إن أسوأ ورطة نقع فيها هى أن يستحوذ علينا أى شىء جداً ..... 💬 أقوال مصطفى محمود 📖 كتاب في الحب والحياة

- 📖 من ❞ كتاب في الحب والحياة ❝ مصطفى محمود 📖

█ إن أسوأ ورطة نقع فيها هى أن يستحوذ علينا أى شىء جداً حتى الفرح حينما فإنه يهزنا بما يشبه الحزن إننا من فرط خوفنا هذا لهفتنا يطول ذعرنا ينتهى نفرح بحزن بخوف الدموع تترقرق فى أعيننا إن فرحنا فرح أليم يرتجف يبكى الحب هو حب مُر غَيور ملتهب أعمى يبهظ صاحبه لدرجة أنه ينقلب إلى كراهية عداوة المُحِب يكره حبيبته حبه لها لأن يكلفه يرهقه يبهظه يؤرقه فهو يتمنى لو أنها تعذبت تألمت سهرت تشردت مثله يتمنى كانت شفا الموت نادته تحترق مدت له يديها لينقذها تعبده حباً يتمنع عليها تخلص يخونها عذابه يجعل مخيلته تموج بصور العداوة الإنتقام التشفي طعمه مالح حرّيف لاسع فيه نفوراً بغضاً بقدر ما إنه لعنة و الثراء فقر مدقع نفس الوقت الحواس حواس الغَنيّ المترف الشبعان المتخم الدفيان تتبلد تكسل أشواقه لهفاته لماذا يشتاق يتلهف كتاب والحياة مجاناً PDF اونلاين 2024 آخر أعمق البنت تحب رجلها بكل خبراتها وبكل تطورها وتاريخها وتبادله مسرات كثيرة لا حد وليس صحيحاً أول أعظم والصحيح أصغر وأكبر غلطة يرتكبها الرجل يتزوج

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
❞ إن أسوأ ورطة نقع فيها هى أن يستحوذ علينا أى شىء جداً .. جداً .



حتى الفرح حينما يستحوذ علينا جداً .. جداً .. فإنه يهزنا بما يشبه الحزن .. إننا من فرط خوفنا على هذا الفرح .. و من فرط لهفتنا على أن يطول .. و من فرط ذعرنا من أن ينتهى .. نفرح بحزن .. نفرح بخوف .. نفرح و الدموع تترقرق فى أعيننا ..



إن فرحنا جداً .. جداً .. فرح أليم .. فرح يرتجف .. فرح يبكى .. و الحب جداً .. جداً .. هو حب مُر غَيور ملتهب أعمى يبهظ صاحبه لدرجة أنه ينقلب إلى كراهية و عداوة ..



المُحِب جداً .. جداً .. يكره حبيبته من فرط حبه لها .. لأن حبه يكلفه و يرهقه و يبهظه و يؤرقه .. فهو يتمنى لو أنها تعذبت و تألمت و سهرت و تشردت مثله ..

يتمنى لو أنها كانت على شفا الموت و نادته .. لو أنها كانت تحترق و مدت له يديها لينقذها .. لو أنها كانت تعبده حباً و هو يتمنع عليها .. لو أنها كانت تخلص له و هو يخونها ..



إن عذابه يجعل مخيلته تموج بصور العداوة .. و الإنتقام .. و التشفي ..



إن الحب جداً .. جداً .. حب طعمه مالح حرّيف لاسع .. إن فيه نفوراً و بغضاً بقدر ما فيه من حب .. إنه لعنة ..



و الثراء جداً .. جداً .. هو فقر مدقع فى نفس الوقت .. فقر فى الحواس ..



حواس الغَنيّ جداً .. جداً .. المترف جداً .. الشبعان .. المتخم .. الدفيان .. تتبلد و تكسل أشواقه .. و لهفاته تكسل ..



و لماذا يشتاق .. و لماذا يتلهف .. و كل شىء بين يديه ..



و الجوع جداً يقتل حتى الإحساس بالجوع .. و ينتهي بموت الحواس .. و بشبع الفناء و قناعة الجدث الهامد ..



و الفقر جدا .. يؤدى إلى الاستهتار و الاسراف و الاستهانة بالرزق من فرط قلته .. و كما يقول المثل .. ضربوا الأعمى على عينه .. قال خسرانة .. خسرانة و على إيه حانوش إصراف ما فى الجيب يأتيك ما فى الغيب ..



و الشيخوخة جدا تؤدى إلى انحلال العقل .. و العودة بالتفكير إلى سذاجة الطفولة .. و هذيانها ..



و الضعف جدا .. يؤدى الى جبروت الشخصية و قسوتها .. و أصحاب العاهات جبابرة .



و القصار جدا .. بهلونات سيرك ..



و أدنياء الأصل طمحون طلابون للعلا ..



و أبناء الوجهاء عواطلية .



و الاستهتار بشدة يؤدى إلى التوبة .. و الرهينة ..



و الاغراق فى اللذة يؤدى إلى النفور من اللذة . و الارتداد إلى الدين و الصومعة ..



و الاستقامة بشدة تؤدى إلى الضيق بالاستقامة ..



و كل شىء يزيد على حده ينقلب إلى ضده ..



و جدا .. جدا .. هى الجرس الذى يدق لتنقلب الصفات على رأسها .. البركات تصبح لعنات .. و السيئات تصبح حسنات ..



السعادة ليست فى أن يكون عندك الكثير جدا ..



و إنما السعادة فى أن تحب الدنيا و الناس .. و أن تواتيك الفرصة لتأخذ بنصيب قليل من خيراتها ..



إن القليل الذى تحبه يسعدك أكثر من الكثير الذى لا تحبه .



و القليل يحرك الشهية .. بينما الكثير يميتها .. و بلا شهية لا وجود للسعادة ..



و القليل يحفز على العمل .. و فى العمل ينسى الانسان نفسه .. و ينسى بحثه عن السعادة و هذا فى الواقع منتهى السعادة .



و العمل تشحيم ضرورى للعقل و القلب و المفاصل .. و بدون العمل تصدأ المفاصل و يتعفن القلب و ينطفىء العقل .. و ينخر سوس الفراغ و البطالة فى المخ ..فتبدأ سلسلة من الأوجاع يعرفها أفراد الطبقة الراقية .. و يعرفها أطباء الطبقة الراقية ..



و لذلك أعتقد أن أسعد الطبقات هى الطبقة المتوسطة .. لأنها الطبقة التى تملك القليل من كل شىء , فهى ليست معدمة مفلسة كالطبقة الدنيا , و ليست متخمة كالطبقة الراقية ..



و لهذا فهى طبقة التى تملك الدوافع .. و الآمال .. و المطامع و المثل العليا .. و الأخلاق .. و الامكانيات ..



و هى لهذا .. الطبقة التى يخرج منها العلماء و الفنانون و العباقرة و الزعماء و الأنبياء ..



و من فضائل الوسطية أنها تضغط الطبقات و تذيبها فى عجينة متوسطة خصبة ..و تشغل جميع الأيدى بالعمل ..



إن المليون جنيه شتمه ..



و الذى يقول لى .. إلهى يرزقك بمليون جنيه ..كمن يقول لى .. إلهى يرزقك بكارثة ..



و تعالوا نفكر معا ..



لو أنى وضعت المليون جنيه فى بنك لكنت بهذا أرتكب جريمة بتجميد هذه الامكانية المادية فى رصيد باسمى .



و لو أنى أنفقته على نفسى لكنت بهذا أرتكب جريمة أبشع لأن إنفاق مليون جنيه على نفسى معناه أن لأتوقف عن كل عمل منتج .. و أتحول إلى مستهلك ينفق فقط .. و هذا معناه شلل كامل فى قواى الانتاجية ..



و لو أنى انتفعت بالمليون جنيه كرأسمال تجارى , فسيكون معناه استغلال ألف عامل .. و ملايين المستهلكين المساكين .. أتاجر بهم .. و أتاجر عليهم .. و أبتز أموالهم لمجرد أنهم لا يملكون إلا بضاعتى .. بينما أنا أملك كل الخامات التى يحتاجون إليها ..



إن المليون جنيه فى يد واحدة هى فى الواقع إمكانية ظلم لا نهائية لآلاف الأيدى التى لا تملك .. و إمكانية ظلم حقيقية لصاحبها لأنها تضعه فى قائمة الذين يملكون كثيرا جدا .. جدا .. و يخسرون من أرواحهم بقدر ما يكسبون لأرصدتهم ..



و لهذا فأنا أشعر بالسعادة .. لأنى رجل متوسط .. إيرادى متوسط .. و صحتى متوسطة .. و عيشتى متوسطة ..



و عندى القليل من كل شىء .. و هذا معناه أن عندى الكثير من الدوافع ..



و الدوافع هى الحياة ..



إنها الرصيد الذهبى لكل المكاسب الورق ..



إنها المتجمد فى خزينة كل إنسان .



إنها المتجمد الذى نفك منه كل يوم الرغبات التى نعيش بها ..



و نحن نعود فنفك هذه الرغبات إلى خبطات مادية .. و فرص نكسبها و نخسرها ..



و هذه الخبطات هى العملة الورق ..



أما الرصيد الحقيقى فهو الدوافع .



الدوافع فى قلوبنا هى حرارة حياتنا الحقيقية .. و هى الرصيد الذى يكون به تقييم سعادتنا .. لا تسألنى .. هل عندك صحة .. هل عندك ثروة .. هل عندك شهادة .. هلى عندك فرصة .. هل عندك أملاك ..



اسألنى سؤالا واحدا ..



هل عندك دوافع ..



فهذا أنا .. و هذه حقيقيتى التى بها تعرف حاضرى و مستقبلى و مصيرى و قيمتى ووزنى ..



و كل منا يوزن بقدر دوافعه و إرادته .. و عزمه .. و إصراره .. و قواه الحافزة ..



إن الذى يملك و فرة من الدوافع مثل الماكينة قوة مائة حصان .. أو العربة ستة سلندر أو الراديو عشرة لمبة أو التيار الكهربائى 200 فولت .



أما الذى يفتقر إلى الدوافع .. و يمتلك كثرة من وسائل الترف ووفرة من الصحة و العمر فهو حتى و لو كان مليونيرا لا يزيد عن ماكينة ضعيفة قوتها الدافعة 2 حصان أو عربة صغيرة 2 سلندر أو راديو ترانزستور أو تيار بطارية واحد و نصف فولت .



الدوافع هى الترجمة الحرفية لكلمة روح ..



عندك دوافع معناها عندك روح .. معناها عندك أمل .. طموح .. حب .. شغف .. شهية .. رغبة .. كل وسائل السعادة ..



إنى أدعو الله لقارىء هذه السطور أن يمنحه حياة متوسطة .. و يعطيه القليل من كل شىء .. و هى دعوة طيبة و الله العظيم .. دعوة نصوحة .. مخلصة لوجه الخير و الحب .



أدعو الله أن يقيه شر المليون جنيه .. و أن يحفظه من ملكية العمارات الشاهقة .. و الأبعديات العريضة ..



و أمى لم تكن تفهم الفلسفة .. و لكنها كانت تملك فطرة نقية تفهم معها كل هذا الكلام دون أن تقرأه .. و كانت تطلق عليه اسما بسيطا فصيحا معبرا .. هو .. الستر ..



و الستر معناه فى القاموس الشعبى .. القليل من كل شىء و الكثير من الروح ..



و أنا بعد ثلاثين سنة من التفلسف و قراءة المعاجم و المراجع و المصطلحات .. لم أجد أفصح من هذه الكلمة البسيطة .. الستر ..



و لهذا فأنا أطلبه لك كما كانت أمى تطلبه لى .. و أعتبر أنى بهذا أكون قد طلبت لك كل شىء ..



ملحوظة :



أنا متأكد أنك بعد قراءة هذه الكلمات سوف تمصمص شفتيك و تقول .. و إيه يعنى .. ما هو مفهوم الكلام ده ..



و مع هذا فإنك فى أول فرصة تقع فيها على كاديلاك 81 فى الشارع سوف تصرخ بلهفة وعيناك تخرجان من رأسك ..



يا سلام لو الواحد عنده عربية زى دى .. يا سلام يا ولاد .. يا سلام على كاديلاك و عمارة و مليون جنية .. يا خواتى .. و بحرقة أكثر من حرقة مطربى هذه الأيام سوف تكتشف أن كلامى العادى المفهوم لم يكن مفهوما .. و أنك لم تكن فى أى يوم فاهما لنفسك .



و أن حكاية الفهم .. حكاية طويلة و متعبة .. جدا .. جدا ..



د. مصطفى محمود . .



مقال : جداً .. جداً ..

من كتاب / في الحب و الحياة

للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝
1
0 تعليقاً 0 مشاركة
نتيجة البحث