█ هديه ﷺ الجنائز : كان أكمل الهدي مخالفاً لهدي سائر الأمم مشتملاً الإحسان إلى الميت ومعاملته بما ينفعه قبره ويوم معاده وعلى أهله وأقاربه وكان من إقامة العبودية للرب تبارك وتعالى الأحوال والإحسان وتجهيزه الله أحسن أحواله وأفضلها ووقوفه ووقوف أصحابه صفوفاً يحمدون ويستغفرون له ويسألون المغفرة والرحمة والتجاوز عنه ثم المشي بين يديه أن يودعوه حفرته يقوم هو وأصحابه سائلين التثبيت أحوج ما كان إليه يتعاهده بالزيارة والسلام عليه والدعاء كما يتعاهد الحي صاحبه دار الدنيا فأول ذلك تعاهده مرضه وتذكيره الآخرة وأمره بالوصية والتوبة وأمر حضره بتلقينه شهادة لا إله إلا لتكون آخر كلامه النهي عن عادة التي تؤمِنُ بالبعث والنشور مِن لطم الخُدُود وشق الثياب وحلق الرؤوس ورفع الصوت بالندب والنياحة وتوابع وسَنَّ الخشوع للميت والبكاء الذي صوت معه وحُزْنَ القلب يفعل ويقول ( تَدْمَعُ العَيْنُ وَيَحْزَنُ القَلْبُ وَلَا نَقُولُ يُرضِي الرَّبِّ ) لأمته الحمد والاسترجاع والرضى كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن معيشته وعباداته لأصحابه وأعدائه وقد ألف هذا الكتب أثناء السفر ولم تكن أية مصادر ينقل منها يحتاج أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع يخصه مع العلم القيم يحفظ مسند الإمام أحمد بن حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ وكان مِنبَر الرسول ﷺ ثلاث درجات ، وكان قبل اتخاذه يخطب إلى جذع يستند إليه ، فلما تحوّل إلى المنبر ، حنَّ الجِذْعُ حنيناً سمعه أهل المسجد ، فنزل إليه وضمَّه ، قال أنس : حنَّ لما فقد ما كان يسمع من الوحي ، وفقده التصاق النبي ﷺ ، ولم يُوضع المنبر في وسط المسجد ، وإنما وضع في جانبه الغربي قريباً من الحائط ، وكان بينه وبين الحائط قدر ممر الشاة ، وكان إذا جلس عليه النبي ﷺ في غير الجمعة ، أو خطب قائماً في الجمعة ، استدار أصحابه إليه بوجوههم ، وكان وجهه ﷺ قِبَلِهم في وقت الخطبة ، وكان يقوم فيخطب ، ثم يجلس جلسة خفيفة ، ثم يقوم ، فيخطب الثانية ، فإذا فرغ منها ، أخذ بلال في الإقامة ، وكان يأمر الناس بالدنو منه ويأمرهم بالإنصات ، ويُخبرهم أن الرجل إذا قَالَ لِصاحبه : أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَا . ويقول : مَنْ لَغَا فَلاَ جُمُعَة لَهُ . وكان يقول : مَنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ الجُمُعَة والإمامُ يَخْطُبُ ، فَهُوَ كَمَثَلُ الحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ، والَّذِي يَقُول لَه : انْصِتُ لَيْسَتْ لَهُ جُمُعَة . وكان ﷺ إذا صلى الجمعة دخل إلى منزله فصلى ركعتين سُنتها ، وأمر مَنْ صلاها أن يُصلي بعدها أربعاً . قال شيخنا أبو العباس ابن تيمية : إن صلى في المسجد صلى أربعاً ، وإن صلى في بيته ، صلى ركعتين . قلتُ : وعلى هذا تدل الأحاديث ، وقد ذكر أبو داود عن ابن عمر أنه كان إذا صلَّى في المسجد ، صلى أربعاً ، وإذا صلى في بيته ، صلى ركعتين
وفي الصحيحين عن ابن عمر أن النبي ، كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته ، وفي صحيح مسلم ، عن أبي هريرة ، عن النبي ﷺ ، ( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الجُمُعَةِ ، فَلْيُصَلُ بَعْدَهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ) . والله أعلم . ❝
❞ وفي الإشارة إلى بعض الحِكَم التي تضمنتها هذه الهدنة ˝ الحُديبية ˝ ، وهي أكبر وأجَلُ مِن أن يُحيط بها إلَّا الله الذي أحكم أسبابها ، فوقعت الغاية على الوجه الذي اقتضته حكمته وحمده🔹️فمنها : أنها كانت مُقَدِّمةً بين يدي الفتح الأعظم الذي أعِزَّ الله به رسوله ﷺ وجنده، ودخل الناس به في دين الله أفواجاً ، فكانت هذه الهدنة باباً له ومفتاحاً ومؤذناً بين يديه ، وهذه عادة الله سبحانه في الأمور العظام التي يقضيها قدراً وشرعاً ، أن يُوطى لها بين يديها مقدمات وتوطنات تُؤذِنُ بها وتدل عليها شاء من ما🔹️ومنها : أن هذه الهدنة كانت من أعظم الفتوح ، فإن الناسَ أمِنَ بعضُهم بعضاً واختلط المسلمون بالكفار وبادؤوهم بالدعوة وأسمعوهم القُرآن وناظرُوهم على الإسلام جَهرةً آمنين وظهر من كان مختفياً بالإسلام ، ودخل فيه في مدة الهدنة من شاء الله أن يدخل ، ولهذا سماه الله فتحاً مبيناً🔹️وحقيقة الأمر : أن الفتح - في اللغة ـ فتح المغلق ، والصلح الذي حصل مع المشركين بالحديبية كان مسدوداً مغلقاً حتى فتحه الله ، وكان من أسباب فتحه صد رسول الله ﷺ وأصحابه عن البيت ، وكان في الصورة الظاهرة ضيماً وهَضماً للمسلمين ، وفي الباطن عزّا وفتحاً ونصراً ، وكان رسول الله ﷺ ينظر إلى ما وراءه من الفتح العظيم والعزّ والنصر من وراء ستر رقيق ، وكان يُعطي المشركين كل ما سألوه من الشروط التي لم يحتملها أكثر أصحابه ورؤوسهم ، وهو لا يعلم ما في ضمن هذا المكروه من محبوب { وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ } ، وَرُبَّمَا كَانَ مَكْرُوهُ النُّفُوسِ إِلَى مَحْبُوبِهَا سَبَبَاً مَا مِثْلُه سَبَبُ ، فكان يَدْخُلُ ﷺ على تلك الشروط دخول واثق بنصر الله له وتأييده وأن العاقبة له ، وأن تلك الشروط واحتمالها هو عين النصرة ، وهو من أكبر الجند الذي أقامه المشترطون ، ونصبوه لحربهم ، وهم لا يشعرون ، فذلوا من حيث طلبوا العز ، وقُهِرُوا من حيث أظهروا القدرة والفخر والغلبة ، وعز رسولُ الله ﷺ وعساكر الإسلام من حيث انكسروا لله ، واحتملوا الضيم له وفيه فدار الدور وانعكس الأمر وانقلب العز بالباطل ذُلَّا بحق ، وإنقلبت الكسرة لله عزاً بالله ، وظهرت حكمة الله وآياته ، وتصديق وعده ونصرة رسوله ﷺ على أتم الوجوه وأكملها التي لا اقتراح للعقول وراءها . ❝
❞ وذكر ابن سعد عن شيبة بن عُثمان الحَجَبي ، قال : لما كان عام الفتح ، دخل رسول الله ﷺ مكة عِنوة ، فقلت لنفسي أسير مع قريش إلى هوازن بحُنين ، فعسى إن إختلطوا أن أصيب من محمد غِرَّةً ، فأثار منه ، فأكون أنا الذي قمتُ بثأر قريش كُلِّها ، وأقولُ : لو لم يبقَ مِن العرب والعجم أحد إلا اتبع محمداً ، ما تبعته أبداً ، وكنت مُرْصداً لِمّا خرجتُ له لا يزداد الأمر في نفسي إلا قوة ، فلما إختلط الناس في حُنين ، اقتحم رسول الله ﷺ عن بغلته ، فأصلت السيف ، فدنوت أريدُ ما أريد منه ، ورفعت سيفي حتى كدتُ أشعره إياه ، فرُفِعَ لي شُواظٌ من نار كالبرق كاد يمحشني ، فوضعت يدي على بصري خوفاً عليه ، فالتفت إلي رسول الله ﷺ ، فناداني ( يَا شَيْبُ ادْنُ مِنِّي ) ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ ، فَمَسَحَ صَدْرِي ، ثم قال ( اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنَ الشَّيْطَانِ ) ، قال : فوالله لهو كان ساعتَئِذٍ أحِبَّ إِلَيَّ مِنْ سمعي ، وبصري ، ونفسي ، وأذهب الله ما كان في نفسي ، ثم قال ﷺ ( ادنُ فقاتل ) ، فتقدمت أمامه أضرب بسيفي ، الله يعلم أني أحب أن أقيه بنفسي كُل شيء ، ولو لقيتُ تلك الساعة أبي لو كان حياً لأوقعت به السيف ، فجعلت ألزمه فيمن لزمه حتى تراجع المسلمون فكروا كرة رجل واحد ، وقُرِّبَتْ بغلة رسول الله ، فاستوى عليها ، وخرج في أثرهم حتى تفرقوا في كُلِّ وجه ، ورجع إلى معسكره ، فدخل خباءه ، فدخلت عليه ، ما دخل عليه أحد غيري حباً لرؤية وجهه ﷺ ، وسروراً به ، فقال ﷺ ( يا شَيْبُ الذي أراد اللهُ بكَ خَيْرٌ مِمَّا أَرَدْتَ لِنَفْسِكَ ) ، ثم حدثني بكل ما أضمرت في نفسي ما لم أكن أذكره لأحد قط ، قال : فقلت : فإني أشهد أن لا إله إلَّا اللَّهُ ، وأنكَ رسول الله ، ثم قلت: استغفر لي يارسول الله ، فقال ﷺ ( غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ) . ❝