حوار مع صديقي الملحد صديقي رجل يحب الجدل ويهوى... 💬 أقوال مصطفى محمود 📖 كتاب حوار مع صديقي الملحد

- 📖 من ❞ كتاب حوار مع صديقي الملحد ❝ مصطفى محمود 📖

█ حوار مع صديقي الملحد صديقي رجل يحب الجدل ويهوى الكلام وهو يعتقد أننا – نحن المؤمنين السذج نقتات بالأوهام ونضحك أنفسنا بالجنة والحور العين وتفوتنا لذات الدنيا ومفاتنها وصديقي بهذه المناسبة تخرج فرنسا وحصل دكتوراه وعاش الهيبز وأصبح ينكر كل شيء قال لي ساخراً: أنتم تقولون : إن الله موجود وعمدة براهينكم هو قانون السببية الذي ينص أن لكل صنعة صانعاً ولكل خلق خالقاً وجود موجدا النسيج يدل النسّاج والرسم الرسّام والنقش النقّاش والكون بهذا المنطق أبلغ دليل الإله القدير خلقه صدّقنا وآمنّا الخالق ألا يحق لنا بنفس نسأل ومن من تحدثوننا عنه تقودنا نفس استدلالاتكم إلى هذا وتبعاً لنفس ما رأيكم المطب دام فضلكم ؟ ونحن نقول له سؤالك فاسد ولا مطب حاجة فأنت تسلّم بأن خالق ثم تقول مَن ؟! فتجعل منه ومخلوقا ًفي الجملة وهذا تناقض والوجه الآخر لفساد السؤال أنك تتصور خضوع لقوانين مخلوقاته فالسببية قانوننا أبناء الزمان والمكان والله بالضرورة فوق يصح نتصوره مقيداً كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024 رد أسئله لملحدين الدين الإسلامي رائع بالدلائل والأمثله يجيب عن تساؤلات عقلنا فترة نمر بها ويرد الآخرين الماديين صديقى المؤمنون بالاوهام والحوار وصديقى الهيبيز تاريخ آخر لا تقل كعادتك أنا مخيـَّر فليس هناك فرية أكبر هذه الفرية ودعني أسألك هل خُـيّرتُ ميلادي وجنسي وطولي وعرضي ولوني ووطني ؟ هل باختياري تشرق الشمس ويغرب القمر ينزل عليَّ القضاء ويفاجئني الموت وأقع المأساة فلا أجد مخرجاً إلا الجريمة لماذا يُكرهني فعل يؤاخذني عليه ؟ وإذا قلت إنك حر وإن لك مشيئة جوار تشرك وتقع القول بتعدد المشيئات ؟ ثم قولك حكم البيئة والظروف وفي الحتميات التي يقول الماديون التاريخيون ؟ أطلق صاحبي الرصاصات راح يتنفس الصعداء راحة وقد تصوَّر أني توفيت وانتهيت ولم يبق أمامه استحضار الكفن قلت هدوء أنت واقع عدة مغالطات فأفعالك معلومة عند كتابه ولكنها ليست مقدورة عليك بالإكراه إنها مقدَّرة علمه فقط كما تقدِّر أنت بعلمك ابنك سوف يزني يحدث بالفعل فهل أكرهته أو كان تقديراً العلم أصاب علمك أما كلامك الحرية بأنها وتدليلك ذلك بأنك لم تخيَّر ميلادك جنسك طولك لونك موطنك وأنك لا تملك نقل مكانها تخليط وسبب التخليط المرة تتصوَّر بالطريقة غير تلك نتصورها المؤمنين أنت تتكلم حرية مطلقة فتقول أكنت أستطيع أخلق نفسي أبيض أسود طويلا قصيراً بإمكاني أنقل أوقفها مدارها أين حريتي ؟ ونحن تسأل التصرف الكون وهذه ملك لله وحده أيضاً { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ } 68 سورة القصص ليس لأحد الخيرة مسألة الخلق لأن يخلق يشاء ويختار ولن يحاسبك قِصَرك ولن يعاتبك يعاقبك لأنك توقف ولكن مجال المساءلة التكليف وأنت المجال هي الحدود نتكلم فيها تقمع شهوتك وتلجم غضبك وتقاوم نفسك وتزجر نياتك الشريرة وتشجع ميولك الخيرة أنت تستطيع تجود بمالك ونفسك تصدق وأن تكذب وتستطيع تكف يدك المال الحرام بصرك عورات تمسك لسانك السباب والغيبة والنميمة في أحرار وفي نُحاسَب ونُسأل الحرية يدور حولها البحث النسبية وليست المطلقة الإنسان التكليف وهذه حقيقة ودليلنا عليها شعورنا الفطري داخلنا فنحن نشعر بالمسئولية وبالندم الخطأ وبالراحة للعمل الطيب ونحن لحظة نختار ونوازن بين احتمالات متعددة بل وظيفة الأولى الترجيح والاختيار البديلات ونحن نفرق بشكل واضح وحاسم يدنا وهي ترتعش بالحمى ويدنا تكتب خطاباً فنقول حركة جبرية قهرية والحركة الثانية حرة اختيارية ولو كنا مسيرين الحالتين لما استطعنا التفرقة ويؤكد به استحالة إكراه القلب يرضاه تحت أي ضغط فيمكنك تُكره امرأة بالتهديد والضرب تخلع ثيابها ولكنك بأي تهديد تجعلها تحبك قلبها ومعنى أعتق قلوبنا صنوف الإكراه والإجبار وأنه فطرها ولهذا جعل والنية عمدة الأحكام فالمؤمن ينطق بعبارة الشرك والكفر التهديد والتعذيب يحاسب طالما قلبه الداخل مطمئن بالإيمان استثناه المؤاخذة قوله تعالى: إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ٌ} 106 النحل والوجه الخلط المسألة بعض الناس يفهم علو المشيئة وانفراد بالأمر فيتهم القائلين بالحرية بأنهم أشركوا بالله وجعلوا أنداداً يأمرون كأمره ويحكمون كحكمه فهمته فقلت فهم خاطئ فالحرية الإنسانية تعلو الإلهية إن قد يفعل بحريته ينافي الرضا الإلهي ولكنه يستطيع الله أعطانا نعلو رضاه "فنعصيه" يعط أحداً يعلو مشيئته وهنا وجه وجوه نسبية وكل منا داخل وضمنها خالف وجانب الشريعة وحريتنا ذاتها كانت منحة إلهية وهبة منحها باختياره نأخذها كرهاً غصباً إن حريتنا عين ومن هنا معنى الآية {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلا أَن اللَّهُ 30 الإنسان لأن مشيئتنا ضمن ومنحة كرمه وفضله فهي إرادته ثنائية منافسة لأمر وحكمه والقول المعنى التوحيد يجعل يحكمون ويأمرون فإن حرياتنا أمره ومشيئته والوجه الثالث للخلط تناولوا والقدر والتسيير والتخيير فهموا بأنه للإنسان طبعه وطبيعته خطأ وقعت فيه نفى نفسه بآيات صريحة {إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} 4 الشعراء والمعنى أنه الممكن نُكره الإيمان بالآيات الملزمة ولكننا نفعل لأنه ليس سنتنا { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ 256 البقرة { وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ 99 يونس ليس سُنة والقضاء يُفهم للناس طبائعهم وإنما العكس يقضي إنسان جنس نيته ويشاء ويريد تسيير تخيير العبد يسيِّر امرئ هوى وعلى مقتضى نياته يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ حَرْثِهِ وَمَن الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا 20 الشورى { قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً 10 البقرة { وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى 17 محمد وهو يخاطب الأسرى القرآن إِن يَعْلَمِ قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ 70 الأنفال الله ويقدِّر ويجري قضاءه وقدره النية والقلب شراً فشر خيراً فخير ومعنى التسيير التخيير الله يسيِّرنا اخترناه بقلوبنا ونياتنا ظلم جبر قهر طبائعنا { فَأَمَّا أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ لِلْعُسْرَى 5 الليل { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى الأنفال هنا تلتقي رمية والرمية المقدَّرة الرب فتكون واحدة مفتاح لغز التمكين فخير فشر والحرية مقداراً ثابتاً قدرة قابلة للزيادة الإنسان يزيد حريته بالعلم باختراع الوسائل والأدوات والمواصلات استطاع يطوي الأرض ويهزم المسافات ويخترق قيود وبدراسة قوانين يتحكم ويسخرها لخدمته وعرف كيف يهزم الحر والبرد والظلام وبذلك يضاعف حرياته الفعل العلم وسيلة كسر القيود والأغلال وإطلاق أما الوسيلة فكانت الاستمداد بالتقرب والأخذ بالوحي والتلقي والتأييد الأنبياء دربهم سخّر سليمان الجن وركب الريح وكلّم الطير بمعونة ومدده وشق موسى البحر وأحيا المسيح الموتى ومشى الماء وأبرأ الأكمه والأبرص والأعمى ونقرأ الأولياء أصحاب الكرامات الذين تُطوى لهم وتكشف المغيبات وهي درجات اكتسبوها بالاجتهاد العبادة والتقرب والتحبب إليه فأفاض عليهم المكنون إنه مرة أخرى ولكنه "اللدني" ولهذا يُلخص أبو حامد الغزالي مشكلة المخيَّر والمسيَّر قائلاً كلمتين الإنسان مخيَّر فيما يعلم مسيَّر وهو يعني كلما اتسع سواء المقصود الموضوعي اللدنِّي ويخطئ المفكرون أشد حينما يتصورون أسير التاريخية والطبقية ويجعلون حلقة سلسلة الحلقات فكاك مهرب الخضوع الاقتصاد وحركة المجتمع كأنما قشة تيار بلا ذراعين وبلا إرادة والكلمة يرددونها يتعبون ترديدها وكأنها "حتمية الصراع الطبقي" كلمة خاطئة التحليل العلمي حتميات الإنساني الأكثر ترجيحات واحتمالات الفرق وبين التروس والآلات والأجسام المادية فيمكن التنبوء بخسوف بالدقيقة والثانية ويمكن التنبؤ بحركاتها المستقبلة مدى أيام وسنين أما يمكن أحد ماذا يُضمر وماذا يُخبئ غداً بعد غد معرفة سبيل الاحتمال والترجيح والتخمين وذلك فرض توفر المعلومات الكافية للحكم وقد أخطأت جميع تنبؤات كارل ماركس فلم تبدأ الشيوعية بلد متقدم تنبأ متخلف يتفاقم الرأسمالية والشيوعية تقارب الاثنان حالة التعايش السلمي وأكثر فتحت البلاد أبوابها لرأس الأمريكي تتصاعد التناقضات الرأسمالي الإفلاس توقعه ازدهر ووقع الشقاق والخلاف أطراف المعسكر الاشتراكي ذاته أخطأت حسابات جميعها دالة بذلك منهجه الحتمي ورأينا صراع العصر يحرك التاريخ اللاطبقي الصين وروسيا وليس الطبقي جعله عنوان وكلها شواهد فشل الفكر المادي والتاريخ وتخبطه حساب المستقبل وجاء نتيجة جوهري ذبابة شبكة ونسي تماماً أنّ أمّا كلام والمجتمع يعيش تتحرك فراغ نقول ردّاً كمقاومات للحرية الفردية إنما يؤكد الجدلي لهذه ينفيه تؤكد ّ مقاومة تزحزحها أما إذا يتحرك فراغ نوع فإنه يكون حراً بالمعنى المفهوم لن تكون عقبة يتغلب ويؤكد خلالها

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
❞ حوار مع صديقي الملحد

صديقي رجل يحب الجدل ويهوى الكلام.. وهو يعتقد أننا – نحن المؤمنين السذج – نقتات بالأوهام ونضحك على أنفسنا بالجنة والحور العين وتفوتنا لذات الدنيا ومفاتنها .. وصديقي بهذه المناسبة تخرج في فرنسا وحصل على دكتوراه .. وعاش مع الهيبز وأصبح ينكر كل شيء.



قال لي ساخراً: أنتم تقولون : إن الله موجود .. وعمدة براهينكم هو قانون "السببية" الذي ينص على أن لكل صنعة صانعاً.. ولكل خلق خالقاً .. ولكل وجود موجدا .. النسيج يدل على النسّاج .. والرسم يدل على الرسّام .. والنقش يدل على النقّاش .. والكون بهذا المنطق أبلغ دليل على الإله القدير الذي خلقه ..



صدّقنا وآمنّا بهذا الخالق .. ألا يحق لنا بنفس المنطق أن نسأل .. ومن خلق الخالق .. من خلق الله الذي تحدثوننا عنه .. ألا تقودنا نفس استدلالاتكم إلى هذا .. وتبعاً لنفس قانون السببية .. ما رأيكم في هذا المطب دام فضلكم ؟

ونحن نقول له : سؤالك فاسد .. ولا مطب ولا حاجة فأنت تسلّم بأن الله خالق ثم تقول مَن خلقه ؟! فتجعل منه خالقاً ومخلوقا ًفي نفس الجملة وهذا تناقض..

والوجه الآخر لفساد السؤال أنك تتصور خضوع الخالق لقوانين مخلوقاته .. فالسببية قانوننا نحن أبناء الزمان والمكان .

والله الذي خلق الزمان والمكان هو بالضرورة فوق الزمان والمكان ولا يصح لنا أن نتصوره مقيداً بالزمان والمكان .. ولا بقوانين الزمان والمكان .

والله هو الذي خلق قانون السببية .. فلا يجوز أن نتصوره خاضعاً لقانون السببية الذي خلقه .

وأنت بهذه السفسطة أشبه بالعرائس التي تتحرك بزمبلك .. وتتصور أن الإنسان الذي صنعها لا بد هو الآخر يتحرك بزمبلك .. فإذا قلنا لها بل هو يتحرك من تلقاء نفسه .. قالت : مستحيل أن يتحرك شيء من تلقاء نفسه .. إني أرى في عالمي كل شيء يتحرك بزمبلك .

وأنت بالمثل لا تتصور أن الله موجود بذاته بدون موجد .. لمجرد أنك ترى كل شيء حولك في حاجة إلى موجد .

وأنت كمن يظن أن الله محتاج إلى براشوت لينزل على البشر ومحتاج إلى أتوبيس سريع ليصل إلى أنبيائه.. سبحانه وتعالى عن هذه الأوصاف علوّاً كبيراً ..



"وعمانويل كانت" الفيلسوف الألماني في كتابه "نقد العقل الخالص" أدرك أن العقل لا يستطيع أن يحيط بكنه الأشياء وأنه مُهيّأ بطبيعته لإدراك الجزئيات والظواهر فقط .. في حين أنه عاجز عن إدراك الماهيات المجردة مثل الوجود الإلهي .. وإنما عرفنا الله بالضمير وليس بالعقل .. شوقنا إلى العدل كان دليلنا على وجود العادل .. كما أن ظمأنا إلى الماء هو دليلنا على وجود الماء ..



أما أرسطو فقد استطرد في تسلسل الأسباب قائلاً : إن الكرسي من الخشب والخشب من الشجرة .. والشجرة من البذرة .. والبذرة من الزارع .. واضطر إلى القول بأن هذا الاستطراد المتسلسل في الزمن اللانهائي لابد أن ينتهي بنا في البدء الأول إلى سبب في غير حاجة إلى سبب .. سبب أول أو محرك أول في غير حاجة إلى من يحركه .. خالق في غير حاجة إلى خالق .. وهو نفس ما نقوله عن الله .



أما ابن عربي فكان رده على هذا السؤال "سؤال مَنْ خلق الخالق".. بأنه سؤال لا يرد إلا على عقل فاسد.. فالله هو الذي يبرهن على الوجود ولا يصح أن نتخذ من الوجود برهاناً على الله.. تماماً كما نقول إن النور يبرهن على النهار .. ونعكس الآية لو قلنا إن النهار يبرهن على النور ..



يقول الله في حديث قدسي: ( أنا يُستدل بي .. أنا لا يُستدل عليّ ) ..



فالله هو الدليل الذي لا يحتاج إلى دليل .. لأنه الله الحق الواضح بذاته .. وهو الحجة على كل شيء .. الله ظاهر في النظام والدقة والجمال والإحكام .. في ورقة الشجر .. في ريشة الطاووس .. في جناح الفراش .. في عطر الورد .. في صدح البلبل .. في ترابط النجوم والكواكب.. في هذا القصيد السيمفوني الذي اسمه الكون ..



لو قلنا إن كل هذا جاء مصادفة .. لكنا كمن يتصور أن إلقاء حروف مطبعة في الهواء يمكن أن يؤدي إلى تجمعها تلقائياً على شكل قصيدة شعر لشكسبير بدون شاعر وبدون مؤلف.

والقرآن يغنينا عن هذه المجادلات بكلمات قليلة وبليغة فيقول بوضوح قاطع ودون تفلسف:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفواً أحد} سورة الإخلاص:1



ويسألنا صاحبنا ساخراً : ولماذا تقولون إن الله واحد ..؟ لماذا لا يكون الآلهة متعددين ..؟ يتوزعون بينهم الاختصاصات ؟



وسوف نرد عليه بالمنطق الذي يعترف به .. بالعلم وليس بالقرآن ..

سوف نقول له إن الخالق واحد , لأن الكون كله مبني من خامة واحدة وبخطة واحدة .. فمن الأيدروجين تألفت العناصر الاثنان والتسعون التي في جدول "مندليف" بنفس الطريقة .. "بالادماج" وإطلاق الطاقة الذرية التي تتأجج بها النجوم وتشتعل الشموس في فضاء الكون .

كما أن الحياة كلها بنيت من مركبات الكربون "جميع صنوف الحياة تتفحم بالاحتراق" وعلى مقتضى خطة تشريحية واحدة .. تشريح الضفدعة , والأرنب , والحمامة , والتمساح , والزرافة , والحوت , يكشف عن خطة تشريحية واحدة , نفس الشرايين والأوردة وغرفات القلب , ونفس العظام , كل عظمة لها نظيرتها .. الجناح في الحمامة هو الذراع في الضفدعة .. نفس العظام مع تحور طفيف ..والعنق في الزرافة على طوله نجد فيه نفس الفقرات السبع التي تجدها في عنق القنفذ .. والجهاز العصبي هو هو في الجميع , يتألف من مخ وحبل شوكي وأعصاب حس وأعصاب حركة .. والجهاز الهضمي من معدة واثني عشر , وأمعاء دقيقة وأمعاء غليظة والجهاز التناسلي نفس المبيض والرحم والخصية وقنواتها .. والجهاز البولي الكلية والحالب , وحويصلة البول .. ثم الوحدة التشريحية في الجميع هي الخلية .. وهي في النبات كما في الحيوان كما في الإنسان , بنفس المواصفات , تتنفس وتتكاثر وتموت وتولد بنفس الطريقة ..



فأية غرابة بعد هذا أن نقول إن الخالق واحد ؟ .. ألا تدل على ذلك وحدة الأساليب .ولماذا يتعدد الكامل ..؟ وهل به نقص ليحتاج إلى من يكمله ؟ .. إنما يتعدد الناقصون .ولو تعدد الآلهة لاختلفوا , ولذهب كل إله بما خلق , ولفسدت السماوات والأرض , والله له الكبرياء والجبروت وهذه صفات لا تحتمل الشركة ..

ويسخر صاحبنا من معنى الربوبية كما نفهمه .. ويقول أليس عجيباً ذلك الرب الذي يتدخل في كل صغيرة وكبيرة , فيأخذ بناصية الدابة , ويوحي إلى النحل أن تتخذ من الجبال بيوتاً , وما تسقط من ورقة إلا يعلمها , وما تخرج من ثمرات من أكمامها إلاّ أحصاها عدداً , وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه .. وإذا عثرت قدم في حفرة فهو الذي أعثرها.. وإذا سقطت ذبابة في طعام فهو الذي أسقطها .. وإذا تعطلت الحرارة في تليفون فهو الذي عطلها .. وإذا امتنع المطر فهو الذي منعه , وإذا هطل فهو الذي أهطله .. ألا تشغلون إلهكم بالكثير التافه من الأمور بهذا الفهم ..

ولا أفهم أيكون الرب في نظر السائل أجدر بالربوبية لو أنه أعفى نفسه من هذه المسؤوليات وأخذ إجازة وأدار ظهره للكون الذي خلقه وتركه يأكل بعضه بعضاً !هل الرب الجدير في نظره هو رب عاطل مغمى عليه لا يسمع ولا يرى ولا يستجيب ولا يعتني بمخلوقاته ؟ .. ثم من أين للسائل بالعلم بأن موضوعاً ما تافه لا يستحق تدخل الإله , وموضوعاً آخر مهماً وخطير الشأن ؟



إن الذبابة التي تبدو تافهة في نظر السائل لا يهم في نظره أن تسقط في الطعام أو لا تسقط , هذه الذبابة يمكن أن تغيّر التاريخ بسقوطها التافه ذلك .. فإنها يمكن أن تنقل الكوليرا إلى جيش وتكسب معركة لطرف آخر , تتغير بعدها موازين التاريخ كله.

ألم تقتل الإسكندر الأكبر بعوضة ؟

إن أتفه المقدمات ممكن أن تؤدي إلى أخطر النتائج .. وأخطر المقدمات ممكن أن تنتهي إلى لا شيء .. وعالم الغيب وحده هو الذي يعلم قيمة كل شيء .

وهل تصور السائل نفسه وصيّاً على الله يحدد له اختصاصاته .. تقدّس وتنزّه ربنا عن هذا التصور الساذج .

إنما الإله الجدير بالألوهية هنا هو الإله الذي أحاط بكل شيء علماً .. لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء . الإله السميع المجيب , المعتني بمخلوقاته.



من كتــاب/ حوار مع صديقي الملحد

للدكتور/ مصطفى محمود رحمه الله. ❝
2
0 تعليقاً 0 مشاركة
نتيجة البحث