📘 ❞ هداية الساري لسيرة البخاري ❝ كتاب ــ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني اصدار 2011

التراجم والأعلام - 📖 ❞ كتاب هداية الساري لسيرة البخاري ❝ ــ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني 📖

█ _ أحمد بن علي حجر العسقلاني 2011 حصريا كتاب هداية الساري لسيرة البخاري عن دار البشائر الإسلامية 2024 البخاري: أبو عبد الله محمد إسماعيل (13 شوال 194 هـ 1 256 هـ) (20 يوليو 810 م سبتمبر 870 م) أحد كبار الحفّاظ الفقهاء من أهم علماء الحديث وعلوم الرجال والجرح والتعديل والعلل عند أهل السنة والجماعة له مصنّفات كثيرة أبرزها الجامع الصحيح المشهور باسم صحيح الذي يعد أوثق الكتب الستة الصحاح والذي أجمع أنه أصح بعد القرآن الكريم وقد أمضى جمعه وتصنيفه ستة عشر عاماً نشأ يتيماً وطلب العلم منذ صغره ورحل أرجاء العالم الإسلامي رحلة طويلة للقاء العلماء وسمع قرابة ألف شيخ وجمع حوالي ستمائة حديث اشتهر شهرة واسعة وأقرّ أقرانه وشيوخه ومن جاء بعده بالتقدّم والإمامة وعلومه حتّى لقّب بأمير المؤمنين وتتلمذ عليه كثير أئمة كمسلم الحجاج وابن خزيمة والترمذي وغيرهم وهو أول وضع الإسلام كتاباً مجرّداً للحديث أوّل ألّف تاريخ امتُحن أواخر حياته وتُعصّب حتى أُخرج نيسابور وبخارى فنزل إحدى قرى سمرقند فمرض وتوفِّي بها ملامح شخصيته وشمائله روى المؤرخون كثيراً الروايات والأحداث التي تدُلّ صفات الإمام وشمائله ورع وإخلاص وصدق وسماحة وكرم وتواضع وحُسن عبادة وغير ذلك كريم الأخلاق فكان مُكثراً الصلاة طويل القيام وكان يخشع بحيث لا يشغله شيء صلاته القراءة للقرآن يختم كل يوم ختمة أو أكثر كما حجّ عدّة مرّات حريصاً التورّع جرح الرواة وترك الغيبة إنه يختار كلمات يمكن أي شخص أن يؤاخذ المجروح كلماته: تركوه أنكره الناس وأشدها عنده يقول: منكر أبلغ ما يقول الرجل المتروك الساقط: فيه نظر أو: سكتوا عنه ولا يكاد فلان كذاب قال أبي حاتم: «سمعته يكون لي خصم الآخرة فقلت: يا أبا إن بعض ينقم عليك التاريخ اغتياب فقال: إنما روينا رواية ولم نقله أنفسنا » كان كريماً سمحاً زاهداً الدنيا الإنفاق الفقراء والمساكين وخاصة تلاميذه وأصحابه بالإضافة إلى تمتّع به القدرة الكبيرة الحفظ والإتقان وتقدّمه وتفوّقه بشهادة صفته الخلقية على الرغم التامّة وسعة رحلاته وتطوافه الأمصار والبلدان ولقائه بالآلآف الشيوخ والتلاميذ فإنه لم تصلنا العديد الأخبار هيئته وما وصلنا هو رواه عدي الجرجاني صفته «سمعت الحسن الحسين البزاز ببخارى رأيت إبراهيم المغيرة شيخاً نحيف الجسم ليس بالطويل بالقصير » عبادته كان عابداً مكثراً شديد الخشوع إذا دخل عنها يلهيه شاغل صارف فروى حاتم قال: «دُعي بستان أصحابه فلما حضرت صلاة الظهر صلى بالقوم ثم قام للتطوع فأطال فرغ رفع ذيل قميصه فقال لبعض معه: انظر ترى تحت قميصى شيئاً؟ فإذا زنبور قد أبره (لسعه) سبعة موضعاً تورم جسده آثار الزنبور ظاهرة بعضهم: كيف تخرج أبرك؟ كنت سورة فأحببت أتمها يؤم رمضان كلّ الأوقات خالد المطَّوِّعي: «حدثنا مسبح سعيد ليلة شهر يجتمع إليه فيصلي بهم فيقرأ ركعة عشرين آية وكذلك يقرأ السحر بين النصف الثلث فيختم ثلاث ليال بالنهار ويكون ختمه الإفطار وقال تاج الدين السبكي: «كان نهاراً ويقرأ الليل ثلثاً فمجموع ورده (اليومي) وثلث قيام واتباع السنّة النبوية يصلى وقت عشرة يوتر منها بواحدة متفكّراً متدبّراً وصفه الدارمي «محمد أبصر مني ومحمد أكيس خلق عقل أمر ونهى كتابه وعلى لسان نبيه قرأ شغل قلبه وبصره وسمعه وتفكر أمثاله وعرف حرامه حلاله جامعاً والعبادة حيث روى القدوس همام سمعت عدة المشايخ يقولون حول تراجم جامعه قبر النبي وسلم ومنبره يصلي لكل ترجمة ركعتين الحاكم النيسابوري: «حدثني عمرو حدثنا أقمت بالبصرة خمس سنين معي كتبي أصنف وأحج سنة وأرجع مكة البصرة » ورعه وتحرّيه كان حقوق متحرّياً لرد الحقوق أصحابها فمن «ركبنا يوماً الرمي ونحن بفربر فخرجنا الدرب يؤدي الفُرْضة فجعلنا نرمي وأصاب سهم (البخاري) وتد القنطرة نهر ورادة فانشق الوتد رآه نزل دابته فأخرج السهم لنا: ارجعوا ورجعنا معه المنزل لي: جعفر إليك حاجة تقضيها؟ قلت: أمرك طاعة مهمة يتنفس الصعداء لمن معنا: اذهبوا مع تعينوه سألته أية هي؟ تضمن قضاءها؟ نعم الرأس والعين ينبغي تصير صاحب فتقول له: إنا أخللنا بالوتد فنحب تأذن لنا إقامة بدله تأخذ ثمنه وتجعلنا حل مما منا حميد الأخضر الفربري السلام وقل أنت منك جميع ملكي لك الفداء وإن نفسي أكون كذبت غير أني أكن أحب تحتشمني فأبلغته رسالته فتهلل وجهه واستنار وأظهر سروراً وقرأ اليوم الغرباء نحوا مائة وتصدق بثلاث درهم كره «ما أغتبت أحدا قط علمت تضر أهلها وحرصه ألا بينه وبين مظلمة لأبي معشر الضرير: اجعلني شيء؟ رويتَ حديثاً فنظرتُ إليكَ أُعجبت وأنت تحرك رأسك ويديك فتبسمتُ يرحمك تحرّى يدخل معاملات لئلا يصيبه شبهة حرام غيره فروي توليت شراء شيءٍ بيعه جعفر: أحل البيع؟ قال:لما الزيادة والنقصان والتخليط فخشيت أستوي بغيري يتولى أسفارك ومبايعتك؟ أُكفى متورّعا وعد أوفى بوعده وأنفذ الأمر هذا يزال نيّته الخطيب البغدادي: حُمِلَ بضاعة أنفذها فاجتمع التجار بالعشية فطلبوها منه بربح خمسة آلاف لهم: انصرفوا الليلة فجاءه الغد تجار آخرون فطلبوا تلك البضاعة فردهم وقال: إني نويت البارحة أدفع أولئك أنقض نيتي فدفعها إليهم » كرمه وسماحته كان مفرط الكرم وافر الصدقة وخصوصاً المحتاجين التلاميذ وطلبة فذكر ابن ناصر ورث أبيه مالاً وفيراً ووكّل أناساً للتجارة ينفق بسخاء فيتصدق بالكثير ويبر الطلبة ويحسن يحبّ إخفاء يتكلم مرة ناول رجلاً صرةً فيها ثلاثمائة خفيةً فأراد يدعو «ارفق واشتغل بحديث آخر كيلا يعلم بذلك أحدٌ يتصدق يأخذ بيده الحاجة فيناوله العشرين الثلاثين وأقل وأكثر يشعر يكافئ يصنع معروفاً مهما قلّ كانت قطعة أرض يكريها بسبع المكتري ربما حمل قثاة قثاتين لأن معجبا بالقثاء النضيج يؤثره البطيخ أحيانا يهب للرجل لحمله القثاء أحياناً وبالإضافة إنفاقه الانفاق طلب «كنت أستغل فأنفقت » زهده وأدبه مع كون ذا مال متقشّفاً أمور قليل الأكل جداً يأتي النهار فلا يأكل رقاقة لوزتين ثلاثا يجتنب توابل القدور مثل الحمص وغيره» كثرة للمال تمر أيام يجد يأكله ومع يطلب شيئاً نفدت نفقته مرّة فجعل نبات الأرض يخبر أحداً وبلغ شدة زهده يمنعه المرض عساكر بسنده «مرض فعرض ماؤه الأطباء فقالوا لو الماء ماء أساقفة النصارى فإنهم يأتدمون فصدقهم ائتدم أربعين فسألوا علاجه الإدام فامتنع ألح أجابهم بقية عمره سكرة واحدة رغيف واتّصف بالآداب العالية والأخلاق الحميدة منصور «كنا مجلس فرفع إنسان لحيته قذاة فطرحها فرأيت ينظر إليها وإلى غفل رأيته مد يده القذاة فأدخلها كمه خرج المسجد أخرجها الكلام وكلّ شغله يشتغل هانئ النضر: يوسف يعني: الفريابي بالشام وكنا نتنزه فعل الشباب أكل الفرصاد ونحوه معنا يزاحمنا نحن ويكب أدبه يتجنّب يؤذي الكراث والبصل يشبههما يتأذى الرائحة نبوغه وحفظه أقرانه إن أبرز تميّز ذكاؤه الوقّاد وقوة حفظه الاستثنائية يحفظ ومئتي الكتاب فيطلع اطلاعة فيحفظ عامة أطراف رُزق قوة صبي مقتبل العمر سبعين ويعرف رواته وأخبارهم سليمان مجاهد سلام البيكندي جئت قبل لرأيت صبيًّا فخرجت طلبه فلقيته تقول أنا أحفظ حديث؟ أجيبك الصحابة والتابعين إلا عرفت مولد أكثرهم ووفاتهم ومساكنهم ولست أروي حديثًا ولي أصل أحفظه حفظًا كلمة تعالى png وسُنَّة رسوله طلبة كانوا يجلسون ويسألونه الخواص مستملي صدقة زرعة كالصبي جالسا يدي يسأله علل شهد شيوخه وكانوا يأخذون ويستفيدون سلام: فما وجدت خطأ فأضرب كي أرويه ففعلت كتب الأحاديث حكم بصحّتها: رضي الفتى وفي الضعيفة: يرض أصحابه: «من الفتى؟» «هو مثله التنيسي للبخاري: « أنظر وأخبرني بما السقط يحيى الذهلي الأسامي والكنى والبخاري يمر كالسهم كأنه قل بكر المديني: يوما بنيسابور إسحاق راهويه حاضر المجلس فمر أحاديث دون عطاء الكيخاراني إسحاق: أيش كيخاران؟ قرية باليمن معاوية سفيان بعث أصحاب اليمن فسمع حديثين كأنك شهدت القوم!» التثبّت ممن يسمع منهم لأخباره متفحّصاً لعلمه ثبتٍ ضابطٍ سأله اسمه وكنيته ونسبة وعلة الشيخ بالحافظ القوي يريه كتبه وقد أراد عدد طلاب والمشايخ البلدان اختبار وسبر وتثبّته البغدادي حاشد يختلف مشايخ غلام يكتب أتى فكنا نقول إنك تختلف تكتب معناك فيما تصنع؟ يوما: إنكما أكثرتما وألححتما فأعرضا كتبتما فأخرجنا عندنا فزاد فقرأها كلها ظهر القلب جعلنا نحكم كتبنا أترون أختلف هدرا وأضيع أيامي؟ فعرفنا يتقدمه أشهر يحكون قدم بغداد فاجتمعوا وعمدوا فقلبوا متونها وأسانيدها وجعلوا متن الإسناد لإسناد وإسناد المتن لمتن ودفعوا أنفس رجل وأمروهم حضروا يلقون وأخذوا الموعد للمجلس فحضر جماعة خراسان وغيرها البغداديين اطمأن بأهله انتدب العشرة وسأله المقلوبة أعرفه فسأل سأل زال يلقي بمثله واحدا واحد عشرته الفهماء حضر يلتفت بعضهم ويقولون فهمنا يقضي بالعجز والتقصير وقلة الفهم فسأله فلم يزل الثالث والرابع تمام فرغوا كلهم يزيدهم علم أنهم التفت الأول أما حديثك فهو كذا وحديثك الثاني والثالث الولاء فرد إسناده وكل إسناد متنه وفعل الآخرين ورد متون أسانيدها فأقر بالحفظ والعلم وأذعنوا بالفضل سليم الأزهر بسمرقند أربع يطلبون وأحبوا مغالطة فأدخلوا الشام العراق الحرمين تعلقوا بسقطة » محنته امتُحِن مرّتين الأولى شيخه رأس والمحدّثين عصره اتّهِم بمسألة القول باللفظ بالقرآن وهل مخلوق وكانت هذه المحنة أسباب محنته الثانية حاكم بخارى التراجم والأعلام مجاناً PDF اونلاين يتناول سير حياة الأعلام عبر العصور المختلفة دقيق يبحث أحوال الشخصيات والأفراد الذين تركوا آثارا المجتمع ويتناول كافة طبقات الأنبياء والخلفاء والملوك والأمراء والقادة والعلماء شتى المجالات والفقهاء والأدباء والشعراء والفلاسفة ويهتم بذكر حياتهم الشخصية ومواقفهم وأثرهم الحياة وتأثيرهم ويعتبر عموما فرعا فروع اهتم المسلمون بعلم اهتماما كبيرا بدأت العناية بهذا عندهم عهد الرسول بزمن يسير حرص حماية وصيانة المصدر مصادر التشريع النبوي حرصوا صيانته الكذب والتزوير والغش والتلفيق والدس فنشأ كقاعدة تلقّي وبالأخص يتعلق بالحديث أولا الآثار المروية وباقي خصوصا والناس روى مسلم صحيحه «جاء بشير العدوي عباس يحدث ويقول: رسول يأذن لحديثه مالي أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك تسمع؟ عباس: كنا سمعنا رجلا ابتدرته أبصارنا وأصغينا بآذاننا ركب الصعب والذلول نأخذ نعرف » واستمر العمل القاعدة ضرورة معرفة ناقلي بسبب حال نقلة وذلك لما ينبني المعرفة قبول والتعبد لله رد والحذر اعتبارها ديناً وروى سيرين «لم يكونوا يسألون وقعت الفتنة قالوا سموا رجالكم فينظر فيؤخذ حديثهم وينظر البدع يؤخذ حديثهم» وجاءت عبارات الأئمة بيان أهمية صريحة وواضحة الأهمية بمكان البحث نواح تفصيلية الراوي ونواح استنتاجية (تُستنتج حديثه وطريقته التحديث) مباحث العلم: ميلاد وتاريخ للعلم وممن سمع سِنِيِّ هم عنهم (من حدث سماعاً دلس أرسل عنه) مدة ملازمته لكلّ وكيف ذاك وكم والآثار ذلك؛ الضعفاء والمجاهيل؟ ورحلاته العلمية حدّث به؛ ومتى يحدِّث؟ أم كتابه؛ سماعٌ عرض؛ المستملون والوراقون استخدمهم؟) إقبال الحاضرين عنده؟ هي الأوهام وقع والسَّقطات أُخذت عليه؟ أخلاق وعبادته ومهنته؛ أجراً التحديث؟ عسِراً التحديث بعلمه متساهلاً ؟ وتفرّع وانبثق علوم متعلّقة الباب تفرّدته الأمة باقي الأمم وعلم مصطلح ناحية العدالة والتوثيق والضبط العلل الجرح أقسام التراجم هنالك تقسيمات متنوعة لعلم والكتب العديدة المؤلفة فمنها: التراجم الطبقات التراجم الحروف الوفيات القرون وقسّمهم البعض الآخر أبواب مختلفة منها: التراجم المتعلقة معيّن المتعلّقة بمذهب بفنّ بشخص الترجمة الذاتية أسهب التأليف الأبواب يخلوا باب وصنّفت عشرات وهذا ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل وتراجم ومذكرات فيشمل الكثير المجال

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
هداية الساري لسيرة البخاري
كتاب

هداية الساري لسيرة البخاري

ــ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

صدر 2011م عن دار البشائر الإسلامية
هداية الساري لسيرة البخاري
كتاب

هداية الساري لسيرة البخاري

ــ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

صدر 2011م عن دار البشائر الإسلامية
عن كتاب هداية الساري لسيرة البخاري:
أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (13 شوال 194 هـ - 1 شوال 256 هـ) / (20 يوليو 810 م - 1 سبتمبر 870 م). أحد كبار الحفّاظ الفقهاء من أهم علماء الحديث وعلوم الرجال والجرح والتعديل والعلل عند أهل السنة والجماعة، له مصنّفات كثيرة أبرزها كتاب الجامع الصحيح، المشهور باسم صحيح البخاري، الذي يعد أوثق الكتب الستة الصحاح والذي أجمع علماء أهل السنة والجماعة أنه أصح الكتب بعد القرآن الكريم. وقد أمضى في جمعه وتصنيفه ستة عشر عاماً.

نشأ يتيماً وطلب العلم منذ صغره ورحل في أرجاء العالم الإسلامي رحلة طويلة للقاء العلماء وطلب الحديث وسمع من قرابة ألف شيخ، وجمع حوالي ستمائة ألف حديث. اشتهر شهرة واسعة وأقرّ له أقرانه وشيوخه ومن جاء بعده من العلماء بالتقدّم والإمامة في الحديث وعلومه، حتّى لقّب بأمير المؤمنين في الحديث.

وتتلمذ عليه كثير من كبار أئمة الحديث كمسلم بن الحجاج وابن خزيمة والترمذي وغيرهم، وهو أول من وضع في الإسلام كتاباً مجرّداً للحديث الصحيح. ومن أوّل من ألّف في تاريخ الرجال. امتُحن أواخر حياته وتُعصّب عليه حتى أُخرج من نيسابور وبخارى فنزل إحدى قرى سمرقند فمرض وتوفِّي بها.

ملامح شخصيته وشمائله
روى المؤرخون كثيراً من الروايات والأحداث التي تدُلّ على صفات الإمام البخاري وشمائله من ورع وإخلاص وصدق وسماحة وكرم وتواضع وحُسن عبادة وغير ذلك من كريم الأخلاق، فكان البخاري مُكثراً من الصلاة طويل القيام بها، وكان يخشع بحيث لا يشغله شيء عن صلاته، وكان كثير القراءة للقرآن بحيث يختم كل يوم ختمة أو أكثر، كما حجّ عدّة مرّات. وكان حريصاً على التورّع في جرح الرواة وترك الغيبة بحيث إنه يختار كلمات لا يمكن أي شخص أن يؤاخذ بها المجروح، ومن كلماته: تركوه، أو أنكره الناس، وأشدها عنده أن يقول: منكر الحديث. ومن أبلغ ما يقول في الرجل المتروك أو الساقط: فيه نظر، أو: سكتوا عنه. ولا يكاد يقول فلان كذاب. قال محمد بن أبي حاتم: «سمعته يقول: لا يكون لي خصم في الآخرة. فقلت: يا أبا عبد الله، إن بعض الناس ينقم عليك التاريخ يقول فيه اغتياب الناس. فقال: إنما روينا ذلك رواية ولم نقله من عند أنفسنا.» كما كان كريماً سمحاً زاهداً في الدنيا كثير الإنفاق على الفقراء والمساكين، وخاصة من تلاميذه وأصحابه. بالإضافة إلى ما تمتّع به من القدرة الكبيرة على الحفظ والإتقان وتقدّمه وتفوّقه في الحديث وعلومه بشهادة أقرانه وشيوخه.

صفته الخلقية
على الرغم من شهرة الإمام البخاري التامّة وسعة رحلاته وتطوافه في الأمصار والبلدان ولقائه بالآلآف من الشيوخ والتلاميذ، فإنه لم تصلنا العديد من الأخبار عن هيئته، وما وصلنا عنه هو ما رواه أبو أحمد بن عدي الجرجاني في صفته فقال: «سمعت الحسن بن الحسين البزاز ببخارى يقول: رأيت محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة شيخاً نحيف الجسم ليس بالطويل، ولا بالقصير.»

عبادته
كان الإمام البخاري عابداً مكثراً شديد الخشوع في صلاته، حتى إذا دخل في الصلاة لا يشغله عنها شيء ولا يلهيه عنها شاغل أو صارف فروى محمد بن أبي حاتم قال: «دُعي محمد بن إسماعيل إلى بستان بعض أصحابه، فلما حضرت صلاة الظهر صلى بالقوم، ثم قام للتطوع فأطال القيام، فلما فرغ من صلاته رفع ذيل قميصه، فقال لبعض من معه: انظر هل ترى تحت قميصى شيئاً؟ فإذا زنبور قد أبره (لسعه) في ستة عشر أو سبعة عشر موضعاً، وقد تورم من ذلك جسده، وكان آثار الزنبور في جسده ظاهرة فقال له بعضهم: كيف لم تخرج من الصلاة في أول ما أبرك؟ فقال: كنت في سورة فأحببت أن أتمها.» كما كان يؤم أصحابه في رمضان وكان كثير القراءة للقرآن في الصلاة كما في كلّ الأوقات، قال محمد بن خالد المطَّوِّعي: «حدثنا مسبح بن سعيد قال: كان محمد بن إسماعيل البخاري إذا كان أول ليلة من شهر رمضان يجتمع إليه أصحابه فيصلي بهم فيقرأ في كل ركعة عشرين آية وكذلك إلى أن يختم القرآن وكذلك يقرأ في السحر ما بين النصف إلى الثلث من القرآن فيختم عند السحر في كل ثلاث ليال وكان يختم بالنهار كل يوم ختمة ويكون ختمه عند الإفطار كل ليلة.» وقال تاج الدين السبكي: «كان البخاري يختم القرآن كل يوم نهاراً ويقرأ في الليل عند السحر ثلثاً من القرآن فمجموع ورده (اليومي) ختمة وثلث.» كما كان حريصاً على قيام الليل واتباع السنّة النبوية، قال محمد بن أبي حاتم: «كان يصلى في وقت السحر ثلاث عشرة ركعة يوتر منها بواحدة.» كما كان متفكّراً في القرآن متدبّراً له كما وصفه الإمام الدارمي فقال: «محمد أبصر مني، ومحمد بن إسماعيل أكيس خلق الله، إنه عقل عن الله ما أمر به ونهى عنه في كتابه وعلى لسان نبيه، إذا قرأ محمد القرآن شغل قلبه وبصره وسمعه وتفكر في أمثاله وعرف حرامه من حلاله.» كما كان جامعاً بين العلم والعبادة حيث روى أبو أحمد بن عدي الجرجاني قال: «سمعت عبد القدوس بن همام يقول سمعت عدة من المشايخ يقولون حول محمد بن إسماعيل البخاري تراجم جامعه بين قبر النبي صلى الله عليه وسلم ومنبره وكان يصلي لكل ترجمة ركعتين.» بالإضافة إلى أنه حجّ عدّة مرّات، قال الحاكم النيسابوري: «حدثني أبو عمرو إسماعيل حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي قال: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول أقمت بالبصرة خمس سنين معي كتبي أصنف وأحج كل سنة وأرجع من مكة إلى البصرة.»

ورعه وتحرّيه
كان الإمام البخاري حريصاً على حقوق الناس متحرّياً لرد الحقوق إلى أصحابها، فمن ذلك ما رواه محمد بن أبي حاتم قال: «ركبنا يوماً إلى الرمي، ونحن بفربر، فخرجنا إلى الدرب الذي يؤدي إلى الفُرْضة، فجعلنا نرمي، وأصاب سهم أبي عبد الله (البخاري) وتد القنطرة الذي على نهر ورادة، فانشق الوتد. فلما رآه أبو عبد الله نزل عن دابته، فأخرج السهم من الوتد، وترك الرمي. وقال لنا: ارجعوا. ورجعنا معه إلى المنزل، فقال لي: يا أبا جعفر، لي إليك حاجة، تقضيها؟ قلت: أمرك طاعة. قال: حاجة مهمة، وهو يتنفس الصعداء. فقال لمن معنا: اذهبوا مع أبي جعفر حتى تعينوه على ما سألته. فقلت: أية حاجة هي؟ قال لي: تضمن قضاءها؟ قلت: نعم، على الرأس والعين. قال: ينبغي أن تصير إلى صاحب القنطرة، فتقول له: إنا قد أخللنا بالوتد، فنحب أن تأذن لنا في إقامة بدله، أو تأخذ ثمنه، وتجعلنا في حل مما كان منا. وكان صاحب القنطرة حميد بن الأخضر الفربري. فقال لي: أبلغ أبا عبد الله السلام، وقل له: أنت في حل مما كان منك، وقال جميع ملكي لك الفداء، وإن قلت: نفسي، أكون قد كذبت غير أني لم أكن أحب أن تحتشمني في وتد أو في ملكي. فأبلغته رسالته، فتهلل وجهه، واستنار، وأظهر سروراً، وقرأ في ذلك اليوم على الغرباء نحوا من خمس مائة حديث، وتصدق بثلاث مائة درهم.» بالإضافة إلى ما اشتهر عنه من كره الغيبة، قال: «ما أغتبت أحدا قط منذ علمت أن الغيبة تضر أهلها.» وحرصه على ألا يكون بينه وبين أحد من الناس أية مظلمة، قال محمد بن أبي حاتم: «سمعته يقول لأبي معشر الضرير: اجعلني في حل يا أبا معشر. فقال: من أي شيء؟ فقال: رويتَ حديثاً يوماً فنظرتُ إليكَ وقد أُعجبت به وأنت تحرك رأسك ويديك، فتبسمتُ من ذلك. قال: أنت في حل يرحمك الله يا أبا عبد الله.» وقد تحرّى الإمام البخاري أن لا يدخل في شيء من معاملات الدنيا لئلا يصيبه شيء فيه شبهة من حرام أو غيره فروي عنه أنه قال: «ما توليت شراء شيءٍ ولا بيعه قط. فقال له أبو جعفر: كيف، وقد أحل الله البيع؟ قال:لما فيه من الزيادة والنقصان والتخليط، فخشيت أني إن توليت ذلك أن أستوي بغيري. فقال له: ومن كان يتولى أمرك في أسفارك ومبايعتك؟ قال: كنت أُكفى ذلك.» وكان متورّعا إذا وعد أوفى بوعده وأنفذ الأمر حتى وإن كان هذا لا يزال في نيّته، قال الخطيب البغدادي: «كان حُمِلَ إلى محمد بن إسماعيل بضاعة أنفذها إليه فلان، فاجتمع التجار بالعشية فطلبوها منه بربح خمسة آلاف درهم، فقال لهم: انصرفوا الليلة. فجاءه من الغد تجار آخرون فطلبوا منه تلك البضاعة بربح عشرة آلاف درهم، فردهم وقال: إني نويت البارحة أن أدفع إلى أولئك، ولا أحب أن أنقض نيتي. فدفعها إليهم.»

كرمه وسماحته
كان الإمام البخاري مفرط الكرم وافر الصدقة وخصوصاً على المحتاجين من التلاميذ وطلبة العلم فذكر ابن ناصر الدين أنه ورث من أبيه مالاً وفيراً ووكّل أناساً للتجارة به، فكان ينفق منه بسخاء فيتصدق منه بالكثير ويبر الطلبة ويحسن إليهم. وكان يحبّ إخفاء ذلك ولا يحبّ أن يتكلم الناس به، فروي أنه مرة ناول رجلاً من الطلبة صرةً فيها ثلاثمائة درهم خفيةً، فأراد الرجل أن يدعو له فقال له البخاري: «ارفق، واشتغل بحديث آخر كيلا يعلم بذلك أحدٌ.» وقال محمد بن أبي حاتم: «كان يتصدق بالكثير، يأخذ بيده صاحب الحاجة من أهل الحديث، فيناوله ما بين العشرين إلى الثلاثين، وأقل وأكثر، من غير أن يشعر بذلك أحد.» وكان يكافئ بسخاء من يصنع له معروفاً مهما قلّ، فروي أنه كانت له قطعة أرض يكريها كل سنة بسبع مائة درهم. فكان ذلك المكتري ربما حمل منها إلى البخاري قثاة أو قثاتين، لأن البخاري كان معجبا بالقثاء النضيج، وكان يؤثره على البطيخ أحيانا، فكان يهب للرجل مائة درهم كل سنة لحمله القثاء إليه أحياناً وبالإضافة إلى إنفاقه على التلاميذ فإنه كان كثير الانفاق في طلب العلم، فروي عنه أنه قال: «كنت أستغل كل شهر خمس مائة درهم، فأنفقت كل ذلك في طلب العلم.»

زهده وأدبه
مع كون الإمام البخاري ذا مال كثير فإنه كان متقشّفاً زاهداً في أمور الدنيا وكان قليل الأكل جداً، قال محمد بن أبي حاتم: «كان أبو عبد الله ربما يأتي عليه النهار، فلا يأكل فيه رقاقة، إنما كان يأكل أحيانا لوزتين أو ثلاثا. وكان يجتنب توابل القدور مثل الحمص وغيره» وكان من كثرة إنفاقه للمال في الصدقة وطلب العلم أنه قد تمر عليه أيام لا يجد ما يأكله، ومع ذلك لا يطلب من أحد شيئاً، فروى ابن ناصر الدين أنه نفدت نفقته مرّة فجعل يأكل من نبات الأرض ولا يخبر أحداً بذلك وبلغ من شدة زهده وحرصه أنه لم يمنعه حتى المرض من ذلك، فروى ابن عساكر بسنده قال: «مرض محمد بن إسماعيل البخاري فعرض ماؤه على الأطباء فقالوا لو أن هذا الماء ماء بعض أساقفة النصارى فإنهم لا يأتدمون، فصدقهم محمد بن إسماعيل وقال: لم ائتدم منذ أربعين سنة فسألوا عن علاجه فقالوا علاجه الإدام فامتنع عن ذلك حتى ألح عليه المشايخ ببخارى أهل العلم إلى أن أجابهم أن يأكل بقية عمره في كل يوم سكرة واحدة مع رغيف.» واتّصف الإمام البخاري بالآداب العالية والأخلاق الحميدة فمن ذلك ما رواه محمد بن منصور قال: «كنا في مجلس أبي عبد الله محمد بن إسماعيل، فرفع إنسان من لحيته قذاة، فطرحها على الأرض. قال: فرأيت محمد بن إسماعيل ينظر إليها وإلى الناس، فلما غفل الناس رأيته مد يده، فرفع القذاة من الأرض، فأدخلها في كمه. فلما خرج من المسجد رأيته أخرجها فطرحها على الأرض.» وكان قليل الكلام وكلّ شغله في العلم ولا يشتغل في أمور الناس قال هانئ بن النضر: «كنا عند محمد بن يوسف -يعني: الفريابي- بالشام وكنا نتنزه فعل الشباب في أكل الفرصاد ونحوه، وكان محمد بن إسماعيل معنا، وكان لا يزاحمنا في شيء مما نحن فيه، ويكب على العلم.» ومن أدبه أنه كان يتجنّب ما يؤذي غيره فكان لا يأكل الكراث والبصل وما يشبههما لئلا يتأذى الناس من الرائحة.

نبوغه وحفظه وتقدّمه على أقرانه
إن من أبرز ما تميّز به الإمام البخاري هو ذكاؤه الوقّاد وقوة حفظه الاستثنائية، فكان يحفظ مائة ألف حديث صحيح، ومئتي ألف حديث غير صحيح، وكان يأخذ الكتاب من العلم فيطلع عليه اطلاعة فيحفظ عامة أطراف الحديث من مرة واحدة. وقد رُزق قوة الحفظ من صغره فكان وهو صبي لا يزال في مقتبل العمر يحفظ سبعين ألف حديث ويعرف تاريخ رواته وأخبارهم، قال سليمان بن مجاهد «كنت عند محمد بن سلام البيكندي فقال لي: لو جئت قبل لرأيت صبيًّا يحفظ سبعين ألف حديث. قال فخرجت في طلبه فلقيته، فقلت: أنت الذي تقول أنا أحفظ سبعين ألف حديث؟ قال: نعم وأكثر، ولا أجيبك بحديث عن الصحابة والتابعين إلا من عرفت مولد أكثرهم ووفاتهم ومساكنهم، ولست أروي حديثًا من حديث الصحابة والتابعين إلا ولي في ذلك أصل أحفظه حفظًا عن كتاب الله كلمة تعالى.png وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم.» وكان معروفاً بذلك بين أقرانه من طلبة العلم حتى كانوا يجلسون إليه ويسألونه عن الحديث، قال محمد بن أبي حاتم: «سمعت إبراهيم الخواص مستملي صدقة يقول: رأيت أبا زرعة كالصبي جالسا بين يدي محمد بن إسماعيل يسأله عن علل الحديث.» وقد شهد له شيوخه بذلك من صغره وكانوا يأخذون منه ويستفيدون، قال محمد بن أبي حاتم: «سمعت محمد بن إسماعيل يقول: قال لي محمد بن سلام: انظر في كتبي فما وجدت فيها من خطأ فأضرب عليه، كي لا أرويه، ففعلت ذلك.» وكان محمد بن سلام البيكندي كتب عند الأحاديث التي حكم البخاري بصحّتها: رضي الفتى، وفي الأحاديث الضعيفة: لم يرض الفتى. فقال له بعض أصحابه: «من هذا الفتى؟» فقال: «هو الذي ليس مثله، محمد بن إسماعيل.» وقال عبد الله بن يوسف التنيسي للبخاري: « يا أبا عبد الله أنظر في كتبي وأخبرني بما فيها من السقط. فقال: نعم.» وكان محمد بن يحيى الذهلي أحد أبرز شيوخه يسأله عن الأسامي والكنى والعلل، والبخاري يمر فيه كالسهم، كأنه يقرأ قل هو الله أحد. وقال أبو بكر المديني: «كنا يوما بنيسابور عند إسحاق بن راهويه، ومحمد بن إسماعيل حاضر في المجلس، فمر إسحاق بحديث من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وكان دون صاحب النبي صلى الله عليه وسلم عطاء الكيخاراني فقال له إسحاق: يا أبا عبد الله أيش كيخاران؟ قال: قرية باليمن كان معاوية بن أبي سفيان بعث هذا الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فسمع منه عطاء حديثين. فقال له إسحاق: يا أبا عبد الله، كأنك قد شهدت القوم!» وكان مع هذا حريصاً على التثبّت ممن يسمع منهم جامعاً لأخباره متفحّصاً لعلمه، فكان إذا كتب عن شيخ ثبتٍ ضابطٍ سأله عن اسمه وكنيته ونسبة وعلة الحديث وإن كان ذلك الشيخ ليس بالحافظ القوي سأله أن يريه كتبه.

وقد أراد عدد من طلاب العلم والمشايخ في عدد من البلدان اختبار البخاري وسبر قوة حفظه وتثبّته، فروى الخطيب البغدادي بسنده عن حاشد بن إسماعيل قال: «كان أبو عبد الله محمد بن إسماعيل يختلف معنا إلى مشايخ البصرة وهو غلام فلا يكتب حتى أتى على ذلك أيام، فكنا، نقول له: إنك تختلف معنا ولا تكتب فما معناك فيما تصنع؟ فقال لنا بعد ستة عشرة يوما: إنكما قد أكثرتما على وألححتما، فأعرضا علي ما كتبتما فأخرجنا ما كان عندنا فزاد على خمسة عشر ألف حديث، فقرأها كلها عن ظهر القلب حتى جعلنا نحكم كتبنا على حفظه، ثم قال: أترون أني أختلف هدرا وأضيع أيامي؟ فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد.» ومن أشهر الروايات في ذلك ما رواه أبو أحمد بن عدي الجرجاني قال: «سمعت عدة مشايخ يحكون أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد فسمع به أصحاب الحديث فاجتمعوا وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر وإسناد هذا المتن لمتن آخر ودفعوا إلى عشرة أنفس إلى كل رجل منهم عشرة أحاديث وأمروهم إذا حضروا المجلس يلقون ذلك على البخاري وأخذوا الموعد للمجلس فحضر المجلس جماعة من أصحاب الحديث من الغرباء من أهل خراسان وغيرها ومن البغداديين فلما اطمأن المجلس بأهله انتدب إليه رجل من العشرة وسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة فقال البخاري لا أعرفه فسأل عن آخر فقال البخاري لا أعرفه ثم سأل عن آخر فقال لا أعرفه فما زال يلقي بمثله واحدا بعد واحد حتى فرغ من عشرته والبخاري يقول لا أعرفه فكان الفهماء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون الرجل فهمنا ومن كان منهم غير ذلك يقضي على البخاري بالعجز والتقصير وقلة الفهم ثم انتدب رجل آخر من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة فقال البخاري لا أعرفه فسأله عن آخر فقال لا أعرفه فسأل عن آخر فقال لا أعرفه فلم يزل يلقي عليه واحدا بعد واحد حتى فرغ من عشرته والبخاري يقول لا أعرفه ثم انتدب الثالث إليه والرابع إلى تمام العشرة حتى فرغوا كلهم من الأحاديث المقلوبة والبخاري لا يزيدهم على لا أعرفه فلما علم البخاري أنهم قد فرغوا التفت إلى الأول منهم فقال أما حديثك الأول فهو كذا وحديثك الثاني فهو كذا والثالث والرابع على الولاء حتى أتى على تمام العشرة فرد كل متن إلى إسناده وكل إسناد إلى متنه وفعل الآخرين مثل ذلك ورد متون الأحاديث كلها إلى أسانيدها وأسانيدها إلى متونها فأقر له الناس بالحفظ والعلم وأذعنوا له بالفضل.» وقال محمد بن أبي حاتم: «سمعت سليم بن مجاهد يقول: سمعت أبا الأزهر يقول: كان بسمرقند أربع مائة مما يطلبون الحديث، فاجتمعوا سبعة أيام وأحبوا مغالطة محمد بن إسماعيل، فأدخلوا إسناد الشام في إسناد العراق، وإسناد اليمن في إسناد الحرمين، فما تعلقوا منه بسقطة لا في الإسناد ولا في المتن.»

محنته
امتُحِن الإمام البخاري مرّتين، الأولى كانت مع شيخه محمد بن يحيى الذهلي على رأس جماعة من الفقهاء والمحدّثين في عصره، حيث اتّهِم البخاري بمسألة القول باللفظ بالقرآن وهل هو مخلوق، وكانت هذه المحنة واحدة من أسباب محنته الثانية مع حاكم بخارى خالد بن أحمد الذهلي.
الترتيب:

#6K

0 مشاهدة هذا اليوم

#68K

9 مشاهدة هذا الشهر

#73K

3K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 191.
المتجر أماكن الشراء
أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
دار البشائر الإسلامية 🏛 الناشر
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية
نتيجة البحث