█ والإرادةُ أصلُ كلِّ فعلٍ ومبدؤه فلا يكونُ الفعلُ إلّا عن محبّةٍ وإرادة حتى دفعه للأمورِ التي يبغضُها ويكرهُها فإنّما يدفعُها بإرادتِهِ ومحبّتهِ لأضدادِها واللذّةِ يجدُها بالدفعِ كما يُقال شفى غيظَه وشفى صدرَه والشفاءُ والعافيةُ للمحبوبِ وإن كانَ كريهًا مثل شربِ الدّواءِ الذي يُدفعُ بهِ ألمُ المَرَض فإنّهُ مكروهًا من وجهٍ فهو محبوبٌ لما فيهِ زوالِ المكروهِ وحصولِ المَحبوب وكذلك فعلُ الأشياءِ المُخالِفَةِ للهَوى فإنّها وإنْ كانت مكروهةً تُفعَلُ لمحبّةٍ لم تَكُن محبوبةً لنفسِها مستلزَمَةٌ نفسه كتاب روضة المحبين ونزهة المشتاقين مجاناً PDF اونلاين 2024 هو تأليف الشيخ ابن قيم الجوزية موضوع الكتاب الحب وتجمع الأحاديث والآثار هذا الباب وقد جعله المؤلف تسعة وعشرين بابا وقدم لها بمقدمة جيدة ذكر فيها الغرض ومنهجه فيه وسرد أبوابه ووصفه بقوله : ( يصلح لسائر طبقات الناس فانه عونا الدين وعلى الدنيا ومرقاة للذة العاجلة ولذة العقبى وفيه أقسام المحبة حكامها ومتعلقاتها وصحيحها وفاسدها وافا تها وغوائلها سبابها وموانعها وما يناسب ذلك نكت تفسيرية وأحاديث نبوية ومسائل فقهية وآثار سلفية وشواهد شعرية ووقائع كونية ما يكون ممتعا لقارئه مروحا للناظر فمان شاء أوسعه جدا وأعطاه ترغيبا وترهيبا أخذ هزله وملحه نصيبا فتارة يضحكه وتارة يبكيه وطوراً يبعده أسباب اللذة الفانية يرغبه ويدنيه فان شئت وجدته واعظاً ناصحاً بنصيبك والشهوة ووصل الحبيب مسامحاً) تاريخ تأليفه لم يذكر القيم مؤلفاتهِ الأخرى ولعله ألفهُ أواخر حياته
❞ التناسب الذي بين الأرواح من أقوى أسباب المحبة ، فكل امرىء يصبو إلى ما يناسبه ، وهذه المناسبة نوعان : أصلية من أصل الخلقة . وعارضة بسبب المجاورة أو الاشتراك في أمر من الأمور . فإن من ناسب قصدُك قصدَه حصل التوافق بين روحك وروحه ، فإذا اختلف القصد زال التوافق . فأما التناسب الأصلي فهو اتفاق أخلاق ، وتشاكل أرواح ، وشوق كل نفس إلى مشاكلها ، فإن شبه الشيء ينجذب إليه بالطبع ، فتكون الروحان متشاكلتين في أصل الخلقة ، فتنجذب إليه بالطبع . وهذا الذي حمل بعض الناس على أن قال : إن العشق لا يقف على الحسن والجمال ، ولا يلزم من عدمه عدمه ، وإنما هو تشاكل النفوس وتمازجها في الطباع المخلوقة ، كما قيل : وما الحب من حسن ولا من ملاحة ... ولكنه شيء به الروح تكلف فحقيقته أنه مرآة يبصر فيها المحب طباعه ورقته في صورة محبوبة ، ففي الحقيقة لم يحب إلا نفسه وطباعه ومُشاكله . ❝