█ ❞ ألا إنما الناس صُور الفكر وصور القلب فمن لم نر فيه صورة من أفكارنا التي نلتمسها أو أهوائنا نحبها فذلك ليس منا ولسنا منه وإن سمي أخاً لغة النفاق دُعي حبيباً المجاملة بل هو مخلوق ليكون النموذج الذي نتعلم عليه البغض إن كان متصلاً بنا التسامح بعيداً عنا ولم تتصل ولا أخبارُه ❝ ⏤ مصطفى صادق الرافعي كتاب السحاب الأحمر _ مصطفي مجاناً PDF اونلاين 2024 "السحاب الأحمر" يجمع بين جمال الكلمة ورنين العبارة بلغة الماضي الصافية كالحق المنزهة عن الريب كالواقع يعبر كاتبه مشاعره وأحاسيسه صفحات كتابه مرآة نفسه بقلم يئن يديه وكلامٍ يَحنّ لديه الكتاب –وهو تسعة فصول بمضمونه العام مجموعة مقالات المرأة وحبها وبغضها ولؤمها ولكن بعض هذه المقالات اتخذ صفة الحكاية القصصية وبعضها تأملات وخواطر الحب والمرأة عدّه بعضهم تكملة لكتاب رسائل الأحزان بينما رأى كتابا مختلفا لا يكمل الأول لكني أرى تتمة للحديث كما الرسائل حتى أن رحمه الله يقول مقدمة الطبعة الأولى لكتابه الأحمر: لما كتبت فلسفة الجمال والحب كنت تدبيره والرأي كمن يؤرخ عهدا شبابه بعد رقّت سنّه وذهب يقينه الدنيا يبق إلا ظنه فهو يكتب والكلام يحن والقلم وكل وصف جاء به الشباب قال رحمة عليه! (تم الاختصار لطول المقدمة) كنت أستوحي تلك النفس طارت بي طيرتها البطيء وقوعها فإني لأستعر بها فكرا واشتعل منها خيالا وكنت لأرى الفصول تخلص يدي حين اكتبها سبائك الذهب بعناصرها بالصناعة وكأن هذا القلم كالحديد إذا أحْمـِـي ليست يد لمسته أيدي المعاني وضع فيها سمة النار ثم الكتاب وما أكاد أصدق الزمن مرّ تم قبل يُتم القمر دورة شهر واحد فنبهني ذلك إلى استوفي الكلام استمدادا أرواح أخرى فوضعت ختام المقدمة: والناس أصناف فواحد يجاهد زلات قد وقعت وهو المحب الآثم وآخر شهوات تهمّ تقع المُمتحن وثالث أمن وهذه وإنما خطرات ليحب فقط ورابع كالقرابة والصديق عجز يجدوا لغاتهم لفظا يلبس العاطفة فيهم فألحقوها بأدنى الأشياء إليها المعنى وعلى الثالث وحده بنيت وعلى الرأي الباقيات كسرت
❞ والناس في هذا الحب أصناف فواحد يجاهد زلات قد وقعت وهو المحب الآثم..
وآخر يجاهد شهوات تهمّ أن تقع وهو المحب المُمتحن..
وثالث أمن هذه وهذه وإنما يجاهد خطرات الفكر وهو المحب ليحب فقط..
ورابع كالقرابة والصديق عجز الناس أن يجدوا في لغاتهم لفظا يلبس هذه العاطفة فيهم فألحقوها بأدنى الأشياء إليها في المعنى وهو الحب . ❝
❞ لا أريد بالصديق ذلك القرين الذي يصحبك كما يصحبك الشيطان : لا خير لك إلا في معاداته ومخالفته ، ولا ذلك الرفيق الذي يتصنع لك ويسامحك متى كان فيك طعم العسل ؛ لأن فيه فيه روح ذبابة ، ولا ذلك الحبيب الذي يكون لك في هم الحب كأنه وطن جديد وقد نفيت إليه نفي المبعدين ، ولا ذلك الصاحب الذي يكون كجلدة الوجه : تحمر وتصفر لأن الصحة والمرض يتعاقبان عليها ، فكل أولئك الأصدقاء لا تراهم أبداً إلى على أطراف مصائبك ، كأنهم هناك حدود تعرف بها أين تبتدئ المصيبة لا من أين تبتدئ الصداقة .
ولكن الصديق هو الذي إذا حضر رأيت كيف تظهر لك نفسك لتتأمل فيها ، وإذا غاب أحسست أن جزءاً منك ليس فيك ، فسائرك يحن إليه ، فإذا أصبح من ماضيك بعد أن كان من حاضرك ، وإذا تحول عنك ليصلك بغير المحدود كما وصلك بالمحدود ، وإذا مات .. يومئذٍ لا تقول : إنه مات لك ميت ، بل مات فيك ميت ؛ ذلك هو الصديق . ❝