█ وبعث رسول الله ﷺ بشير بن سعد الأنصاري ثلاثين رجلا إلى بني مُرَّة بفدك فخرج إليهم فلقي رعاء الشاء فاستاق والنعم ورجع المدينة فأدركه الطلب عند الليل فباتوا يرمونهم بالنبل حتى فني نَبْلُ وأصحابه فولى منهم مَنْ ولى وأصيب أصيب وقاتل قتالاً شديداً القومُ بنعمهم وشائهم وتحامل انتهى فدك فأقام يهود برئت جراحه فرجع ثم بعث سرية الحُرقَةِ من جهينة وفيهم أسامة زيد فلما دنا الأمير الطلائع رجعوا بخبرهم أقبل إذا ليلاً وقد احتلبوا وهدؤوا قام فحمد وأثني عليه بما هو أهله قال : أوصيكم بتقوى وحده لا شريك له وأن تطيعوني ولا تعصوني تخالفوا أمري فإنه رأي لمن يُطاع رتبهم وقال يا فلان ! أنت وفلان ويا يُفارِقُ كل منكما صاحبه وزميله وإياكم أن يرجع أحد منكم فأقول أين صاحبك ؟ فيقول أدري فإذا كبرت فكبروا وجردوا السيوف كبروا وحملوا حملة واحدةً وأحاطوا بالقوم وأخذتهم سيوف فهم يضعونها حيث شاؤوا وشعارهم " أُمِتْ أُمِتُ " خرج أثر رجل يقال مرداس نهيك كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه ألف هذا الكتب أثناء السفر ولم تكن معه أية مصادر ينقل منها ما يحتاج إليه أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم القيم كان يحفظ مسند الإمام أحمد حنبل يضم أكثر
❞ في سياق هديه ﷺ في الحج
وكان ﷺ يُصلي مدة مقامه بمكة إلى يوم التروية بمنزله الذي هو نازل فيه بالمسلمين بظاهر مكة ، فأقام بظاهر مكة أربعة أيَّامٍ يَقْصُرُ الصَّلَاة ، يوم الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء ، فلما كان يوم الخميس ضُحى ، توجه بمن معه من المسلمين إلى مِنى ، فأحرم بالحج مَنْ كان أحلَّ منهم من رحالهم ، ولم يدخُلُوا إلى المسجد ، فأحرموا منه ، بل أحرموا ومكة خلف ظهورهم ، فلما وصل إلى مِنى ، نزل بها ، وصلى بها الظهر والعصر ، وبات بها ، وكان ليلةَ الجمعة ، فلما طلعتِ الشمسُ ، سار منها إلى عرفة ، وأخذ على طريق ضب على يمين طريق الناس اليوم ، وكان من أصحابه الملبي ، ومنهم المُكبِّرُ ، وهو يسمعُ ذلك ولا يُنْكِرُ على هؤلاء ولا على هؤلاء ، فوجد القُبَّة قد ضُرِبَتْ له بنَمِرَة بأمره ، وهي قرية شرقي عرفات ، وهي خراب اليوم ، فنزل بها ، حتى إذا زالت الشمس ، أمر بناقته القصواء فَرُحِلتُ ، ثم سار حتى أتى بطن الوادي من أرض عُرَنَةَ ، فخطب النَّاسَ وهو على راحلته خُطبة عظيمة قرر فيها قواعد الإسلام ، وهَدَمَ فيها قواعِدَ الشِّرْكِ والجاهلية ، وقرَّر فيها تحريم المحرمات التي اتفقت الملل على تحريمها ، الدماء والأموال ، والأعراض ، ووضع فيها أمور الجاهلية تحت قدميه ، ووضع فيها ربا الجاهلية كُله وأبطله ، وأوصاهم بالنساء خيراً ، وذكر الحقَّ الذي لهن والذي عليهن ، وأن الواجب لهن الرزق والكسوة بالمعروف ، ولم يقدر ذلك بتقدير ، وأباح للأزواج ضربهن إذا أَدْخَلْنَ إلى بيوتهن مَنْ يكرهه أزواجهن ، وأوصى الأمة فيها بالاعتصام بكتاب الله ، وأخبر أنهم لن يَضِلُّوا ما داموا معتصمين به ، ثم أخبرهم أنهم مسؤولون عنه ، واستنطقهم بماذا يقولون ، وبماذا يشهدون ، فقالوا : نشهد أنك قد بَلَّغْتَ وأَدَّيْتَ ونَصَحْتَ ، فرفع أصبعه إلى السماء ، واستشهد الله عليهم ثلاث مرات ، وأمرهم أن يبلغ شاهدهم غائبهم . ❝
❞ الذِكر عند الأذان وبعده .
وأما هديه ﷺ في الذِكر عند الآذان وبعده ، فَشَرَّع لامته منه خمسة أنواع 🔸️أحدهما : أن يقول السامع كما يقول المؤذن ، إلا في حي على الصلاة حي على الفلاح ، فإنه صح عنه ﷺ إبدالهما بـ ( لا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ) ، ولم يجيء عنه الجمع بينها وبين حي على الصلاة حي على الفلاح ولا الاقتصار على الحيعلة ، وهديه ﷺ الذي صح عنه إبدالهما بالحوقلة ، وهذا مقتضى الحكمة المطابقة لحال المؤذن والسامع ، فإن كلمات الأذان ذِكْرٌ ، فَسَنَّ للسامع أن يقولها ، وكلمة الحيعلة دعاء إلى الصلاة لمن سمعه ، فَسَنَّ للسامع أن يَسْتَعِينَ على هذه الدعوة بكلمة الإعانة وهِيَ لا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بالله العلي العظيم ، 🔸️الثاني : أن يقول ( وأَنَا أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ رَضِيتُ باللهِ رَبِّاً ، وبالإسلام دِيناً ، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً ، وأَخْبَرَ أَنَّ مَنْ قَالَ ذلِكَ غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ ) ، 🔸️ الثالث : أن يُصلِّيَ على النبي ﷺ بعد فراغه من إجابة المؤذن ، وأَكْمَلُ ما يُصلى عليه به ويصل إليه ، هي الصلاة الإبراهيمية كما علم أمته أن يُصلُّوا عليه ، فلا صلاة عليه أكمل منها وإن تحذلق المتحذلقون ، 🔸️الرابع : أن يقولُ بعد صلاته عليه ( اللَّهُمَّ رَبَّ هذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ ، والصَّلاةِ القَائِمَةِ ، آتِ مُحَمَّداً الوَسِيلَةَ والفَضِيلَةَ ، وابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً الذي وَعَدْتَهُ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ المِيعَادَ ) ، هكذا جاء بهذا اللفظ مقاماً محموداً بلا ألف ولا لام ، وهكذا صح عنه ﷺ ، 🔸️ الخامس : أن يدعو لنفسه بعد ذلك ، ويسأل الله من فضله ، فإنه يُسْتَجَاب له ، كما في السنن عنه ﷺ ( قُلْ كَمَا يَقُولُونَ يَعْنِي المُؤذنين ، فَإِذَا انْتَهَيْتَ فَسَلْ تُعْطَة ) ، وفي السنن عنه ﷺ الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بينَ الْأَذَانِ والإقامة ، قالوا : فما نقول يا رسول الله؟ قال : ( سَلُوا الله العَافِيةَ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) ، وفيها عنه ﷺ ( سَاعَتَانِ يَفْتَحُ اللَّهُ فِيهِمَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ ، وقلَّمَا تُرَدُّ عَلَى دَاعٍ دَعْوتُه : عِنْدَ حُضُورِ النّدَاءِ ، والصَّفٌ في سَبيلِ اللَّهِ ) . ❝
❞ كان ﷺ إذا خطب ، احمرت عيناه وعلا صوتُه واشتد غضبه حتى كأَنَّه منذرُ جيش ، يقول(صَبَّحَكُمْ ومساكم ) ويقول ( بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ ، وَيَقْرُنُ بَيْنَ أَصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى ) ويقول ( أَمَّا بَعْدُ ، فإِنَّ خَيْرَ الحَدِيثِ كِتَابُ الله ، وَخَيْرَ الهذي هَدْيُ مُحَمَّدٍ ، وَشَرَّ الأمُورِ مُحْدَثَاتُها ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ ) ثم يقولُ ( أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ ، مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلَأَهْلِهِ ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنَا أَوْ ضَيَاعاً ، فإليَّ وعلى) رواه مسلم. وفي لفظ : كانت خُطبة النبي ﷺ يَوْمَ الجُمُعَةِ ، يَحْمَدُ اللهِ ويُثْنِي عَلَيْهِ ، ثُمَّ يَقُولُ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ وَقَدْ عَلَا صَوْتُهُ فَذَكَرُه . وفي لفظ : يَحْمَدُ الله وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُه ، ثُمَّ يَقُولُ ( مَنْ يَهْدِ اللَّهُ ، فَلا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ ، فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَخَيْرُ الحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ ) . وفي لفظ للنسائي ، وكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ، وَكُلِّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ . وكان يقول في خطبته بعد التحميد والثناء والتشهد ( أَمَّا بَعْدُ ) . وكان يُقصِّرُ الخُطبة ، ويُطيل الصلاة ، ويُكثر الذكر ، ويقصد الكلمات الجوامع ، وكان يقول ( إِنَّ طُولَ صَلاةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ ، مَيْئَةٌ مِنْ فِقْهه) . وكان يُعَلِّمُ أصحابه في خُطبته قواعِدَ الإسلام ، وشرائعه ، ويأمرهم ، وينهاهم في خطبته إذا عَرَض له أمر أو نهي كما أمر الداخل وهو يخطب أن يصلي ركعتين ، ونهى المتخطي رقاب الناس عن ذلك ، وأمره بالجلوس ، وكان يقطع خطبته للحاجة تعْرِضُ ، أو السؤالِ مِنْ أَحَدٍ أصحابه فيجيبه ، ثم يعود إلى خُطبته فيتمها ، وكان ربما نزل عن المنبر للحاجة ، ثم يعودُ فَيُتِمُّها ، كما نزل لأخذ الحسن والحسين رضي الله عنهما فأخذهما ، ثم رَقِيَ بهما المنبر فأتم خطبته ، وكان يدعو الرجل في خطبته تعال يا فلان اجلس يا فلان صل يا فلان ، وكان يأمرهم بمقتضى الحال في خطبته ، فإذا رأى منهم ذا فاقة وحاجة ، أمرهم بالصدقة ، وحضهم عليها ، وكان يُشير بأصبعه السَّبَّابَة في خطبته عند ذكر الله تعالى ودعائه ، وكان يستسقي بهم إذا قَحَطَ المطرُ في خُطبته ، وكان يُمهِلُ يوم الجمعة حتى يجتمعَ الناسُ ، فإذا اجتمعوا ، خرج إليهم وحده من غير شاويش يصيح بين يديه ولا لبس طيلسان ، ولا طرحة ، ولا سواد ، فإذا دخل المسجد ، سلَّم عليهم ، فإذا صعد المنبر ، استقبل الناس بوجهه ، وسلَّم عليهم ، ولم يدع مستقبل القبلة ، ثم يجلس ويأخذ بلال في الأذان ، فإذا فرغ ، قام النبي ، فخطب من غير فصل بين الأذان والخطبة ، لا بإيراد خبر ولا منه ولا غيره ، ولم يكن يأخذ بيده سيفاً ولا غيره ، وإنما كان يعتمد على قوس أو عصاً قبل أن يتَّخذ المنبر ، وكان في الحرب يعتمد على قوس وفي الجمعة يعتمد على عصا . ❝