة الموروثة ووجد نفسه مضطرا للتفرغ للزاوية تستمِرَّ والتربوية عرف بشغفه باقتناء كتب التراث مخطوطات ورسائل وتقارير فقهية وأدبية وتشريعية وأصولية ولغوية وتاريخية بعد الاستقلال عمل عضوا بالمجلس الأعلى وذلك تأسيسه 1963م انتدب لوزارة بدائرة المعالم الأثرية قبل وزارة الشؤون ليقوم بإنجاز أبحاث تاريخية وعمل المكتب للدراسات التاريخية الرجل المولع بالمخطوطات لم يكن فقط باحثا تاريخ عبر العصور يجمع المادة القريبة اليد ويؤلف الكتب ويكتب المقالات بل يبحث الوثائق النادرة حيثما وجدت ويجمع المخطوطات مولعا بها مهما بعدت المسافة للاطلاع محتوياتها الحصول ثقل وزنها وغلى ثمنها ! لقد جمع رصيدا معتبرا وأنشأ مكتبة غنية بالمطبوعات والكتب القديمة والمخطوطات ليس للتباهي بمقتنياتها الافتخار برصيدها وإنما رغبة إنقاذ الضياع والاستفادة منه أبحاثه ومحاضراته وفتحها للباحثين والطلبة ليغترفوا بحر علومها وقد وصف أحد أصدقائه تلك العلاقة المتينة بين ومكتبته العامرة فقال: (لعلنا نجد جملة تعبر حبه لمكتبته وغيرته أفضل مجنون المكتبة وليس صنف حب أولائك المظهريين يجمعون وينظمونها أشكال جمالية تضفي المكان رونق وتنشر فيه منظر إيهام بالانتساب قادة ورجال المعرفة ولكنه ينسون العالم حين تطأ أقدامهم عتبة فيندمجون ذلك الجو يمتزج الجد بالتقديس للمعرفة فهو كالنحلة المجتهدة تتنقل الأزهار طوال يومها لتعود مساء مأواها مستوفرة بالرحيق مثقلة بالشهد) لم يسعف الوقت والإمكانات المالية لتحقيق تحصل ونشرها باستثناء: “دليل الحيران وأنيس السهران وأخبار وهران” للشيخ يوسف الزياني و”الثغر الجماني ابتسام الثغر الوهراني” الراشدي غير نشر مجموعة وقدم محاضرات عديدة عرّف خلالها العديد وسلط عدد النفيسة وفعلا صار خبيرا بالمخطوطات وعالما بأماكن تواجدها الخارج ومرجعية المجال وهو يبخل الباحثين الجادين راسلوه شأنها وأمدهم بالمعلومات استفسروا عنها وأذكر هنا سبيل المثال الحصر: المؤرخين الدكتور أبا القاسم سعد والدكتور يحي بوعزيز والمستشرق الفرنسي جاك بيرك وغيرهم والأجانب 16 رسالة وصلته ساعدته كتابة موسوعته “تاريخ الثقافي” لما تحمله “معلومات أدبية وثقافية … فهي تتحدث وأعلام المثقفين وعن أنشطة فكرية واجتهادات جغرافية ذات أهمية عالية التاريخ” محاضرات وملتقيات لم يكتف بالكتابة والتأليف جالس مكتبه محاطا بالكتب وأكوام الأوراق يسافر مختلف المدن أجل المشاركة الملتقيات الوطنية حول الثقافي والديني والسياسي للجزائر قدم كثيرة الحواضر مثل وتلمسان وبجاية ووهران والمدية وتيهرت أشهر أعلامها المجالات المختلفة المثال: الرحمان الأخضري وصالح مهنا وعلي الحفاف وعبد الفكون والأمير والطاهر الجزائري…الخ أما المؤتمرات الدولية فإنه يحرص ليعرّف بتاريخنا وتراثنا المحافل العالمية مثالين: أولا: مشاركته المؤتمر الدولي نظمه معهد فرنسا (الكوليج دو فرانس) بباريس 20 ماي 1977م خلاله محاضرة عنوانها: “حياة وتربيته لم تر النور”؛ وثانيا: مؤتمر المستشرقين الألمان المنعقد برلين مارس 1980م وساهم ببحث عنوانه: “توشيح طراز الخياطة بشمائل شيخ شلاّطة” العربي مصباح إنتاجه الفكري كانت اهتمامات منصبَّة والشعر الملحون أساسًا تبعًا للتُّراث جمعه مكتبته الخاصة وحيث انكب أكثر والدراسة وجمع الكُتُب والرسائل والجرائد والمجلات مِنْ المظانّ وسار تحقيق تلقى دعما الوزير مولود قاسم نايت وظهور مجلّتي: الأصالة والثقافةاللتان كانتا الوسيلة لِنشر والدراسات المختلِفة والمتخصصة خلال عقدَي السبعينات والثمانينات وكذلك ملتقيات الفكر ووالملتقيات الأخرى أرجاء المُدُن فكانت جرائد وصحف مختلفة مؤلفاته: جوانب الحياة الثقافية العهد العثماني (من القرن العاشر الهجري الثالث عشر) ؛ ثورة الشريف بوبغلة (بطل بلاد القبائل 1851 م) ؛ طبقات علماء قاربه (مخطوط) ومن تحقيقاته: دليل السَّهران أخبار طبع بالمكتبة 1979 م ؛ الثغر الوهراني سحنون لأول مرَّة 1973 ؛ نظرات عابرة آثاره وما يلفت الانتباه آثاره أوج عطائه السبعينيات العشرين ويفسر بدعم الأستاذ (وزير آنذاك) فكان يقدره كثيرا ويستكتبه باستمرار للمشاركة أعمال المساهمة “الأصالة” بأنفس دراساته وأجود بالخصوص مقاليه: “أغناتي كراتشوفسكي وآثاره الإستشراق العربي” و”جوانب مجهولة آثار زيارة عبده للجزائر” لا يمكنني الحديث لآثاره صدرت 2013م 8 مجلدات تحتاج عميقة لذلك أكتفي بهذه الملاحظات السريعة كتاباته تلتزم تدرس عصورا وتعالج موضوعات متعددة ومتشعبة ومكررة تغلب المقاربة السردية الشمولية شأن كثير يتخرجوا الجامعات الحديثة يستفيدوا المناهج المعاصرة على الجهد بذله للإحاطة بتفاصيل تاريخنا وثائقه ومخطوطاته تجعل معارفنا تراثنا الحضاري اتساعا ووضوحا وفهما وفاته توفي السبت الخامس 1412 هـ 6 جوان 1992 ودفن الأحد بمقر زاويتهم خارج المسجد أوصى بذلك التراجم والأعلام مجاناً PDF اونلاين علم العلم يتناول سير حياة الأعلام الناس دقيق أحوال الشخصيات والأفراد تركوا آثارا المجتمع ويتناول كافة طبقات الأنبياء والخلفاء والملوك والأمراء والقادة والعلماء شتى والفقهاء والأدباء والشعراء والفلاسفة ويهتم بذكر حياتهم الشخصية ومواقفهم وأثرهم وتأثيرهم ويعتبر عموما فرعا فروع اهتم المسلمون بعلم اهتماما كبيرا بدأت العناية بهذا عندهم عهد الرسول صلى عليه وسلم بزمن يسير حرص حماية وصيانة المصدر الثاني مصادر التشريع الإسلام النبوي حرصوا صيانته الكذب والتزوير والغش والتلفيق والدس فنشأ كقاعدة تلقّي الأخبار وبالأخص فيما يتعلق بالحديث أولا الآثار المروية الصحابة والتابعين وباقي خصوصا والناس روى مسلم صحيحه مجاهد قال: «جاء بشير العدوي ابن عباس فجعل يحدث ويقول: قال رسول يأذن لحديثه ولا ينظر إليه يا مالي أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك تسمع؟ فقال عباس: إنا كنا إذا سمعنا رجلا يقول ابتدرته أبصارنا وأصغينا بآذاننا فلما ركب الصعب والذلول نأخذ إلا نعرف » واستمر العمل القاعدة ضرورة معرفة الرجال ناقلي بسبب حال نقلة النبوية ينبني قبول والتعبد بما لله تعالى رد والحذر اعتبارها ديناً وروى سيرين «لم يكونوا يسألون الإسناد وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر البدع فلا يؤخذ حديثهم» وجاءت عبارات الأئمة بيان الرواة صريحة وواضحة الأهمية بمكان نواح تفصيلية الراوي ونواح استنتاجية (تُستنتج حديثه وطريقته التحديث) مباحث العلم: ميلاد وتاريخ طلبه للعلم وممن سمع سِنِيِّ هم الشيوخ عنهم منهم حدث عنه سماعاً دلس شيئاً أرسل عنه) مدة ملازمته لكلّ شيوخه وكيف ذاك وكم الأحاديث والآثار روى ذلك؛ وهل الضعفاء والمجاهيل؟ ورحلاته حدّث به؛ ومتى يحدِّث؟ حفظه أم كتابه؛ سماعٌ عرض؛ المستملون والوراقون استخدمهم؟) إقبال الحاضرين عنده؟ الأوهام وقع والسَّقطات أُخذت عليه؟ أخلاق وعبادته ومهنته؛ يأخذ أجراً التحديث؟ عسِراً التحديث سمحاً بعلمه متساهلاً ؟ وتفرّع وانبثق علوم متعلّقة الباب تفرّدته به الأمة باقي الأمم وعلم مصطلح ناحية العدالة والتوثيق والضبط العلل الجرح والتعديل أقسام التراجم هنالك تقسيمات متنوعة لعلم العديدة المؤلفة فمنها: التراجم الطبقات التراجم الحروف الوفيات القرون البلدان وقسّمهم البعض الآخر أبواب منها: التراجم المتعلقة معيّن المتعلّقة بمذهب بفنّ بشخص الترجمة الذاتية أسهب التأليف الأبواب يكاد يخلوا باب وصنّفت عشرات وهذا ركن بكتب مجانيه للتحميل وتراجم ومذكرات فيشمل الكثير

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
الأعمال الكاملة للمؤرخ الجزائري المهدي البوعبدلي المجلد الثامن
كتاب

الأعمال الكاملة للمؤرخ الجزائري المهدي البوعبدلي المجلد الثامن

ــ عبد الرحمن بن دويب

صدر 2013م عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب
الأعمال الكاملة للمؤرخ الجزائري المهدي البوعبدلي المجلد الثامن
كتاب

الأعمال الكاملة للمؤرخ الجزائري المهدي البوعبدلي المجلد الثامن

ــ عبد الرحمن بن دويب

صدر 2013م عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب
عن كتاب الأعمال الكاملة للمؤرخ الجزائري المهدي البوعبدلي المجلد الثامن:
الشيخ المهدي بن بوعبدالله بن عبد القادر بن محمد بن الجَيْلانيّ بن الموهوب البوعبدلّي الباحث الجزائري.

يعتبر الشيخ المهدي البوعبدلي واحدا من أبرز العلماء الجزائريين الذين اشتغلوا بالبحث التاريخي رغم عدم تكوينهم العلمي في مجال التاريخ الذي تعرض هو أيضا لكل أنواع التشويه التي لا تقل على ما تعرضت له اللغة العربية من مضايقة، وما أصاب الدين الإسلامي من التحريف.

ولذلك فإن الشيخ البوعبدلي تنبّه إلى هذه الخطورة، وانخرط في معركة الهوية في ميدان التاريخ محددا مهمته في «إعادة النظر في البحث في ماضينا، ومعرفتنا بقيمنا الحقيقية، والاعتناء بدراسة هذا الماضي دراسة علمية دقيقة، مجردة من الأغراض والارتجال..، وتقديمها للقراء حتى يتسنى للخلف أن يعرفوا حقائق ماضي البلاد بصورة واضحة وأن يطلعوا على المشاكل التي واجهت السلف وتغلب عليها أو تغلبت عليه».

وهكذا ألف كتبا ونشر مقالات ودراسات معتمدا على وثائق ومخطوطات نادرة سلطت الأضواء على شخصيات مغمورة وأحداث منسية ومعالم مهملة. فما هي أهم محطات في حياته العامرة؟ وما هي إسهاماته في مجال الثقافة والتاريخ؟ وما هي القيمة العلمية لكتاباته؟

حياته
ولد الشيخ المهدي البوعبدلي ليلة الخميس 10 ذي الحجة 1324هـ الموافق لـ 25 جانفي 1907م من أسرة أبو عبد الله المغوفل بالشلف الذي هو من ضمن أحفاد الإخوة السبعة الذين لازموا الحرب وواصلوا الجهاد مع الأمير عبد القادر ، وكان والده الشيخ بوعبد الله صاحب مدرسة قرآنية وقد زاره الشيخ عبد الحميد بن باديس رفقة ثلة من العلماء وله علاقة طيبة مع جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأعضائها ، وقد أنشد الشيخ بوعبدالله قصيدة عصماء بليغة في هذه الزيارة الميمونة، نشرها الشيخ بن باديس في مجلة الشِّهاب ، على اثني عشر مقطعًا، في اثني عشر عددًا لبلاغتها. وتعلَّم القرآنَ في مسجدِ والدِه،فحفظه على يد الشيخ عبد القادر بن طويس ، كما درسَ مبادئَ اللغة والفِقه ، ودرسَ اللغةَ الفرنسيةَ في مدرسة بلدِه الرسمية إلى نهاية السلك الابتدائي ، ثمَّ سافَر إلى مازونة التي ظلَّت منذ قرونٍ عاصمةَ دِراسة الفِقه المالكي غربِ البلاد, وحتى في النواحي الغربية مِن ريف المغرب، حيث كانت شهادة مدرسة مازونة تُشترط للحصولِ على منصبِ القضاء ، وبعد سنتَين مِن الإِقامة في مازونة قصدَ تونس وجامع الزيتونة كان من ضمن رفاقه هناك الشيخ أحمد حماني، والشيخ علي المغربي والشيخ الزاهري زهير أبو زاهر وآخرون كثيرون ، حيثُ درسَ إلى أن تخرَّج منها بشهادة التحصيل ، وفي فترة دراسته عين عند تأسيس جمعية التلامذة الجزائريين الزيتونيين أول رئيس لمجلسها الإداري.

قبل رجوعه واستقراره نهائيا بالجزائر زوجه والده بالسيدة قاسمي ماما (ت 2002م) وهي من قبيلة هُنين وأنجبت معه خمسة أطفال. كما أنه تزوج مرة ثانية سنة 1948م من السيدة خيرة هنان (ت 1997م) ولم تنجب معه.

وإثر عودته إلى الجزائر سنة 1938م بعد تخرجه عين بمنصب محرر في جريدة الرشاد التي كانت تشرف عليها جمعية اتحاد الزوايا والطرق الصوفية برئاسة الشيخ مصطفى القاسمي ، ثم عين إِماما بمسجد وهران العتيق ثم اشتغل مفتيا في بجاية سنوات طويلة كان فيها كذلك من مسيري ناديها الثَّقافي ، ورئيسا شرفيا لفوج الكشافة الإسلامية الجزائرية ، ومنشطا لهيئة محلِّية تتكفَّل بالإِنفاقِ على الطَّلبة الفقراءِ المزاولين دِراستهم في تونس وغيرها مِن المدُنِ البعيدةِ عَن بلَدهِم وأَهليهِم. ومن بجاية انتقل إلى مدينة الشلف يُمارس نفس الوظيفة مفتيا إلى ما بعد اندلاع ثورة الفاتح من نوفمبر 1954م.

وبعد وفاة والده الشيخ بوعبدالله، يوم 4 نوفمبر 1954م، خلفه في رئاسة الزاوية والطريقة الشيخ عبد البر حتى وفاته عام 1974م بالمدينة المنورة، فخلفه أخوه الشيخ المهدي في منصبه، واستمرت الزاوية في أداء رسالتها الدينية والتربويَّة، حيث يتِم تحفيظ القرآن الكريم في جناح خاص ، وتعليم العلوم العربية والشرعية واللغوية في جناح آخر للطلبة المسافرين، الذين يتكفَّل بهم وبِإطعامهم سكان القرية، صباحًا ومساء، حسب العادة الموروثة منذ تأسيس الزاوية ووجد الشيخ المهدي نفسه مضطرا للتفرغ للزاوية حتى تستمِرَّ في رسالتها الدينية والتربوية. وقد عرف الشيخ المهدي بشغفه باقتناء كتب التراث من مخطوطات ورسائل وتقارير فقهية وأدبية وتشريعية وأصولية ولغوية وتاريخية.

بعد الاستقلال ، عمل الشيخ المهدي عضوا بالمجلس الإسلامي الأعلى وذلك منذ تأسيسه سنة 1963م ، ثم انتدب لوزارة الثقافة بدائرة المعالم الأثرية من قبل وزارة الشؤون الدينية ليقوم بإنجاز أبحاث تاريخية ، وعمل كذلك عضوا في المكتب الوطني للدراسات التاريخية.

الرجل المولع بالمخطوطات
لم يكن الشيخ المهدي البوعبدلي فقط باحثا في مجال تاريخ الجزائر عبر العصور، يجمع المادة التاريخية القريبة من اليد، ويؤلف الكتب، ويكتب المقالات، بل كان يبحث عن الوثائق النادرة حيثما وجدت، ويجمع المخطوطات النادرة التي كان مولعا بها، مهما بعدت المسافة للاطلاع على محتوياتها، أو الحصول عليها مهما ثقل وزنها وغلى ثمنها..!

لقد جمع رصيدا معتبرا من المخطوطات، وأنشأ مكتبة غنية بالمطبوعات والكتب القديمة والمخطوطات النادرة، ليس للتباهي بمقتنياتها، أو الافتخار برصيدها، وإنما رغبة في إنقاذ هذا التراث من الضياع، والاستفادة منه في أبحاثه ومحاضراته، وفتحها للباحثين والطلبة ليغترفوا من بحر علومها.

وقد وصف أحد أصدقائه تلك العلاقة المتينة بين الشيخ البوعبدلي ومكتبته العامرة، فقال: (لعلنا لا نجد جملة تعبر عن حبه لمكتبته وغيرته عليها أفضل من مجنون المكتبة، وليس حبه لمكتبته من صنف حب أولائك المظهريين الذين يجمعون الكتب وينظمونها في أشكال جمالية تضفي على المكان رونق بها، وتنشر فيه منظر إيهام بالانتساب إلى قادة الثقافة ورجال المعرفة، ولكنه من صنف حب الذين ينسون العالم وما فيه ومن فيه حين تطأ أقدامهم عتبة المكتبة، فيندمجون في ذلك الجو الذي يمتزج فيه الجد في التحصيل بالتقديس للمعرفة فهو كالنحلة المجتهدة تتنقل بين الأزهار طوال يومها لتعود مساء إلى مأواها مستوفرة بالرحيق مثقلة بالشهد).

لم يسعف الشيخ البوعبدلي الوقت والإمكانات المالية لتحقيق المخطوطات التي تحصل عليها ونشرها باستثناء: “دليل الحيران وأنيس السهران وأخبار مدينة وهران” للشيخ محمد يوسف الزياني، و”الثغر الجماني في ابتسام الثغر الوهراني” للشيخ أحمد بن محمد الراشدي.

غير أنه نشر مجموعة من المقالات، وقدم محاضرات عديدة عرّف من خلالها العديد من المخطوطات النادرة، وسلط الأضواء على عدد من الكتب النفيسة.

وفعلا، صار خبيرا بالمخطوطات وعالما بأماكن تواجدها في الجزائر وفي الخارج ومرجعية في هذا المجال، وهو لا يبخل بها الباحثين الجادين الذين راسلوه في شأنها، وأمدهم بالمعلومات التي استفسروا عنها، وأذكر هنا على سبيل المثال، وليس الحصر: المؤرخين الجزائريين الدكتور أبا القاسم سعد الله والدكتور يحي بوعزيز، والمستشرق الفرنسي جاك بيرك، وغيرهم من العلماء الجزائريين والأجانب.

وقد نشر الدكتور سعد الله 16 رسالة وصلته من الشيخ البوعبدلي، وقد ساعدته في كتابة موسوعته “تاريخ الجزائر الثقافي” لما تحمله من “معلومات أدبية وتاريخية وثقافية … فهي تتحدث عن كتب وأعلام من المثقفين وعن أنشطة فكرية واجتهادات علمية وأخبار جغرافية، وعن وثائق ومخطوطات ذات أهمية عالية في التاريخ”.

محاضرات وملتقيات
لم يكتف الشيخ المهدي البوعبدلي بالكتابة والتأليف في المجال التاريخي، وهو جالس في مكتبه محاطا بالكتب والمخطوطات وأكوام من الأوراق، بل كان يسافر إلى مختلف المدن الجزائرية من أجل المشاركة في الملتقيات الوطنية حول التاريخ الثقافي والديني والسياسي للجزائر.

وهكذا قدم محاضرات كثيرة حول تاريخ الحواضر الجزائرية مثل الجزائر وتلمسان وبجاية ووهران والمدية وتيهرت، وسلط الأضواء على أشهر أعلامها في المجالات المختلفة. وأذكر على سبيل المثال: عبد الرحمان الأخضري، وصالح بن مهنا، وعلي بن الحفاف، وعبد الكريم بن الفكون، والأمير عبد القادر، والطاهر الجزائري…الخ.

أما المشاركة في المؤتمرات التاريخية الدولية، فإنه كان يحرص على ذلك ليعرّف بتاريخنا الوطني وتراثنا الثقافي في المحافل العلمية العالمية، وأذكر هنا مثالين: أولا: مشاركته في المؤتمر الدولي الذي نظمه معهد فرنسا (الكوليج دو فرانس) بباريس في 20 ماي 1977م قدم خلاله محاضرة عنوانها: “حياة الأمير عبد القادر العلمية وتربيته الدينية حسب الوثائق التي لم تر النور”؛ وثانيا: مشاركته في مؤتمر المستشرقين الألمان المنعقد في مدينة برلين في مارس 1980م، وساهم ببحث عنوانه: “توشيح طراز الخياطة بشمائل شيخ شلاّطة” للشيخ محمد العربي بن مصباح.

إنتاجه الفكري
كانت اهتمامات الشيخ المهدي منصبَّة على التاريخ والشعر الملحون أساسًا، تبعًا للتُّراث الذي جمعه في مكتبته الخاصة، وحيث أنه عين بعد الاستقلال عضوا في المجلس الإسلامي الأعلى انكب أكثر على البحث والدراسة، وجمع الكُتُب والمخطوطات والرسائل والجرائد والمجلات، مِنْ مختلف المظانّ وسار في تحقيق الكتب والمخطوطات بعد أن تلقى دعما مهما من الوزير مولود قاسم نايت قاسم وظهور مجلّتي: الأصالة والثقافةاللتان كانتا الوسيلة لِنشر المقالات والدراسات المختلِفة والمتخصصة خلال عقدَي السبعينات والثمانينات ، وكذلك ملتقيات الفكر الإسلامي ، ووالملتقيات الأخرى عبر أرجاء مختلف المُدُن الجزائرية. فكانت له العديد من المقالات في جرائد وصحف مختلفة ، كان من مؤلفاته:

جوانب من الحياة الثقافية بالجزائر في العهد العثماني (من القرن العاشر الهجري إلى القرن الثالث عشر) ؛
ثورة الشريف بوبغلة (بطل ثورة بلاد القبائل سنة 1851 م) ؛
طبقات علماء الجزائر في العهد العثماني وما قاربه (مخطوط).

ومن تحقيقاته:
دليل الحيران وأنيس السَّهران في أخبار مدينة وهران للشيخ محمد بن يوسف الزياني ، طبع بالمكتبة الوطنية الجزائرية سنة 1979 م ؛
الثغر الجماني في ابتسام الثغر الوهراني للشيخ أحمد بن محمد بن علي بن سحنون الراشدي ، نشر لأول مرَّة سنة 1973 م ؛
نظرات عابرة في آثاره
وما يلفت الانتباه في آثاره هو أن أوج عطائه العلمي كان خلال فترة السبعينيات من القرن العشرين. ويفسر ذلك بدعم الأستاذ مولود قاسم (وزير الشؤون الدينية آنذاك) له، فكان يقدره كثيرا، ويستكتبه باستمرار للمشاركة في أعمال ملتقيات الفكر الإسلامي، وكذلك المساهمة في مجلة “الأصالة” بأنفس دراساته وأجود أبحاثه التاريخية، وأذكر هنا بالخصوص مقاليه: “أغناتي كراتشوفسكي وآثاره في ميدان الإستشراق العربي”، و”جوانب مجهولة من آثار زيارة محمد عبده للجزائر”.

لا يمكنني هنا الحديث عن القيمة العلمية لآثاره التي صدرت في عام 2013م في 8 مجلدات، فهي تحتاج إلى دراسة عميقة، لذلك أكتفي هنا بهذه الملاحظات السريعة، وهي أن كتاباته لا تلتزم بدراسة فترة دقيقة بل تدرس عصورا تاريخية مختلفة، وتعالج موضوعات متعددة ومتشعبة ومكررة، تغلب عليها المقاربة السردية الشمولية، كما هو شأن كثير من المؤرخين الذين لم يتخرجوا من الجامعات الحديثة، ولم يستفيدوا من المناهج العلمية المعاصرة.

على أن الجهد الذي بذله للإحاطة بتفاصيل تاريخنا الوطني، ونشر وثائقه ومخطوطاته تجعل معارفنا حول تراثنا الحضاري أكثر اتساعا ووضوحا وفهما.

وفاته
توفي الشيخ المهدي البوعبدلي يوم السبت الخامس من ذي الحجة سنة 1412 هـ الموافق لـ 6 جوان 1992 م ، ودفن يوم الأحد بمقر زاويتهم ، خارج المسجد كما أوصى بذلك.
الترتيب:

#12K

0 مشاهدة هذا اليوم

#54K

6 مشاهدة هذا الشهر

#102K

843 إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 342.
المتجر أماكن الشراء
عبد الرحمن بن دويب ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب 🏛 الناشر
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية
نتيجة البحث